صناعة العنوان.. دولة حضرموت

> اتسمت فعالية 20 ديسمبر في سيئون بضعف وضآلة الإقبال عليها رغم الحملة الإعلامية، ما يؤكد استشعار غالبية حضرموت أنها استغلال إخواني لأرشيف نخبوي حضرمي أكثر منه عمل جدّي صادق لحضرموت مستقلة.

اتكأ الإعلان والترويج الإعلامي لدولة حضرموت على روافع إخوانية واضحة غير خفية فكان من أسباب ضآلة الحضور فيها، ثم جاء خطابها الرسمي يطالب رئيس مجلس الرئاسة "العليمي" بأن يعلن وبسرعة إقليم حضرموت، فتأكد للأغلبية أن الدعوة موضوعا وهدفا وإعلاما إخوانية، هو نفس ذات ما ظلوا يطالبون به الرئيس "منصور" بإعلان الإقليم. لا جديد إلا محاولة تغرير بعض الحضارم باستقلال حضرموت.

مع انكفا مشروع الإخوان في الشرعية ويأسهم أن تظل "عنوان" لمشروعهم وبعد تفويض "هادي" الذي لا رجعة فيه، وهزيمة تمرد مليشياتهم في شبوة والضغط الحضرمي بخروج قوات "أبو عوجا" بدا الإخوان يبحثون في الأرشيف الحضرمي عن "عنوان" يستنفر الذاكرة الحضرمية ويخفون مشروعهم خلفه كعادتهم لتسويق بضاعتهم، فمع تأسيسهم في اليمن اتخذوا انقلاب "ابن الوزير" الهاشمي عام 1948م عنوانا، بل أكدوا أنهم من صاغوا إعلانه الدستوري، واتخذوا من مسمى التيار الإسلامي "عنوان" من جمهورية السلال حتى جمهورية عفاش للشراكة في السلطة وفي تصفية الخصوم واحتموا بجسم المؤتمر الشعبي باسم التيار الإسلامي ووصفهم محمد اليدومي "حزب الرئيس وقت الشدة"، ثم اتفق الرئيس وشيخ الرئيس على إشهار التجمع اليمني للإصلاح للتحلل من اتفاقات وتفاهمات الوحدة تمهيدا للغدر بالطرف الجنوبي وغدروا، وظل حالهم حتى وقع الطلاق السياسي للتحالف الاستراتيجي مع عفاش حين اتضحت معالم الحرب على الإرهاب وأدرك عفاش أنهم عبء سياسي واستراتيجي عليه، فنسوا أفضاله وأن نظامه كان الروافع الوحيدة والقوية لمشروعهم، وقالوا ويقولون فيه أكثر مما قال "مالك في الخمر"، فالتفوا حول "عنوان" اللقاء المشترك وجعلوه عنوانا إخوانيا.

هدف الزوبعة في حضرموت هو انقلاب على شرعية المجلس الرئاسي كالانقلاب في مأرب والجوف، فاتخذوا عنوانا كان جزءا من رؤية نخبوية حضرمية في الخمسينيات فشلت فاستغلوه علّه يجلب التفافا حضرميا لمساومتهم: إما نكون نحن في حضرموت، أو تكون حضرموت دولة، في تخلٍ سافر عن ركن الوحدة الذي جعلوه من أركان الدين كالصلاة، لمنع استقلال الجنوب وحضرموت منها، ولم يعد استقلال حضرموت في فقههم من أركان الدين في نكوص لا أخلاقي عما يدّعونه ثوابت دينية ووطنية يغيّرونها حسب مقتضيات طلبهم.

ويسرّبون أن لديهم دعما من التحالف لفصل حضرموت ويقصدون السعودية، وأنها ستدعم القبيلة الحضرمية لتكون حزاما أمنيا على حدودها، لكن السعودية أذكي من تجريب المجرّب، فقد اتخذت القبيلة العصبوية الزيدية في شمال الشمال حزاما أمنيا منذ أن وضعت حرب الجمهورية/ الملكية أوزارها فاخترقتها الحركية الحوثية وحولتها سلاحا طائفيا لا حزاما أمنيا على حدودها ورددت الصرخة الحوثية وصارت جزءا من المشروع الإيراني، أما في الجنوب العربي وليس في حضرموت فقط فلم يعد صوت "الداعي القبلي" هو الأقوى ولن يصمد طويلا تجاه الحروب الطائفية والإرهابية ونشاط الأحزاب والتكتلات ولم تعد شيوخ القبائل ومقادمتها هم أهل "الحل والعقد" كما كان الحال من قرن من الزمان، لذا فإنها إن جرّبت المجرّب مع القبيلة الجنوبية والحضرمية منها فستخترقها تيارات الإسلام الحركي من إخوان وإرهاب وداعش وأنصار شريعة وقاعدة جزيرة العرب.. إلخ وكلها ستربض على حدود المملكة مثلما اخترقت الطائفية الحوثية القبيلة العصبوية على حدود شمال الشمال وربض المشروع الإيراني على حدودها، و "كأنك يا بو زيد ما غزيت"، ولا أعتقد أن استشعاراتها سطحية إلى هذه الدرجة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى