ما خفي كان أعظم

>
أذكر في عهد عفاش حين وضعت الخطط لسفلتة الطرق على اعتبار أنها من عوامل تشجيع الاستثمار خصوصا في عدن وما زعموا حينها أنهم بصدد الانتهاء من تجهيز مشاريع البنى التحتية، أن تنفيذ مشاريع الطرق أوكل لبعض المسؤولين في الأمن وغيرهم، وتم التنفيذ بطريقة عشوائية وما أن سقطت الأمطار حتى تبين حجم العيوب الفاضحة التي تعاني منها عدن حتى الآن، وهكذا الحال في مشروع رص الشوارع بالأحجار، كل المشاريع لم تكن تخضع لمناقصات نزيهة ولا جهات متخصصة، الأمر الذي بدد موارد مالية كبيرة في اتجاهات خاطئة، ما دعاني لاستحضار ما حصل حكاية المنح الدراسية التي خصصت أولاد المسؤولين وهي حالة ليست مفاجئة في واقعنا، فالأمور لم تخضع لأي معايير بقدر ما هي بالتوصية.

الحال الذي أحرم أبناء عامة الناس من الطلاب المتفوقين من إمكانية الحصول على هذا الحق يعني أن مخرجات التعليم في الخارج هي من بطانة أبناء المتنفذين الفاشلين ممن لا اجتهادات لديهم، وهو سبيل ساهم في نمط آخر من التوريث يمتد إلى تفاصيل كثيرة منها الوظائف خصوصا المميزة، فلو تم حصر نموذج منها لتبين ما هو أفظع، فتلك الأماكن هي حصر بهؤلاء أيضا، خذ مثلا على الصعيد الدبلوماسي هنا تجد كل السفارات في الخارج من طيف أبناء المسؤولين دون أن تكون هناك معايير الكفاءة، فمثلا تجد ملحقا ثقافيا شبه أمي وملحقا تجاريا أو إعلاميا لا صلة له بهذا النشاط مطلقا، والمثير أيضا أن مثل تلك الأعمال لا يتم تدويرها بمعنى أنك ملحق إعلامي يمكنك أن تظل كذلك لعقود، فالمهم الحكاية مسميات بمرتبات كبيرة ولا مجال لاختراق تلك الحقول من العامة مهما كانت مستوياتهم.

من جانب آخر لما ذهبنا إليه من تخصصات ووظائف العمل في النفط والمعادن تجدها لا تختلف عن ما سلف، حتى أن الدراسة الجامعية في بعض التخصصات مثل النفط والقضاء ليس للعامة فيها نصيب إلا فيما ندر، بمعنى أن سعي أي كان للوصول إلى السلطة هو الباب الذي يهيئ لك تحقيق أشياء كثيرة وهي دائرة يتم التدوير فيها على كل من يرتبطون بالسلطة، زاد من حدة الأمر سنوات الحرب التي جردت هؤلاء من أي قيود حتى أن التباهي بما لديهم بات أمرا طبيعيا لا يثير الخجل.

واقع وصل معه الحال إلى شعورهم بالاستعلاء، بل يخالطهم يقين أنهم خلقوا بشكل مختلف عن العامة طالما أتتهم الدنيا بكل شيء دون عناء أولادهم من طينة مميزة.
للأسف يتم البناء في سنوات العبث على تدمير كل شيء جميل، والواجهة في كل مفاصل السلطة هي من مجموع تلك الأسماء والقرابات يسرقون كل شيء حتى الابتسامة من أطفال العامة، ويقتلون الأمل لدى البسطاء ويفعلون ذلك بكل صفاقة واستعلاء، لأن لا مجال للمحاسبة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى