يموت الزمار

> تذكرت المثل العامي المصري الشهير (يموت الزمار وصوابعه بتلعب) حين كنت أقرأ مقال للأخ محمد غالب أحمد، يوجه فيه انتقادات للأخوين، نائب رئيس الجمهورية، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس قاسم الزبيدي والشيخ هاني بن بريك نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عندما ذكر كل منهما في مناسبتين مختلفتين اسم دولة الجنوب العربي.

نعتذر الأخ محمد غالب ومن على شاكلته من الجنوبيين ممن أصبحوا يعيشون خارج الزمن والجغرافيا الجنوبية، لأنهم لا يعلمون مقدار الوعي التي وصل إليه شارعنا الجنوبي ومقدار الألم الذي يتذوقه كل يوم بفعل السطو على هويته الوطنية في 1967م، ولعل المقام يستحق تذكيرهم بما قاله أحد الساسة البارزين ممن حكموا الجنوب وعاد بعد غياب طويل حين قال بعد لقاء بعدد من الشباب أقرب إلى المحاكمة قال (الناس تعلمت، على أيام حكمنا كانوا يستمعون ويصفقون لما نقوله).

نحن لا نرى في اليمننة نقيصة، فنحن نحب أبناء المملكة المتوكلية التي حملت اسم المملكة المتوكلية اليمنية في عام 1918م، عام نشوء اليمن السياسي على حساب اليمن الجهوي، ولم يكن الجنوب العربي جزءًا منها بالطبع، نحب صنعاء وتعز والحديدة وكل جغرافيا العربية اليمنية وآهلها، ولنا أصدقاء أعزاء في كل هذه الجغرافيا، لكننا لا نقبل أن يطبع أحد (صك ملكية) بيمننة الجنوب العربي ولسنا (فرع عاد إلى الأصل).

يخلط البعض بين الجنوب العربي الجغرافيا، وبين الكيان السياسي (اتحاد الجنوب العربي) الذي أنشأ في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، ومع ذلك فإن السلطنات والمشيخات التي لم تدخل هذا الاتحاد كانت طوابعها البريدية تحمل مسمى الجنوب العربي وكان علمها هو علم الجنوب العربي، وكانت تجري حوارات لالتحاقها بالاتحاد، أما الغباء الذي يحكم تفكير البعض بأن هذا الاتحاد صنيعة بريطانيا فلا يراه عاقل ضربا من العيب، فوحدة جغرافيا الجنوب العربي كانت هدفا لكل القوى الوطنية الجنوبية.

خلافا لما يعتقده الجهلاء، فإن لدى كل القوى الوطنية الجنوبية، وعلى رأسها المجلس الانتقالي الجنوبي، لديها حصر دقيق لكل جغرافيا الجنوب العربي شبرا شبرا، ولديها حصر دقيق بعدد السكان ومقدار النمو السكاني في الجنوب العربي حتى اليوم، صحيح أن اليمننة طالت حتى وثائقنا وأرشيفنا الوطني، لكن الذاكرة الجمعية الوطنية الجنوبية ما زالت تحتفظ بأرشيفها الخاص.

أعيدوا قراءة تاريخ الجنوب العربي يا رفيق محمد واخرجوا من تاريخ (الفرمانات الحزبية) التي كانت تمنع ذكر أحداث ورموز وطنية جنوبية كان لها باع طويل في العمل الوطني الجنوبي وفي الكفاح السياسي والعسكري من أجل الاستقلال، تلك (الفرمانات) التي شوهت تاريخنا وجعلته تاريخا مسخا لا ينصف ولا يشبع أجيال اليوم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى