عندما تكون الأطراف متباعدة

> لا شيء في مضمار الأطراف في الحرب اليمنية يوحي بإمكانية التقارب النسبي بين أطرافها، ويمكنك أن تقرأ ذلك من نمط تصريحات نارية لا ترجح الاتجاه صوب السلم، ومع ذلك فهي تعد من المشكلات المعقدة التي ينبغي إيجاد الحلول تجاهها وتجنبها، إلا أن الأماني شيء محال أمام تحديات الواقع المرير، ما يعني أن التفكير الجدي بالحلول لا بد من أن يأخذ بمقومات النجاح.

من الطبيعي أن تجد كل طرف يتمسك برؤيته ويسعى إلى استغلال ما لديه في لي ذراع الآخر، معطيات سنوات مضت تشير بكل معطياتها إلى حالة استغلال الوضع من طرف الحوثيين بما يمكنهم من استغلال الهدن ليس من أجل ترجيح قضايا إنسانية بقدر ما هو الحصول على الفرص والموارد التي تساهم في تدعيم إمكانياتهم العسكرية، وذلك ما تحقق من منظور ما أظهره عرضهم العسكري مؤخرًا في صنعاء من تنوع في الترسانة العسكرية، وهنا مكن أصواتهم العالية التي يسعون عبرها لفرض شروطهم من القبول بتجديد الهدنة التي يتعاطى معها الطرف الآخر بنمط من المداهنات بهدف الوصول إلى حل، ما يعني أن الثمن لذلك ربما يكون باهضًا من منظور الحسابات المستقبلية، فالبحث في نطاق الحال الراهنة عن الحلول الوسطية لا يبدو ممكنًا، ذلك ما يجعل الأزمة اليمنية متفاقمة وفق الكثير من المحللين، فعلى حد قول المثل الإنجليزي "إذا وقعت في حفرة فلا تسعى للحفر"، أي تعميقها.

في تقدير الكثير، الأمور باتت معقدة ومرد ذلك غياب الحلول السياسية التي يظل أمر بنائها مبنيًا على تقديرات افتراضية، ذلك ما أعطى الطرف الآخر المزيد من الوقت والفرص لوضع حساباته، بمعنى أن التفكير بالحلول من الزاوية الإنسانية لا يؤتى أكله في ظل واقع تخلقت معه معضلات كثيرة وحرب تلازمها حروب أخرى صغيرة هي من تبعيات الأزمة ذاتها، وهنا قد لا نجد صدى لتغليب الشق الإنساني، لأن الغايات تمر عبر تحرير الوسيلة من أي معايير إنسانية، من هنا قد لا تجد في واقع بهذه القتامة ما يوحي بمعطيات مغايرة للمألوف.

للأسف الهيئات الدولية، بما فيها مساعي المبعوث الأممي، لا تأخذ إلا بتلك العوامل التي لا يمكنها أن تشكل تحولًا في الوضع أكثر من هدنات هشة لا تقترب من الحل، بل تؤسس لتعقيدات أشد تتعاظم بمرور الوقت، فهل الاستمرار في ذلك يشكل طريقًا لبناء تفاهمات أو تقاربات بين الأطراف شديدة التناقض؟

الأمر اللافت أن الحوثيين في نطاق تعاملهم مع الوضع لا يعترفون بوجود طرف آخر بقدر ما يبنون تفاهماتهم مع التحالف حسب إعلامهم الذي يشير بكل جلاء إلى جملة اشتراطات يريدون فرضها بمعزل عن ترجيح الجوانب الإنسانية التي هي من أساسيات الهدنة، فما تكشف خلال الهدنات السابقة يشير إلى تجاوز الكثير من البنود وعدم تنفيذها رغم أنها في الأصل من العوامل الأساسية للتوقيع على الهدنة، وهو ما جعلها توصف بالهشة، فهل نرى تبدلًا في شروط التجديد لها، أم أن الأمور تتراوح عند نفس تلك البدايات غير الناجعة بما يجعل رحى الحرب بمؤشراتها المؤسفة هي قدر لا يمكن الفكاك منه إلا بمعجزات تحدث؟ وهذا ما لا يمكن توقعه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى