​هشام باشراحيل وميراث "الأيام" ..نهج يتواصل أسسه الأولون

>
بصدور صحيفة "الأيام"  في السابع من أغسطس 1958 أرسى محمد علي باشراحيل مداميك الإعلام الملتزم لقضية عدن والقضايا الوطنية والقومية وحقوق الإنسان ، معتبرا أن تتابع الأحداث التاريخية الداخلية والخارجية سيشكل منهجًا لصحيفة "الأيام" لتقديم عدن من خلالها مدينة كل الأجناس والديانات ، الاستثناء في الموقع والتاريخ  والتنوع السكاني لها، وهو القادم من أوساط هذا التمايز المنسجم غير المتنافر.

وكان محمد علي لقمان قد رصد إطارا تاريخيا لصحيفة الأيام في سنوات عقد الستينات من القرن العشرين، ذلك القرن الذي كانت أبرز سماته  قوة النهج التحرري العربي ومعاداة الاستعمار الأجنبي ، وبروز الأنظمة العربية المتحررة والحضور النشط لجمال عبد الناصر وشعاراته الوحدوية  الذي أمتد تأثير حضوره ليغطي مساحة جغرافية وفكرية وسياسية من الخليج العربي حتى المغرب العربي، وما رافق ذلك من اشتداد الهجمات الأجنبية على التوجهات العربية التحررية.

ويشكل العام الأول لهذه الصحيفة عنوانا ومنهجا لذلك الرجل الذي  رسم مسارات هذه الصحيفة وترك موروثا وطنيا عروبيا لمضمونه الوطني الإعلامي والثقافي، خاصة إذا ما استرجعنا إلى المشهد اليوم أن صدور الأيام في عام 1958 قد توافق في عام  من أعوام الحرب الباردة بين قطبي الصراع الدولي " الاتحاد السوفيتي وأميركا" . ويجعل من هذا التزاحم في التحولات المتلاحقة أمام باشراحيل تحديا كبيرا في أن يرسم  موقفه ، ونهجه الوطني والإعلامي ومضمون وأبعاد ذلك الموروث الإعلامي الذي عهد لاحقا بإدارته حتى اليوم لأبنائه وأحفاده.

وفي الاتجاه الذي رسمه باشراحيل لحضوره كانت عدن حاضرة في نهجه ومواقفه ، بصورة لم تبرز بها هذه المدينة، فقد طرح باشراحيل  أمام المجلس التشريعي مفهوم "من هو العدني"، معتمدا في ذلك الطرح على ثوابت دينية وقومية تتميز بها هذه المدينة مختلفا فيه عن بقية الأعضاء العدنيين والأجانب في المجلس التشريعي، وطالب باشراحيل المجلس بحسم تعريف "من هو العدني" معززا من خلال هذا التعريف الانتصار لعدن المدينة المتعددة الوجوه والانتماء والعروق عبر التاريخ على قاعدة الثوابت الدينية والقومية.

وفي عام 1990 بعد أن عاودت صحيفة"الأيام" ظهورها من مدينة عدن تولى هشام باشراحيل رئاسة تحرير الصحيفة ، مستلهما الحضور الحي لوالده وملتزما بالثوابت الذي أسسها، وبرزت قضية عدن أكثر حضورا في أجندة هشام باشراحيل، خاصا وأن سنوات ما بعد الوحدة اليمنية قد ترافقت مع عدد من ملامح العبث بالأعيان الثقافية لمدينة عدن ، والتي تشكل لدى أبناء هذه المدينة عنونا حضاريا ، وميراثا تاريخية ، وتعدو المحافظة المعيارالأعلى للوطنية والشعور بالمسؤولية واحترام الإرث التاريخي للمدينة.

وكان هشام باشراحيل مبادرا لاستيعاب جهود المنظمات المدنية في الدفاع عن الموروث الثقافي ومؤيدا وداعما لها.

ولعل من أبرز ملامح هذا الدعم كان احتضانه في مقر الصحيفة لعدد من الفعاليات  بين الجهات الرسمية والمدنية ، وعلى الأخص في أثناء الانتشار العشوائي ومشروع هدم مكتب إدارة التربية وإعادة بنائه في مدينة عدن القديمة التي كان محافظ محافظة عدن وقتها في عام 2006  قد أصدر قرارا بإعلانها "مدينة تاريخية". وفي الاتجاه ذاته سخر هشام باشراحيل إمكانيات الصحيفة الإعلامية والفنية لتوثيق الوضع الثقافي العام.

وفي اتجاه آخر داعم لحقوق مدينة عدن ، وبعد تشكيل علي عبدالله صالح لجنة "باصره هلال" لحصر مظاهر العبث والاستيلاء على الممتلكات العامة لعدن ، مثّل هشام باشراحيل مرجعية داعمة لأهداف هذه اللجنة ، وجعل من مقر الصحيفة موقعا لمقابلات متعددة في الاتجاه الذي يخدم أهداف هذه اللجنة.

وتبقى الرواية الشفهية مصدرا ملهما لدى الكثيرين ممن عاصروا هذا الرجل ، وستشكل أطروحاتهم غنى غير منقطع في الكتابة عنه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى