الكلمات

> الكلمة لها فرسان يعرفون كيف يروضونها ويجعلون منها موضوعا أو قصة، فهم ببساطة يفهمونها يغزلون معانيها في قلوبهم ويخيطونها في عقولهم؛ لتخرج لنا على أشكال منها المفيد ومنها الثمين ومنها الوجيز كلها لأجل أن تخبرك بقصة قد تنزل دموعك وقد تجلب إعجابك وقد تسعدك وقد تمر من أمامك من دون أن تحدث فيك أي تأثير، لكن تبقى في الأخير مجرد كلمات لا يصح أن نحملها فوق ما تطيق.

الكلمات تمتلك قدرة محدودة وأحيانا قدرات مجهولة وهي تخدم بإخلاص من يعرف كيف يمتطيها وكيف يقودها في مختلف المسالك ليجعل منها عنوانا يجذب الناس يطرب خيالهم ويدغدغ مشاعرهم ويتلمس مواضع الألم في قلوبهم؛ ليخفف عنهم وأحيانا لينسيهم مرارة الواقع ليضع أمام أعينهم فجر أمل جديد فيه من البشائر ما يسرهم ومن الابتسامة ما يجعلهم سعداء ومن الأحلام ما يجعلهم يركضون للإمساك بها حتى ولو كانت سرابا والعيش في نعيمها. كل ذلك وأكثر هو ما تفعله بضع من الكلمات فينا فنحن مهما ما فعلنا لا نستطيع أن نقاوم بريقها ولا يمكننا الفرار من قوة ونفاد سحرها.

الكلمات تعطينا كل شيء يمكن الإحساس والشعور به، فهي تستطيع أن تذرف دموعنا بغزارة وتستطيع أن تخرج من العدم ابتساماتنا، فهي أحيانا تعلمنا كيف نعيش وأحياناً تعلمنا كيف ننطق ليس لكي نتكلم فجميعنا يستطيع الكلام ولكن لكي يفهمنا الناس ويحسنوا بما تفيض به قلوبنا من مشاعر، وهي من يقوم بفعل ذلك ليس لأننا أمرناها وأخدنا منها المواثيق لتقوم بذلك.

الكلمات لا تخضع لنا ولا تخضع لتعليماتنا ولا تعنيها قوانيننا، فهي تفعل ذلك لأن القلب هو من أسرها فصارت لديه أسيرة وليس لدى الأسير أي حقوق يعترف بها، فالأسير فقط أداة ووسيلة ينفذ كل ما يطلب منه من دون أي اعتراض أو تذمر، فيحمل كل ذلك أحيانا طائعة وأحيانا مكرهة لأجل أن يكون لسانا فصيحا وترجمانا ينقل عنك حقيقتك كما تحب للغير أن يراها.

*"قاضي في محكمة صيرة الابتدائية"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى