​الجنائية الدولية تتهم السودان بالتراجع عن التعاون في ملف المطلوبين

> الخرطوم«الأيام» العرب اللندنية:

> الجيش السوداني يرفض وصول محققي المحكمة إلى البشير.

عادت من جديد الخلافات بين المحكمة الجنائية الدولية والسلطات في السودان بعد أن اتهمت المحكمة الخرطوم بعدم تقديم تعاون كاف بشأن المطلوبين في جرائم حرب في دارفور.

وعلا صوت المحكمة الجنائية الدولية للمطالبة بتسهيل عملها من قبل الخرطوم بشأن المطلوبين لديها بعد فترة هدوء في تصريحات الجانبين عقب ثورة ديسمبر 2019 والإطاحة بالرئيس المعزول عمر حسن البشير بعدها بأشهر.

وصرح مدعي الجنائية الدولية كريم خان على مدار الأيام الماضية بأن الحكومة السودانية منعته من لقاء المطلوبين لديها طالبا منها التعاون مع المحكمة.

وظل السودان على مدار السنوات السابقة إبان عهد البشير يرفض التعامل مع الجنائية الدولية واتهمها بأنها محكمة سياسية وأداة استعمارية، وحشد ضدها دولا أفريقية.

ووصفت دول أفريقية الجنائية الدولية بـ”التمييز والعنصرية” واستهداف القادة الأفارقة دون غيرهم، معتبرةً أن مسؤولين عن صراعات في منطقة الشرق الأوسط ومناطق أخرى لم تمتد إليهم يد المحكمة.

وبدأ كريم خان، زيارة إلى السودان، تمتد لخمسة أيام، لبحث سبل تعاون الحكومة السودانية في مثول المطلوبين أمام المحكمة.

 كريم خان يبحث سبل تعاون الحكومة السودانية في مثول المطلوبين أمام المحكمة
كريم خان يبحث سبل تعاون الحكومة السودانية في مثول المطلوبين أمام المحكمة

بداية التعاون

وأعلنت الحكومة السودانية، في فبراير 2020، أنها اتفقت مع حركات التمرد في إقليم دارفور، خلال محادثات سلام بعاصمة جنوب السودان جوبا، على ضرورة مثول المطلوبين لدى الجنائية الدولية أمام المحكمة.

وقال حينها المتحدث باسم مجلس السيادة الانتقالي في السودان محمد الفكي سليمان إن التوافق بين الحكومة والحركات المسلحة في دارفور على تسليم من صدرت بحقهم أوامر اعتقال من الجنائية الدولية، بتهمة ارتكاب جرائم حرب  وجرائم ضد الإنسانية، يشمل البشير.

وكانت السلطة آنذاك مشتركة بين العسكر والمدنيين إلا أن إجراءات قائد الجيش عبدالفتاح البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، أطاحت بـ”قوى إعلان الحرية والتغيير” (الحزب الحاكم سابقا)، وتولى البرهان السلطة منفردا مع قادة الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا في أكتوبر 2020.

وتطالب المحكمة الخرطوم بتسليم أربعة متهمين هم: عمر حسن البشير (78 عاما)، ووالي شمال كردفان السابق أحمد محمد هارون (57 عاما)، ووزير الدفاع السابق عبد الرحيم محمد حسين (73 عاما)، وعبدالله بندة (59 عاما)، أحد قادة المتمردين في إقليم دارفور غربي السودان.

ويشهد الإقليم، منذ 2003، نزاعًا مسلحًا بين القوات الحكومية وحركات متمردة أودى بحياة حوالي 300 ألف شخص وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.

تسليم المطلوبين

وأبلغ مدعي الجنائية الدولية كريم خان، مجلس الأمن الدولي، عبر دائرة تلفزيونية من الخرطوم الثلاثاء، أن السلطات السودانية رفضت وصول محققي المحكمة إلى البشير، ولاحقا طالبت 9 دول من أعضاء المجلس (من أصل 15) الخرطوم بالتعاون التام مع المحكمة.

ودعا خان الأربعاء، السلطات السودانية إلى التعاون في تنفيذ أوامر القبض الصادرة بحق الرئيس المعزول البشير (1989 - 2019) ومعاونيه، ولوح باللجوء إلى طرق أخرى لتحقيق العدالة.

وقال خان خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم، إن مهمتهم هي تنفيذ أوامر القبض بحق البشير ومعاونيه لمحاكمتهم بتهم تتعلق بالنزاع في إقليم دارفور.

ونفت الحكومة السودانية في اليوم ذاته أن يكون مدعي المحكمة الجنائية الدولية قد تقدم بطلب لمقابلة المطلوبين لدى المحكمة خلال زيارته إلى الخرطوم.

وقالت وزارة العدل السودانية إن خان لم يتقدم بأيّ طلب لمقابلة المطلوبين لدى المحكمة إبان زيارته الحالية إلى السودان.

واتهم سفراء 11 دولة غربية وبعثة الاتحاد الأوروبي الخميس العسكريين في السودان بالتراجع عن التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية منذ استيلائهم على السلطة في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي.

وذكر السفراء في بيان مشترك أن الحكومة الانتقالية السابقة عملت بشكل وثيق مع المحكمة الجنائية الدولية، إلا أننا نلاحظ تراجعا في هذا التعاون منذ الاستيلاء العسكري على السلطة في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021.

وفرض رئيس مجلس السيادة الانتقالي البرهان في ذلك التاريخ إجراءات استثنائية يعتبرها الرافضون انقلابا عسكريا، بينما يراها هو “تصحيحا لمسار المرحلة الانتقالية.

الجنائية الدولية تبعث برسالة تطمينية إلى الضحايا بتنفيذ أوامر القبض ضد المتهمين في جرائم الحرب ومحاكمتهم
الجنائية الدولية تبعث برسالة تطمينية إلى الضحايا بتنفيذ أوامر القبض ضد المتهمين في جرائم الحرب ومحاكمتهم

تنبيه للعسكر

مجلس الأمن يمكن أن يصدر عقوبات بحق العسكريين الذين يماطلون في عدم التعاون مع المحكمة

ويرى الخبير القانوني معز حضرة أن الزيارات المتكررة لوفد المحكمة الجنائية الدولية إلى السودان تحمل رسائل إلى المتهمين أنه لا يمكن الإفلات من العقاب وأن التهم لا تسقط بالتقادم.

وأضاف طالما أن هناك أوامر قبض صادرة من المحكمة فهذا يعني أن المحكمة تستمر في إنفاذها.

ولفت إلى أن الجنائية الدولية ترسل أيضا رسالة إلى الضحايا الذين قام رئيس المحكمة بزيارتهم في معسكرات النازحين في دارفور، وهي رسالة تطمينية بتنفيذ أوامر القبض ضد المتهمين ومحاكمتهم.

وأردف كما أنها تنبه العسكريين الذين يماطلون في تنفيذ أوامر القبض بعد تنفيذ الانقلاب حيث أكدوا (العسكريين) عدم تعاونهم مع المحكمة.

وتابع من الواضح أن العسكريين لا يرغبون ولا ينوون تنفيذ تسليم المتهمين وليس لديهم رغبة في محاكمتهم داخليا خاصة وأن المحكمة الجنائية دورها تكميلي.

وقال حضرة مدعي المحكمة الجنائية الدولية شرع فعلا في الخيارات الأخرى وأخطر مجلس الأمن بعدم تعاون الحكومة السودانية، وأنها لا تسمح له بزيارة المطلوبين في المحتجز، ومجلس الأمن سيتابع قراراته، ويمكن أن يصدر عقوبات بحق العسكريين الذي يماطلون في عدم التعاون مع المحكمة.

تسليم البشير

ويرى رئيس هيئة محامي دارفور(مستقلة)، صالح محمود أن زيارة وفد المحكمة الجنائية الدولية إلى السودان أعادت من جديد قضية دارفور إلى واجهة الأحداث العالمية.

وقال الزيارة أثبتت أيضا أن الكارثة والمأساة في دارفور لن تسقطا بالتقادم، َولا يمكن للقضية أن تختفي في الظلام.

واعتبر أن المهم في الزيارة هو إحاطة رئيس المحكمة إلى مجلس الأمن من الخرطوم وهي رسالة مهمة ولها دلالاتها.

وأردف هناك شكوك حول موقف الحكومة بشأن التعاون مع المحكمة، لكن في ذات الوقت اختفت نبرة العسكريين الحادة في عدم تسليم المطلوبين وعلى رأسهم الرئيس المعزول عمر حسن البشير ومعاونوه.

واستطرد قائلا أعتقد أن الطريق ممهد لتسليم البشير ومعاونيه إلى المحكمة.

الخرطوم ترفض طلب تسليم البشير
الخرطوم ترفض طلب تسليم البشير

مذكرات اعتقال

واندلع في إقليم دارفور سنة 2003 نزاع مسلح بين القوات الحكومية وحركات مسلحة متمردة، أودى بحياة نحو 300 ألف، وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.

وقرر مجلس الأمن الدولي في الحادي والثلاثين من مارس 2005 إحالة ملف مرتكبي التجاوزات في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية، في سابقة اعتبرت تاريخية، حيث كانت المرة الأولى التي يحوّل فيها مجلس الأمن ملف صراع إلى المحكمة الدولية للبت فيها جزائياً.

وأصدرت الجنائية الدولية في مايو 2007، مذكرات اعتقال بحق وزير الدولة السوداني للشؤون الإنسانية آنذاك أحمد هارون، وعلي كوشيب، أحد قادة ميليشيا “الجنجويد” المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور.

وأصدرت الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية بعدها بعامين، وتحديدا في مارس 2009، مذكرة اعتقال بحق البشير بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وهي أول مذكرة توقيف تصدرها المحكمة بحق رئيس دولة يمارس مهامه، منذ تأسيسها عام 2002.

كما أصدرت الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية في يوليو 2010 مذكرة اعتقال ثانية بتهمة “الإبادة” بحق البشير.

وأصدرت المحكمة في مارس 2012 مذكرة اعتقال بحق وزير الدفاع السوداني حينها عبدالرحيم محمد حسين بتهمة ارتكاب جرائم ضد مدنيين في دارفور.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى