قف وتأمل ربما ترى ما لا يراه الآخرون

> الحديث عن السياسة الخارجية جوهرها ومهامها ربما يطول الحديث فيه، ولكن يمكننا التطرق إلى مفهوم السياسة الخارجية والدور الذي تلعبه البعثات الدبلوماسية في تنمية العلاقات بين الدول، هناك البعض يخلط بين مفهوم السياسة الخارجية للدولة ومفهوم الدبلوماسية، فالدبلوماسية ظهرة بعد مؤتمر فيينا عام 1815م وحينها أطلق لفظ الدبلوماسي للدلالة على المهنة أي للأشخاص العاملين في السلك الدبلوماسي، وانتشرا بعدها التمثيل الدبلوماسي بين الدول، إلا أنه لا يفوتنا الإشارة إلى الرابط بين مفهوم السياسة الخارجية للدولة والعمل الدبلوماسي، لاشك أن هناك تداخلات وروابط وفوارق بينهما ويتضح ذلك من أن السياسة الخارجية تتمثل في أنها تعبر عن المنهج الذي تنتهجه الدولة في رسم علاقاتها الخارجية مع الدول، بينما الدبلوماسية هي أداة ووسيلة لتحقيق أهداف السياسة الخارجية للدولة وتمثيل مصالحها أمام الدول الأخرى، ويتمثل العائد الفعلي والإيجابي للعلاقات الدبلوماسية في توثيق عورا الصداقة بين الدول وتبادل المنفعة ورعاية وتنمية هذه العلاقة لما له في مصلحة البلدين، والعمل في البعثات الدبلوماسي هو وسيلة مهمة في تسخيرها للاستفادة من إمكانية تلك الدولة في تنمية القدرات الاقتصادية لدولة المبعوث بالإضافة إلى رعاية مواطنيها في تلك الدولة، وفقا لهذا المفهوم والمعايير الذي بتطلبها العمل في الخارجية والبعثات الدبلوماسية شرعة وزارة الخارجية إلى إصدار قانون ينظم العمل الدبلوماسي ويحدد متطلبات الكادر العامل في هذا المجال الذي يمكنه من إنجاز المهام الموكلة إليه، ولهذا يتوجب في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد اختيار الكادر المؤهل وذي الخبرة، ومن يملك من المهارات ما يمكنه من تمثيل البلد بأجمل صورها، وللعمل في البعثات الدبلوماسية يمكن الاستفادة من الكادر الذي عمل في المجال الدبلوماسي واكتسب الخبرة والمعرفة وأصبحت لديه الدراية والمقدرة على تحليل المعلومات ويملك المهارة في التفاوض وحسن التدبير، وأصبح فاهما ومطلعا على الشؤون الدولية متابعا للمتغيرات الدولية ليتمكن من الاستفادة من هذه المتغيرات واستقلالها لخدمة بلده ولتحقيق منهجية التوجه السياسي لبلده، إلا أن مفهوم العمل الدبلوماسي في بلدي أصبح بلا ملامح ذات ألوان متعددة، لا أفهم هل تناسوا أو نسوا أو أهملوها، لا نعرف الأسباب، ولكن نعرف أن وزارة الخارجية مسلوبة الإرادة وأصبحت اختياراتها محدودة وهامشية ولا تتحقق إلا فيما ندر.

العمل في البعثات الدبلوماسية في الوقت الحالي أصبح خالي المعايير واحتفظ بمعيار واحد تمثل في تحقيق رغبات ذوي الشأن من يملكون القرار دون الاعتبار لوزارة الخارجية، وأصبح من يعين للعمل في البعثات ليس لكوادر الخارجية وإنما لذوي المؤهلات الأخرى، وأعتقد أن التعيين في البعثات انحصر في مسائلة واحدة وهي تحسين وضع المعينين من غير كادر وزارة الخارجية وافتقد المعيار الأساسي الكفاءات ومصلحة البلد، ويمكن لأي شخص أن يتحقق من ذلك لو زار أي بعثة وقارن بين المبعوثين من كادر الخارجية مع المعينين من خارج كادر الخارجية في تلك البعثات. هنا نقف ونقارن بين الماضي والحاضر ففي الأمس كل العيوب والمخالب نحسبها على علي واليوم على من نحسبها؟

لماذا أصبحنا حائرين؟ لأننا مازلنا نعاني من نفس الكأس ولكن اختلف الرأس.

في الأمس اعتمدت المناصفة في الوظائف الدبلوماسية بين الجنوب والشمال فتنفسنا الصعداء وتفاءلنا خيرا بأن بعد اليوم لن تمس حقوقنا وستعاد الحقوق لأصحابها ولكن المناصفة تحققت فقط في الوثائق بالنسبة لكادر وزاره الخارجية الجنوبيين، وأصبح ذلك الأمل عبارة عن حلم تبخر مع طلوع الفجر ولم يستفد منها سوى إخوتنا وزملاؤنا من كوادر وزارة الخارجية من الشمال فيما استحوذ على نصيب الجنوب من خارج الكادر الدبلوماسي الجنوبي وتهميش كادر وزارة الخارجية في التعيينات، وبهذا استمر الظلم والتهميش للكادر الدبلوماسي الجنوبي كما كان في السابق، فهذا على مستوى رؤساء البعثات الدبلوماسية، ناهيك عن الظلم الذي يحصل في التعينات الأخرى والاستثناء لكوادر وزارة الخارجية للعمل في البعثات، فهل يظل التهميش لكوادر وزارة الخارجية الجنوبية مستمرا؟ وهل يمكن أن تحقق العدالة ونأخذ استحقاقاتنا، أم نظل على الهامش كما كنا وفقًا للعبارة المتداولة منذ عهد المخلوع (خيلك في البيت)؟ فهل ترى ما لا يراه الآخرون؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى