عبدالله البردوني.. هذا المبصر في الزمن الأعمى

> أعظم مفكر عضوي عرفته اليمن في تاريخها من وطن اليسار، من صنع كبرياء ومجد للمثقف أمام الحكم، هو وحده فقط من أصبحت أشعاره فروضا لا فرضيات ومسلمات، بل أحيانا قوانين اجتماعية للتفسير والتنبؤ بظاهرة السلطة وديناميكية الفساد في بلاد الاستبداد الرعوي.
قيمته في مصداقيته لم يصب البتة بمرض مثقفي العروبة وهو مرض الازدواجية بين الخاص والعام.
البردوني هرم اليمن الوحيد بدون منازع، الكل يعرضه حجة أو يحاول اكتسابه معرفة وتثقيفًا، أليس هو القائل:
أسوأ حزب خير من ألف قبيلة
أليس هو المعارض القوي لوحدة قادها صالح؟، وهو القومي العروبي المؤمن بأن التنوع هو وحدة الشعوب وقلق الحكام محل إجماع الجميع، ومحل احترام الجميع البردوني وحده.
أسطورة معجزة شخصية تاريخية استثنائية، انحاز للشعب والقوى المنتجة للنور والفجر، جمهوري بل من أنبياء الجمهورية ورسلها الطهر.
هذا المبصر في الزمن الأعمى يشاهد كل شيء ماضيا وحاضرا ومستقبلا لكن بعقله الثاقب، لا يملك بصرا ولكن يملك بصيرة، وهو ليس منجما بل فيلسوفا.
يقرأ الظاهرة الاجتماعية من الداخل ولا يقف عند حدود المناهج المدرسية.
كان يفكر بحرية وعمق مستنطقا العوامل النبوية والجذرية، لذا طرح تساؤلات مستفزة أحيانا للعقل متحديا أي أحد، لكن في ساحة العلم والمعرفة.
كتابه «اليمن الجمهوري» عبارة عن تاريخ للثورة اليمنية، من منظور الفكر السياسي الوطني فهو تقدمي ليحمي التقدمية من التقدميين ثوري ليحمي الثورة كذلك من الثوريين، مجد عبدالناصر ومصطفى وسعيد إبليس والثائرين من قاع الأرض انتزاعا لكرامة وطن.
كان وسيظل ثورة وكفاحا وطنيا نحن كلنا بحاجة إليه، ماء الأرض الطيبة هذه يشربه الأنقياء من أبنائها، ليزرعوا أشجارا للطفولة العربية القادمة من وراء شمس الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.
اليمن والبردوني وجهان لعملة واحدة إذ يقول:
هذه كلّها بلادي وفيها
كل شيء إلاّ أنا وبلاد
ويقول:
فظيع جهل ما يجري
وأفظع منه أن تدري
ويقول:
يمانيون في المنفى
ومنفيون في اليمن
ويقول:
الجوع يمشي عاريا بين الجميع ولا يلام
والنفط يملأ أرضنا والناس تبحث عن طعام
وطن تبعثره المطامع والمصالح في الزحام
وعليه من أثر المواجع ما يقارب ألف عام.
*«خبير دولي في التنمية»

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى