العفريت

> يقفز بطريقة سحرية، يعبئ جيوبه بصورة مذهلة، يخطف "القروش" مثل الصقر يخطف الحمامة، خبير في الشحاتة، متفوق في جامعة "السُّحت"، يغسل المال بسرعة البرق.

يأتيك بِعرش "اللصوصية" قبل أن تقوم من مقامك، نهّاب متمرّس، سارق محترف، يسحرك أنه يأكل من ماله، بينما يأكل أموال الناس بالباطل.

هو عفريت حاذق، جوّال في كل الأمكنة، زوّار يغشى الولائم، ومجالس القِسْمَة، عاشق الصفقات، يتودّد من أجل يحظى بمكرُمة.

إذا جنّ الليل يبدأ يعد المكاسب ويحصي الهدايا والهِبات، ويخطط للتطفيف، يكيل إلى جيبه، وجيب الشعب فارغ، يلتهم المال مثل الضبع الجائع، ويشربه كشرب الهيم.

أبكى المواطن، أحْرَق قلبه، جفّف معايشه، تركه يهيم على وجهه، طلّع لهُ الغُصّة، والمعدة والمرارة، أتعب كَبِدَه وأرهق قلبه ودمّر عقله.

عفريت يشفط النفط، ويقضم الكهرباء، ويركل التعليم ويضرب الصحة، ما سلم منه اليتيم ولا الفقير ولا المسكين ولا الأرملة، ولا المطلقة، ولا المعوّق، ولا ابن الشهيد، ولا الطفل ولا الكهل، وأن (الحبارى) لتموت في أوكارها من طغيانه وشؤمه.

ليت الشعب يقبض عليه، قد يجده في دهليز مرفق، إو تحت طاولة مكتب، أو في حُجرة منسيّة، أو فوق كرسي وثير، قد يجده في بنطلون وكرفتة، أو معوز وشال.

يا شعب اقبض على العفريت، أنت من سيؤدبه، وتلقّنه درساً، وتزيحه عن كاهلك.

أخرُجْ ناديهِ بأعلى صوتك، قُل له تعال يا (عفريت الحكومة) اخرج الى جَنابنا.. أتحسب أن لن يقدر عليك أحد؟

تعال، الشعب يريد القصاص ..كفى نهب، دمّرت حياتنا يا طريد من الجنّة وملعون والديك.

تعال، أنت ورفاقك وأعوانك يا مجرم، يا معلّم الناس الشرور والفجور.

تعال يا كبيرهم الذي علّمهم السحر.

أين الرواتب، أين العلاوات، أين الكفالات أين الإعانات، أين المعاشات، يا من عشت على أكتافنا ومصيّت لحمنا ودماءنا، يا عقور يا دبور يا بيت الشرور.

أين الكهرباء يا جحُر العُتمة؟ أين الماء يا نزيف المشاعر؟، أين الدواء يا مريض من التُّخمة؟، أين الدقيق يا شابع مندي؟، أين حليب الأطفال الجياع وأنت طعامك كامل الدسم؟، أين السُكّر، يا مذبوح من السُكّري؟ أين الزيت والزبادي يا من إدامك لحم الكباش وقِرَب السمن والعسل؟

يا شعب اعزلوه ، وانصبوا له ميزان العدالة.

عفريت الحكومة لم يرحمنا، فليس له عندنا رحمة.

إنهم عفاريت كُثُر، ستجدونهم خائفين وجِلين، خاشعين من الذُّل، تعرفونهم من ماء وجوههم المُراق.. "ولتعرفنّهم في لحن القول"، تحسبهم أسياد وهم عبيد، أوداجهم منتفخة وضمائرهم ضامرة.

نعلم أن الحرب خلقت أزمات، وجاءت بنكبات، والاقتصاد انهار، والدولار نطح الريال، لكن العفريت فتح الباب للصوص، ومكّن للمجرمين، وبقي هو المؤثّر ينهى ويأمر، يقدّم ويؤخّر.

أفقر الشعب كما فعلت الحرب.

وابتلع المِنَح، وزَرَدَ الودائع والموازنات.

لون العفريت وريحه من لون وريح كل الأحزاب والهيئات والكيانات.

أي ثورة كبيرة قادمة ستندلع للإطاحة بالعفريت وأعوانه، ستكون ثورة ضد العفاريت.
خاص بـ"الأيام"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى