الرمال ثروة فمتى تنفعنا؟

> الثروة في بلادنا تهمة بلا طعمة، يكثر الحديث في بلادنا عن الثروات ويكثر في بلادنا عدد الفقراء والجوعى باضطراد ، والحقيقة أن تعايش الثروات والفقر والمجاعة هي خلاصة تجربة هذا البلد وبالذات في الستين السنة الأخيرة.

إن تجارب تعايش غنى الثروات الضخمة مع الفقر المدقع وعدم الاستقرار المستدام ظاهرة خلقتها النخب والأنظمة السياسية الفاشلة ولنا قدوة حسنة مع تجارب دول مثل نيجيريا وفنزويلا والعراق وليبيا وغيرها كثير من البلدان الغنية بالثروات والفقيرة والمتخلفة للغاية، وبالمقابل هناك بلدان فقيرة بالثروات وغنية السكان وكوريا الجنوبية مثال عالمي ملهم.

تعتبر الثروة المعدنية عنصرا هاما من عناصر الثروة الوطنية وعنصرا أساسيا من عناصر توليد المنتوج الوطني الإجمالي وإحدى الدعامات الأساسية التي ترتكز عليها التنمية الاقتصادية للدول والكيانات الاقتصادية الحديثة بما تلعبه من أدوار في تطوير الصناعة وبالتالي التنمية وخير مثال على ذلك الصين وروسيا واللتان تحوزان موارد معدنية هامه تحتل مكانة مرموقة في سوق المعادن النادرة دوليًا .

وتوجد في اليمن العديد من خامات المعادن والصخور الصناعية وبكميات كبيرة ونوعية جيدة ومنها الحجر الجيري، الجبس، البرلايت، البيوميس (حجر الخفاف)، الملح الصخري، الأطيان الصناعية، الحجر الرملي السيلكي، الاسكوريا، الزيولايت، الفلدسبار، الكوارتز، رمال السيلكا، بالإضافة إلى أن اليمن يتميز بوفرة أنـواع أحجار البناء والزينـة وبمواصفات عالية كالجرانيت والجابرو، الرخام، البازلت، التف والإجنمبرايت ، وقد بلغت مساهمة صناعة التعدين في تكوين المنتوج الوطني الإجمالي حوالي 13,9 ٪ في عام 2010م.

كما تعد الرمال من الموارد الطبيعة التي وجدت بشكل حر أو تكونت على مر ملايين السنين وقد وجدت له استخدامات في الماضي وله استخدامات حديثة مهمة للغاية في الصناعات الحديثة كإنتاج الزجاج والأمنيوم والكرستال وغيرها.

كثر الحديث في الأيام الأخيرة حول الرمال السوداء التي هي عبارة عن رواسب شاطئية تكونت على مدار ملايين السنين وهي ذات لون أسود وثقيلة تتكون على الشواطئ ومجاري الأنهار والسيول، وتتوفر بكميات كبيرة في محافظة حضرموت في منطقة ميفع حجر منطقة السفال كما تتواجد أيضا في محافظة شبوة منطقة حبان.

وتستخدم الرمال السوداء في الصناعة وينتج منها عدد من العناصر الثقيلة التي لها طلب كبير في السوق العالمية وتدخل في صناعة السيارات والطائرات والتكنولوجيا والسيراميك والبطاريات، كما تحتوي الرمال السوداء أيضا على عدة أنواع من المعادن الثقيلة مما يخلق فرص للتصنيع المحلي والتصدير إلى الخارج وزيادة الحصيلة من النقد الأجنبي.

يجدر ذكره هنا قيام عدد من الأنشطة الاستكشافية والاستخراجية للرمال السوداء في حضرموت وإقامة مصنع في منطقة توافر الرمال في عام 2018م وهي بادرة مبشرة فيما إذا تم الالتزام بقانون المناجم والمحاجر رقم 22 لعام 2010م في عمليات الترخيص والاستثمار والتصنيع والتصدير حيث تحتوي الرمال السوداء على 41 عنصر مشع و 6معادن اقتصادية لها استخدامات صناعية مختلفة تستخدمها الدول في التنمية الصناعية الحديثة وبالتالي تتميز الرمال السوداء عموما بقيمة اقتصادية وتعدينية مرتفعة جدا وذلك بسبب غناها بالمعادن الاقتصادية والعناصر المعدنية النادرة ونتيجة لأهميتها الصناعية في ظروف الصراع الدولي الجاري وبالذات الحرب الروسية الأوكرانية والتي تسببت في شحة المعروض في السوق العالمية من المعادن الضرورية للصناعات المهمة والحديثة فإن أسعارها في السوق العالمية باتت في ارتفاع مستمر.

إننا نناشد السلطات الحفاظ على الثروات من النهب وسوء الاستخدام وضياع الفرص ونوصي:

. الالتزام بقانون المناجم والمحاجر في استثمار الثروة المعدنية وثروة الرمال وبالذات السوداء.

. العمل بقانون الاستثمار كمحدد أساسي للاستثمار المحلي والأجنبي وذلك من أجل الاستفادة القصوى من عوائد الاستثمار.

. وقف تصدير المعادن بشكلها الخام لأن سعرها بخس للغاية مقارنة بتصديرها مصنعة والذي ستكون مصدر هام للعملة الصعبة.

. إلزام الشركات باستخدام جهاز فصل نهائي للمعادن الثقيلة والحفاظ على تلك المعادن السيادية والثمينة وتصديرها دون معرفة السلطات بطبيعتها وأهميتها.

. وقف استخدام الثروات المعدنية مثل الرخام والأحجار الكريمة والرمال السوداء في أعمال البناء والإنشاءات وفي الصناعة لأن ذلك يتسبب في هدر قيمة مضافة محتملة.

. ضرورة الترويج للثروات المعدنية والخامات المعدنية من أجل جذب الاستثمارات إلى هذا القطاع للإسهام في عملية التنمية وخلق فرص عمل للشباب من سكان مناطق الثروات.

السؤال الذي يفرض نفسه هل نستطيع استغلال الثروات المعدنية والرمال السوداء لصالح الإنسان والتنمية أو أن تلك الثروات ستبدد كما تبددت ثروة النفط والغاز؟ وهل سنسير على دروب الدول الفاشلة في توظيف الثروات لصالح السكان وتعايش الثروات والتخلف والفقر جنبا إلى جنب؟.

*رئيس مؤسسة الرابطة الاقتصادية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى