> لندن «الأيام» القدس العربي :
في النزاع العنيف الدائر بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والسعوديين حول النفط، قد تُجبر شركة بريطانية لتصنيع أنظمة السلاح، على الوقوف مع طرف على حساب الآخر.
وأضافت الصحيفة أن بريطانيا طالما كانت لها علاقة غير مريحة مع السعودية، إلا أن الحلف “غير المقدس” سيواجه امتحانا صعبا. وبعد ردّ الرئيس جو بايدن الغاضب على قرار “أوبك+” لتخفيض مستويات إنتاج النفط، يراقب عمال مصنع الطائرات المقاتلة التابع لشركة “بي إي إي سيستمز” في وارتون الواقعة على ضفاف نهر ريبل في لانكشاير، تداعيات قرار المنظمة النفطية.
وكان الرئيس الأمريكي يأمل في إقناع أكبر منتج للنفط في العالم، بزيادة مستويات إنتاج النفط على أمل خفض أسعاره، وسط زيادة معدلات التضخم ومخاوف من الركود العالمي. وحاول بايدن بناء علاقات مع الحاكم الفعلي للسعودية، ولي العهد محمد بن سلمان، والتي برزت من خلال “سلام القبضة” عندما زار مدينة جدة السعودية في يوليو الماضي. إلا أن بن سلمان تحدى بايدن عندما قررت مجموعة “أوبك+” تخفيض الإنتاج. وهو تحرك نظر إليه الأمريكيون على أنه وقوف مع عضو في المجموعة، وهي روسيا، ومساعدة لها كي تزيد من مواردها النفطية.
وفي الماضي، تعهد بايدن بجعل السعودية “منبوذة” على خلفية مقتل الصحافي في “واشنطن بوست” جمال خاشقجي عام 2018. وهدد بأن قرار “أوبك+” ستكون له “تداعيات”، وطالب ديمقراطيون بفرض حظر على مبيعات السلاح إلى السعودية لمدة عام.
كما ظلت الشركة محصنة في عملها هناك رغم النقد الموجه للسعودية في حرب اليمن، واستخدام مقاتلات “يوروفايتر تايفون” التي تنتجها الشركة في الحرب. وتعتبر السعودية الوجهة الأكبر لمنتجات “بي إي إي سيستمز” خارج السوقيْن الرئيسيْن لها وهما الولايات المتحدة وبريطانيا، وحصلت في العام الماضي على 2.5 مليار جنيه من سوقها السعودي. وتأتي المملكة في المرتبة الثالثة من سوق الشركة العالمي بنسبة 12% أي بعد الولايات المتحدة، بنسبة 43%، وبريطانيا، بنسبة 20%.
وتعمل الشركة اليوم في مجال الدعم والتدريب على الأنظمة والمعدات لسلاح الجو السعودي والبحرية. وتركز جهودها على الدعم لمقاتلات “تايفون” وتحديث مقاتلات “تورنادو” الموجودة في السعودية.
وتسلمت المملكة قبل فترة 22 مقاتلة “هوك” من إنتاج الشركة البريطانية، وهي طائرات من محرك واحد صممت أصلا للتدريب في السبعينات من القرن الماضي. وشاركت الشركة في إنشاء مختبر لتدريب المهندسين والرياضيين في جامعة “المجمعة”.
وتشير الصحيفة إلى أن الجائزة الكبرى والمنتظرة هي تخفيف ألمانيا موقفها المتشدد من تصدير السلاح للسعودية، وهو ما أدى لثرثرات حول عدد من الصفقات الدولية. وفي بداية هذا الشهر، نشرت الصحافة الفرنسية تقارير عن قرب بيع بريطانيا ما بين 48- 72 طائرة تايفون للسعودية، أي بعد أربعة أعوام من توقيع مذكرة النوايا بين البلدين. وصفقة كهذه قد تجعل مصانع الشركة في وارتون تعمل لمدة خمسة أعوام.
وربما كان هذا انقلابا لموقع تعود جذوره إلى بداية الحرب العالمية الثانية، عندما أعلنت وزارة الدفاع البريطانية عن بناء ثلاثة مدارج أصبحت مهبطا للطائرات الأمريكية عام 1942. وتشغل “بي إي إي سيستمز” حوالي 10 آلاف موظف في وارتون وبلدة سامبلزبيري القريبة، وحصلت على دفعة من حرب أوكرانيا، وزاد مخزون الشركة بنسبة 50% وتقدر قيمتها بحوالي 25 مليار جنيه إسترليني.
ولو انهارت العلاقة الأمريكية مع السعودية بشكل تام، فلربما يحفز ذلك الدول الغربية على إعادة تقييم علاقتها مع المملكة. وربما تم فحص الاستثمارات السعودية الهائلة في بريطانيا، بما فيها استحواذ الصندوق السيادي السعودي على نادي “نيوكاسل يونايتد” وكذا حصة السعودية في شركة صناعة السيارات الراقية “أستون مارتن” ومجموعة “فونيكس”، أكبر مزود للتقاعد في بريطانيا.
وتقول فرانسيس توسا، المحللة الدفاعية، إنه “حتى لو تصاعد الخلاف بين بايدن والسعوديين، فستكون بي إي إي معزولة عن ذلك، وربما تسلمت العمل الذي تقوم به الشركات الأمريكية للسعوديين. ولو استسلمت ليز تراس للضغوط الأمريكية فستحل الشركات الفرنسية في اليوم التالي”.