شلل الأطفال يعاود الانتشار في مناطق سيطرة الحوثيين

> هشام الشبيلي

> فوق الدمار الذي لحق بقطاع الصحة في اليمن والانهيار الذي سببته الحرب الناتجة من انقلاب الحوثي على الشرعية في صنعاء على منظومة الخدمات الصحية يواجه اليمنيون سلسلة من الأوبئة والأمراض الفتاكة بما فيها الأمراض التي تستهدف الأطفال والنساء.

وعلى رغم حجم الأضرار التي طالت القطاع الصحي جراء الحرب المدمرة فإن وزارة الصحة اليمنية استطاعت أن تصمد من أجل تقديم الخدمات للمرضى والمصابين، إذ شهد القطاع تعافيا ملحوظا خصوصا مع تعيين قاسم بحيبح وزيرا للصحة.
  • عودة الأمراض
في الآونة الأخيرة تعالت تحذيرات من تفشي عديد من الأوبئة والأمراض الفتاكة بعضها كان اليمن قد أعلن خلوه منها قبل أكثر من عقد، بخاصة في المحافظات الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران، وفي مقدمتها محافظات صعدة وعمران وحجة والمحويت وصنعاء.

وكانت الحكومة اليمنية الشرعية قد حملت الحوثيين مسؤولية تفشي هذه الأمراض، بسبب العراقيل التي يضعونها أمام تدفق الإمدادات الطبية ومنع تنفيذ حملات التحصين.

شلل الأطفال واحد من هذه الأمراض التي عاودت الانتشار في مناطق سيطرة الحوثيين وبدأ يفتك بالأطفال، وهو ما أقرت به الميليشيات الحوثية أخيرا.

وقال المركز اليمني لترصد الشلل الحاد التابع لوزارة الصحة الخاضعة لسلطة الحوثيين في صنعاء إن حالات شلل الأطفال بدأت تتصاعد بشكل كبير في عدد من المحافظات الخاضعة لها، "مما يشكل خطرا كبيرا وينذر بحدوث جائحة وتفش".

وأوضحت السلطة الحوثية في بيان أن "إجمالي حالات الشلل الرخو الحاد المكتشفة خلال العام الحالي بلغ 827 حالة".

وأضافت أن حالات الفيروس المتحور من النوع الثاني (cVDPV2) الواصلة خلال شهر أغسطس الماضي بلغت 183 حالة، منها 56 مخالطا و115 حالة إصابة من عام 2022.

وتوزعت الحالات المسجلة في المحافظات التالية ذمار "25 حالة" والحديدة "18 حالة" والبيضاء وصعدة "16 حالة" وصنعاء "15 حالة" وإب "13 حالة" والجوف "12 حالة" وعمران "11 حالة" وأمانة العاصمة "10 حالات" و"9 حالات" في مأرب ولحج و"7 حالات" في حجة و"6 حالات" في تعز وأبين و"3 حالات" في عدن والمحويت و"حالتان" من الضالع و"حالة واحدة" لكل من شبوة وسيئون.

وأوضح التقرير أن معدل الاكتشاف لحالات الإصابة 8.1 % لعام 2022 (الحد الأدنى ثلاثة لكل مئة طفل ما دون 15 سنة)، مبينا أن الحالات المسجلة في يوليو الماضي بلغت 105 حالات مقارنة بـ 62 حالة في يوليو الذي سبقه.

من جانبه قال أدهم عوض مسؤول إدارة الترصد الوبائي بوزارة الصحة في الحكومة المعترف بها دوليا إن "برنامج الترصد الوبائي لا يزال يعمل مركزيا لأسباب عدة من ضمنها استمرار دعم المانحين للمركز، وأن الإحصائية الصادرة عن المركز صحيحة كونها تجمع من كل المحافظات".

وأفاد "الحالات المعلن عنها من قبل المركز هي حالات الشلل الرخو الحاد، وهو يحدث في هذه الحالات بسبب حقنة عضلية خاطئة تسبب عطلا في الرجل أو سقوط الطفل على مؤخرته أثناء بداية تعلم المشي أو صدمة لأحد أعصاب الأطراف بسبب ضربة أو صدمة لهذا العصب تؤدي إلى ضعف وعدم القدرة على تحريك هذا الطرف أو خلل في الدماغ أو مرض "غيلان باريه" وهو مرض فيروسي يحدث فيه الشلل في الجسم من أسفل الأقدام حتى يصل إلى عضلات التنفس أو نقص الكالسيوم بسبب الجفاف الشديد وغيرها كثير من الأمراض التي تسبب هطلة أو رخوة لأعضاء الحركة عند الأطفال أقل من 15 سنة".
  • عوائق حوثية
وعن سبب انتشار شلل الأطفال بهذا الشكل المتصاعد، قال وزير الصحة في الحكومة اليمنية الشرعية قاسم بحيبح إن ميليشيات الحوثي هي السبب وراء ظهور حالات شلل أطفال مجددا في البلاد، كونها رفضت دخول لقاحات شلل الأطفال إلى المناطق الخاضعة لسيطرتهم.

وقال الوزير في حديثه لـ"اندبندنت عربية" إن ذلك "لا يعفي الحكومة الشرعية من المسؤولية في متابعة إيصال اللقاحات وتحصين أطفال اليمن أمام الأمراض الخطيرة".

وأضاف "مسؤوليتنا توفير الخدمات الصحية لكل المواطنين في اليمن، ونحن نتابع منظمة الصحة العالمية والمنظمات الأممية في إيصال اللقاح للأطفال في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية".
  • خطة وطنية للطوارئ
وفي وقت سابق أعلن بحيبح عن خطة وطنية للطوارئ وعن خطة استراتيجية لاستيعاب احتياجات القطاع الصحي، وفي استفسار من وزير الصحة عما تم في هذا الأمر قال "من خلال مصفوفة السياسات الحكومية المنفذة للتوجيهات الواردة في خطاب رئيس مجلس القيادة أمام مجلس النواب فأن وزارة الصحة تعمل مع الجهات الأخرى لعمل خطة وطنية للطوارئ".

وأضاف "حاليا تعمل الوزارة من خلال اللجنة العليا للطوارئ لمواجهة جائحة (كوفيد-19)، وكان لها الدور الكبير في تنسيق الجهود لمختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية لمواجهة الجائحة".

وبالنسبة إلى استيعاب احتياجات القطاع الصحي قال "حاليا يعد فريق من الوزارة مع الشركاء خطة على سنوات عدة لاستيعاب الاحتياجات كافة، وكذلك تسعى الوزارة من خلال خطتها إلى الانتقال من الجانب الإغاثي إلى الجانب التنموي".
  • الدور الرقابي
وفي ظل الحرب كثر الحديث عن وجود نشاط غير مسبوق في إنشاء المستشفيات والمراكز والعيادات الصحية، وبعضها يدار من قبل مستثمرين لا علاقة لهم بالطب، وحول هذا أكد بحيبح "لدى الوزارة إدارة عامة للمنشآت الخاصة تتبع قطاع الطب العلاجي ولديها قانون للمنشآت الخاصة، ولا يتم إصدار التراخيص إلا بعد استكمال كل الشروط المتضمنة في قانون المنشآت الخاصة، وكذلك وجود رقابة على المنشآت الخاصة بالنزول الميداني المفاجئ والدوري على المنشآت من قبل الوزارة والسلطة المحلية".

وعن دور الوزارة في تقييم مخرجات كليات الطب والمعاهد الصحية في ظل الحرب والفساد، وعن المعايير المتبعة بالنسبة إلى الملتحقين منهم بالمستشفيات الحكومية والأهلية، قال وزير الصحة اليمني "بالنسبة إلى مخرجات الكليات الطبية في الجامعات والتخصصات الطبية في كلية المجتمع فهي تتبع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتعليم الفني، ولدى وزارة التعليم العالي هيئة اعتماد وآلية رقابة وتقييم على مخرجات هذه الكليات، أما بالنسبة إلى التوظيف في المستشفيات فيتم بحسب شروط الوظيفة بحيث تكون الشهادات معتمدة من وزارة التعليم العالي، وإذا كان الخريج من خارج اليمن يتم عمل معادلة عبر لجنة المعادلات في وزارة التعليم العالي".
  • جهود لتحسين الخدمات الطبية
ويعاني اليمن منذ زمن انعدام الخدمات الطبية المتقدمة، وهو ما اضطر كثيرين من اليمنيين إلى السفر للخارج لتلقي العلاج، وتزايدت أعدادهم خلال سنوات الحرب، وعن أسباب هذه الظاهرة وخطط وزارة الصحة اليمنية لمعالجة هذا الأمر، أوضح وزير الصحة قاسم بحيبح "بالنسبة إلى سفر اليمنيين للعلاج في الخارج فهو ليس جديدا، لأن بعض التخصصات مثل زراعة الأعضاء وبعض الأمراض لا توجد إمكانات لعلاجها، ولكن وضعت الوزارة خطة لتوفير هذه التخصصات كي نخفف عن المواطن ونحد من السفر إلى الخارج، حاليا تجرى عمليات القلب المفتوح ويوجد مستشفى في حضرموت ومركز قلب في تعز، وقد كنا نسافر بالمرضى للخارج في فترات سابقة لإجرائها".

وعن دور وزارة الصحة في توفير الأدوية المجانية الخاصة بالأمراض المزمنة بما فيها نتائج مباحثات أجرتها الوزارة أخيرا مع منظمة الصليب الأحمر الدولي لتوفير جزء منها، قال بحيبح "إن وزارة الصحة توفر أدوية الأمراض المزمنة من أكثر من جهة سواء من المنظمات والمانحين أو من الموازنة العامة للدولة".
  • تدخلات صحية على رغم العراقيل
اشتكى كثير من المنظمات الدولية العاملة في المجال الصحي من العراقيل التي تضعها ميليشيات الحوثي أمام نشاطها في تقديم الخدمات الإغاثية في المجال الصحي، بما فيها اللقاحات ضد الأوبئة والإمدادات الدوائية لذوي الأمراض المزمنة، وحول تدخلات الحكومة اليمنية الشرعية ودورها في تقديم الخدمات الصحية للمواطنين الموجودين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، قال الوزير بحيبح "نحن الوزارة الشرعية ومسؤوليتنا توفير الخدمات الصحية لكل المواطنين في اليمن، ونعمل بالتنسيق مع المنظمات بتوصيل الأدوية وبخاصة محاليل الغسل الكلوي إلى كل المستشفيات والمراكز في المناطق التي تقع تحت سيطرة الانقلابيين".

واتهم الوزير الحوثيين بمنع حملة اللقاح ضد شلل الأطفال في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، مضيفا "نحن نتابع منظمة الصحة العالمية والمنظمات الأممية في إيصال اللقاح للأطفال الموجودين في المناطق التي تقع تحت سيطرتهم".
  • إعادة تأهيل القطاع الصحي
ألحقت الحرب التي أعقبت انقلاب الحوثيين على الحكومة الشرعية واجتياحهم العاصمة اليمنية صنعاء أضرارا فادحة على القطاع الصحي، وكشف عديد من التقارير الصحافية عن ضلوع الميليشيات في استهداف المستشفيات والسطو على كبريات المستشفيات الخاصة، وكذا احتكار خدمات المستشفيات الحكومية لصالح مقاتليها وحرمان بقية المواطنين من خدماتها، وحول الأضرار التي لحقت بهذا القطاع المهم بما فيها البنى التحتية والبشرية والخطط الحكومية لإعادة تأهيله وتجهيزه لخدمة اليمنيين، قال وزير الصحة اليمني "إن 48 % تقريبا من المرافق الصحية خرجت من الخدمة جزئيا أو كليا".

وأضاف "نعمل على إعادة تأهيل هذه المرافق بدعم من الأشقاء وصندوق إعادة إعمار اليمن".

وعن تقييم الوزارة تدخلات المنظمات الأممية والدولية في المجال الصحي والدور الذي يجب أن تقوم به، قال بحيبح "نعمل مع المنظمات كشركاء لتحقيق رسالة الوزارة وهي توفير الرعاية الصحية لكل المواطنين في عموم اليمن".

وفي مطلع العام الحالي دشنت وزارة الصحة اليمنية حملة تطعيم ضد فيروس شلل الأطفال، واستهدفت حينها أكثر من مليونين ونصف المليون طفل دون سن الـ 10 سنوات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية.
"اندبندنت عربية"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى