تعول أسرة بعد فقدها للعائل.. طفلة تعمل في إصلاح الدراجات

> محيي الدين فضيل

> بين المدرسة ومحل والدها، الذي قُتل بضربة طيران قبل ست سنوات، تقضي الطفلة ربيعة سيف (12 عامًا)، من سكان إحدى قرى مديرية المخا، بمحافظة تعز (جنوب غرب البلاد)، مع أشقائها الأصغر منها، وكذا أبناء عمها الذي تُوفي هو الآخر في حادث مروري - قبل سنوات- يومها في الدراسة والعمل الشاق في إصلاح الدراجات النارية وتنظيف السيارات.

تبدأ ربيعة يومها في الصباح الباكر بفتح المحل لاستقبال الراغبين في إصلاح دراجاتهم العاطلة وصيانتها قبل أن تغادر، قبل الثامنة نحو مدرستها لتلقِّي التعليم حيث تدرس في الصف السادس من المرحلة الأساسية، فيحل مكانها بعضٌ من أشقائها وأبناء عمها الذي يتلقّون التعليم في فترة الظهيرة، يغلق المحل وقت ذهاب الأولاد إلى المدرسة ظهرًا فتعود ربيعة لفتحه بعد العصر وهي من تقوم بإغلاقه مع حلول الظلام بعد يوم شاق من العمل المنهك.

على هذا المنوال وفي هذه المهنة، التي لا تناسب سنّها وتكوينها، تنفق ربيعة الكثير من وقتها في مهنة لم تكن يومًا من اختيارها، بل دفعتها ظروف الفقر واليُتم وعدم وجود دخل ثابت تقتات منه هي وأسرتها الكبيرة في منطقة مضطربة واحتراب لم ينتهِ، المحل تشرف عليه جدتها لأبيها، وتشرف أيضًا على ربيعة وأشقائها وأبناء عمّها العاملين معها في المحل.


تقول ربيعة لـ"خيوط"، أنّ العمل في محل إصلاح الدراجات يحقّق لها ولأشقائها وأبناء عمّها بعضًا من الاحتياجات التي يعتمدون عليها في تسيير حياتهم القاسية، لا سيما أنّ مهنة صيانة الدراجات النارية هي المهنة الوحيدة التي في متناولهم وتسهم في توفير متطلباتهم في البيت وفي المدرسة، فيما تنشغل جدتهم، إلى جانب إشرافها عليهم، برعي الأغنام في الوديان بعد فقدان الأسرة لعائلها في الحرب، حيث تسهم مهنة الجدة هذه إلى جانب دخل المحل، في تحقيق بعض متطلبات البيت".

يقع المحل، الذي هو في الأصل "بنشر" لتعبئة الإطارات بالهواء، على الخط الرئيس المؤدّي لمدينة المخا، ويتعامل ملّاك السيارات والدراجات بكثرة معه بسبب الخدمات المتنوعة التي يقدمها المحل، مثل التنظيف والصيانة الخفيفة، ولا يخلو الأمر من حالة تشجيع للطفلة، وأشقائها وأبناء عمومتها على كسب العيش الكريم.

وعن المصاعب التي تواجهها من اشتغالها بهذه المهنة، تقول ربيعة: "إنّ أبرز المصاعب -غير ضغط العمل الذي يقلل من هامش وقتها لمراجعة الدرس- هي ارتفاع التكاليف بسبب الغلاء، ممّا يضطرها لرفع الأسعار لمجابهة هذه المشكلة، وهذا الرفع يقلل من الطلب على خدمات المحل".

كلُّ أمنية ربيعة أن يكبر أشقاؤها ويتولّون العمل مع أبناء عمّها في المحل، ليتمكّنوا من الإنفاق على الأسرة، فيما تنشغل هي بأعمال المنزل، وإكمال دراستها، على أمل أن تجد مع أشقائها وأبناء عمّها دعمًا خاصًّا، يخفف عنهم عبء الحياة ومشاقها.

يندرج عمل ربيعة وأشقائها وأبناء عمها في محل البنشر وإصلاح الدراجات وتنظيف السيارات، ضمن عمالة الأطفال التي أنتجتها ظروف الحرب، ويقدر تقرير لمنظمة العمل الدولية أنّ 4 ملايين طفل يمنيّ محرومون من أبسط حقوقهم، وأنّ 34 % ممّن يعمل من هؤلاء الأطفال، تتراوح أعمارهم بين (5-17) عامًا في وقت يقول المدير الإقليمي لليونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أنّ هناك 2700 طفلٍ تجنّدوا للقتال في حرب الكبار، في تحقيق قامت به المنظمة الدولية، وأنّ أكثر من 6700 طفل قُتلوا أو أصيبوا بجراح بالغة، كما أُجبِر حوالي 1,5 مليون طفل على النزوح من مناطقهم الأصلية إلى مناطق أخرى.

وأشارت المنظمة الدولية إلى أنّ 7 ملايين طفل يخلدون للنوم كل ليلة وهم جياع، وفي كل يوم يواجه 400 ألف طفل خطر سوء التغذية الحادّ، ويتعرّضون لخط الموت في أي لحظة، كما أنّ أكثر من مليونَي طفلٍ لا يذهبون إلى المدرسة، أمّا الذين يذهبون إلى المدرسة، فيواجهون تعليم ذات جودة متدنية داخل غرف صفية مكتظة.

«خيوط»

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى