الضربات المميتة

> حالة الناس في هذا البلد يرثى لها، سكان أغلب بلدان الأرض يسعون للتقدم إلى الأمام وسكان هذه الأرض يأمل بالعودة اثني عشر عامًا إلى الوراء، أي إلى ما قبل عام 2011م، فبعد حرب ثمان سنوات تراجعت مؤشرات الاقتصاد ومستوى مؤشرات الحياة حوالي 25 عامًا إلى الوراء.

اليوم بعد أن ساد الناس أمل بالتحول من حالة الحرب إلى حالة من هدوء القتال برز تحول أخطر من الحرب خلال ثمان سنوات وهو حرب وقف نهائي للاقتصاد وتأسيس منحنى ونهج جديد في موت سريع لكل مقومات الحياة الاقتصادية والإنسانية وتسريع عجلة الفقر والمجاعة والهلاك لأكثر من 30 مليون إنسان.

إن رفض تجديد الهدنة والشروع بحرب جديدة تتمثل بالهجوم الحوثي على مينائي الضبة والمشيمة في الثامن عشر والتاسع عشر من أكتوبر المنصرم، قد وضع البلاد والعباد في مواجهة أخطار جديدة مميتة، وذلك تطور خطير للغاية.

إن ضرب مرافق ومؤسسات إنتاج وتصدير النفط والغاز هو بداية لحرب تلتهم الأخضر واليابس وتقضي علي أي أمل وتفاؤل لسكان هذا البلد المغلوب على أمره.

كيف يفكر المتحاربون في مستقبل البلد وهم يسعون إلى هلاك كل مقومات التنمية وكل مصادر الدخل؟ هل يفكر هؤلاء بتأثير كل ذلك على مستقبل التعايش الذي يجب أن يكون أولوية على ما عداها من مصالح خاصة ضيقة؟ هل قيادات المتحاربين يمكن أن يفكروا بمستقبل تعايش الأجيال القادمة وكيفية إرساء سلام وأمن واستقرار في ظروف تدمير كل مقومات الحياة ومقومات العيش المشترك في ظلال سلام عادل ومستدام؟

العالم يراقب بذهول كيف ما يسمون بقادة هذا البلد يقودون شعبهم إلى الهلاك والتدمير، والعالم لا يهمه أمرنا إذا نحن لم يهمنا أمرنا كسكان عاجزين عن إحداث أي حركة توقف المتحاربين عند حدهم.

إن آثار تلك الضربات خطيرة وسوف نلمس ذلك قريبا وقريبا جدا من خلال تأزم اقتصادي واجتماعي ومعيشي يضرب المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة عدن، ومن المتوقع إحداث أزمة اقتصادية وتمويلية حادة وعجز في الميزانية العامة يجعل الحكومة غير قادرة على صرف المرتبات للموظفين المدنيين والعسكريين، وسينهار سعر صرف العملة مقابل العملات الأجنبية بشكل خطير، الأمر الذي سيقود معه إلى عجز عن تمويل الاستيراد وعدم القدرة على توفير الحد الأدنى من السلع الأساسية، مما سيفاقم من الفقر والمجاعة لبلد هو في الأساس ثالث أكبر بلد في العالم من حيث عدد السكان الفقراء والعاجزين عن الوصول للغذاء.

إن الوقوف بصمت أمام هذا التطور الخطير في النزاع سوف يعقد مستقبل البلد ويصعب من إمكانية التعايش والعيش المشترك والانتقال من حالة الحرب إلى إحلال السلام الدائم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى