عن هوشلية الأحزاب اليمنية

> بداية لا بد من التنويه بأن كاتب هذه الأسطر كان وما زال غير منتمٍ لأي حزبٍ من الأحزاب أو الحركات السياسية الموجودة باستثناء الانتماء الطوعي في الحراك الشعبي الجنوبي منذ انتهاء الحرب الاستعمارية على الجنوب، التي شنتها القوى الظلامية الشمالية في يوليو 1994، لذلك فما سأعبر عنه في هذه الأسطر (على عجالة) هو عبارة عن خلاصة رؤية تحليلية شخصية لتاريخ وواقع الأحزاب في اليمن شماله وجنوبه.

ظهرت الأحزاب بمفهومها المعروف في العالم بشكل عام كواحدة من نتائج الثورة الفرنسية في القرن السابع عشر، وذلك كبديل للتجمعات البشرية المبنية على المناطقية والقبلية والجهوية والعنصرية، التي لم تستطع استيعاب التنوع الفكري لدى البشر فكان أن تجمع البشر على أساس التشابه الفكري المستوعب لكل الناس بغض النظر عن الانتماء الجغرافي أو العرقي أو الديني وإنما على أساس من المنطلقات الفكرية والرؤية الموحدة لمستقبل الأمة أو الشعب وتحديد السبل السياسية للكيفية التي يجب أن تتبعها الدولة للوصول إلى الهدف المرجو للشعب أو الأمة.

من منطلق التنوع الفكري للبشر ظهرت وتفرعت فكرة وجود الأحزاب وظهرت الديمقراطية كحق دستوري فرضته حرية الإنسان وحقه في اختيار السلطة التي تحكمه، والتي يمكن انتخابها بناء على ما تقدمه الأحزاب من برامج تخص تطوير الحياة وتحسينها لمعيشة البشر، وبحيث يصل إلى السلطة الحزب الذي يحصل على أغلبية أصوات المنتخبين.

لن نذهب في تفاصيل تاريخ الحزبية في اليمن، لكن التاريخ يروي أن الجنوب العربي كان الأسبق زمنيا في نشوء الحزبية والأحزاب فيه (رابطة الجنوب العربي هو أول حزب سياسي في شبه الجزيرة العربية تأسس في 29 أبريل عام 1951م في مدينة عدن برئاسة السيد محمد علي الجفري)، وربما كان وجود المستعمر على أرض الجنوب حافزا أساسيا لحدوث ذلك.

نتيجة لانتشار الفكر القومي العربي الذي أسفر عن انبثاق الجبهة القومية لتحرير الجنوب التي اعتمدت الكفاح المسلح وسيلة لطرد الاستعمار، تلا ذلك وجود جبهة تحرير الجنوب اليمني في مطلع الستينيات، التي اعتمدت أيضا الكفاح المسلح ضد المستعمر.

اعترفت بريطانيا بالجبهة القومية وسلمتها السلطة في 30 نوفمبر 1967 واستمرت في حكم الجنوب، واستطاعت أن تتوحد مع القوى اليسارية في إطار الحزب الاشتراكي اليمني، وهكذا حكم الحزب الاشتراكي الجنوب حتى أعلن عن توقيعه على وحدة اندماجية مع ج.ع.ي في 22/5/1990 التي أجازت التعددية الحزبية، وكان نتيجة ذلك ظهور وتفريخ ما يقارب ثمانية وعشرين حزباً، وكان حزب المؤتمر الشعبي (حزب الرئيس) ومثله حزب الإخوان المسلمين (حزب الإصلاح) هما المسيطران على الأغلبية المطلقة في البرلمان نحو ثلاثين عاما، ووُزّعَت بقية المقاعد بنسبة لا تتجاوز بضع عشرات من المقاعد على بقية الأحزاب التابعة في فلك المؤتمر والاصلاح.

أثبت الواقع أن هذا العدد الهائل من الأحزاب إنما كان تثبيتًا للديمقراطية الكاذبة، لتصبح هذه الأحزاب مشاركة في اللعبة السياسية تحت بيرق الديمقراطية (الصالحية) و(الأحمرية)، وبذلك بقيت البلاد تحت الحكم العائلي ولم يستطع أي حزب أن يتجاوز الدور المرسوم له حتى بعد الثورة على نظام علي صالح وإسقاطه في 2010.

اليوم بعد ثمان سنوات من الحرب والتدمير وعجز القوى السياسية (الأحزاب) عن إخراج البلاد من أتون هذه الفوضى، وبعد هجرة قيادات هذه الأحزاب إلى العواصم المختلفة في خارج البلاد والتّنعم بالعيش المترف من مال الشعب الجائع، أعتقد وأجزم بأن من حق الشعب أن يقيِّم جدوى وجود هذه الأحزاب (جميعا) في حياتنا بعد فشلها سابقا ولاحقاً حتى اللحظة عن إصدار بيانات تستنكر فيه ما وصلت إليه البلاد والعباد من فقر وجوع ومرض وفوضى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى