* مباراة من هذا النوع يلزمها التركيز والإعداد النفسي المثالي، بعدها يأتي الحديث عن المرونة التكتيكية للاعبين والأوراق الفنية الرابحة .. وفي وضع نفسي برشلوني مضطرب يصبح الحديث عن الجزئيات الصغيرة مهما للغاية ، لأنها دليل على أن لاعبي برشلونة كانوا مغيبين ذهنياً وتركيزهم انخفض إلى ما دون الصفر.

* كان التدفق الهجومي لفريق برشلونة بطيئاً للغاية ، والسبب حيرة لاعبي الوسط ، وعدم قدرتهم على مجاراة ديناميكية وشراسة لاعبي ريال مدريد .. كيف خطط الثعلب الإيطالي كارلو أنشيلوتي لتدمير برشلونة نفسياً وإخراج (تيكي تاكاه) عن فعاليتها المعهودة ، وعن مسارها التصاعدي الفعال؟

* الإجابة على هذا السؤال تلخص المشهد برمته و تابعوني من فضلكم :

* كان أنشيلوتي موقناً تماما بأن الإنتصار في ملعب سانتياجو برنابيو يمر عبر بوابة خط الوسط ، لذا جعل (تشاوميني) قفلاً في العمق وفالفيردي الرائع مداراً لكل مرتد خاطف وسريع ، وجعل من فينيسيوس طُعماً ، في حين أن الضربة القاصمة ستأتي من العمق وليس من أي رواق.

* قد يظن أغلبكم أن أنشيلوتي حافظ على رسمه المفضل (3 - 3 - 4) وهذا صحيح على الورق ، أما داخل الملعب ، فقد كانت شاكلته تضج بالكثير من المتغيرات التكتيكية والفنية ، والفضل في هذا الثراء يعود لأهم لاعبين : فالفيردي وكريم بنزيمه.

* لقد كان أنشيلوتي يراهن على مرونة (فالفيردي) في التحول السريع من الرواق الأيمن إلى العمق ، لتضييق المساحات على خط وسط برشلونة ، وعندما تضيف إلى هذه الجمركة التكتيكية ثقلاً آخر من نوعية (كريم بنزيمه) الساقط إلى الخلف قليلاً نصبح أمام صيغ مختلفة فيها الانكماش الاستراتيجي المدروس والتمدد العملي الخاطف والسريع ، عند امتلاك الريال للكرة يتحول هذا التراجع إلى شلال هادر وعاصف لا يمكن للأشياء إلا الإنحناء أمامه.

* بالطبع هذا (عمل جبار) قبل أن تشكل المرونة التكتيكية ، منطلقه ومستقره ، تبقى الحالة الذهنية هي من تحدد مستوى الوعي التكتيكي للمباراة ككل .. من قال أن كلاسيكية أنشيلوتي (موضة قديمة) ، فهو مخطئ تماماً من منطلق أن الإيطالي الثعلب يعلم أن اللياقة الذهنية يجب ، بل يلزم أن تتناسب طردياً مع اللياقة البدنية ، لاحظوا أنه مع تضاعف سرعة الكرة الحديثة تصبح عملية تضييق المساحات حلاً للمزاوجة بين عمليتي الإمتداد والإرتداد.

* برشلونة افتقد كثيراً لحيوية تسريع إيقاع اللعب ، هذا لأن الحالة المزاجية لتشافي انعكست على لاعبيه ، فشاهدنا (تيكي تاكا) عرجاء سلبية دون فعالية.

* من دون جدال لعب الأستاذ أنشيلوتي (مباراة شطرنجية) أمام التلميذ استخدم فيها نقلته الرهيبة (كش ملك) ، ففتك بكل (بوديجارد) البلوجرانا في شوط واحد ، ثم ترك برشلونة يبحث عن نفسه ، قبل أن تتحسن ملامحه القاتمة مع نزول السريع (إنسو فاتي) بدلاً عن عثمان ديمبلي الأرعن.

* ريال مدريد بنبوغ وعقلية ومرونة لاعبيه أكدوا لنا مجدداً ، أن كرة القدم نتيجة ، وليست استعراضاً واستحواذاً ، ومن يرغب في الاستعراض فليذهب إلى (السيرك) هناك سيجد مبتغاه.