​المراقب السياسي: القضية الجنوبية «رهينة حرب»

> كتب/المراقب السياسي:

> ​تحليل يكشف خلافات واتفاقات الشرعية والانتقالي والتحالف
> تصريحات د. رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، واضحة وضوح الشمس "حل القضية الجنوبية بعد انتهاء الأزمة اليمنية" بمعنى أن الحل للجنوبيين سيكون بعد العام 2038م وقضيتهم أصبحت "رهينة حرب".

هناك أحاديث خاصة يتداولها الديبلوماسيون في الرياض، نقلاً عن د.رشاد العليمي، مفادها أن اللواء عيدروس الزبيدي وافق على تأجيل حل القضية الجنوبية إلى ما بعد انتهاء الأزمة اليمنية، على الرغم من أن الزبيدي لم يقل هذا ولا مرة واحدة سواء للديبلوماسيين او حتى للمقربين في أحاديثه الخاصة.

تتوقع مراكز الدراسات ان تنتهي الأزمة اليمنية داخليا بحلول العام 2038م إذا لم يتم حسمها عسكريا من قبل أي من الأطراف المتصارعة ويأتي هذا التوقيت بحساب لمدة الأزمة، لتبديد كميات السلاح والأموال المخزنة لدى أطراف الصراع على اعتبار توقف تغذيتها من أطراف خارجية ووصول تلك الأطراف إلى حالة من الإنهاك تجعل من السلام مخرجا مقبولا لها. ويشترط هذا التوقع أيضا توقف تمويل الأطراف الإقليمية لأطراف الصراع جميعها أو وصول الأطراف الإقليمية ماليًا إلى الإفلاس بسبب مصروفات الحرب.

المملكة العربية السعودية تفاوض الحوثيين في محاولة للوصول إلى سلام بأي ثمن يخرجها من حرب اليمن ولكن مشكلتهم الكبرى هي كيف يقومون كدولة ذات سيادة بتوقيع اتفاق سلام مع جماعه إرهابية، بحسب تصنيف المملكة ذاتها لهم.
المخرج الوحيد أمام المملكة هو أن تقوم الأمم المتحدة بالتوقيع عوضا عنها أو في أدنى الحالات الشرعية اليمنية.

المفاوضات التي تجريها السعودية مع الحوثيين تشمل الحدود والثروات الطبيعية للشمال والجنوب تحديدا، حيث يطالب الحوثيون أن تكون رواتب موظفي الدولة من إيرادات النفط في حضرموت وشبوة وليس من المملكة. وللتشديد على هذه النقطة تم ضرب ميناء الضبة النفطي وضرب محطة بلحاف لتوقيف تصدير النفط والغاز.

هجوم ميناء الضبة الذي تحمل الحوثيين المسؤولية عنه علنًا بدأت تتكشف اليوم خيوط قيام طرف ثالث بالهجوم وليس الحوثيين.
بحسب الاتفاق السابق مع المجتمع الدولي والأمم المتحدة فقد التزمت الشرعية بدفع الرواتب بحسب كشوفات 2014م لكن الحوثيين غيروا من ذلك الى ليشمل الدفع كل موظفيهم.

الفوضى الحاصلة اليوم ليست عشوائية وإنما لها ضوابط ومُحددات أهمها منع انفصال الجنوب، فكل ما يجري من فساد وإفساد مالي وإداري وسياسي في المناطق الجنوبية ليس بمعزل عن هذه الفوضى المنظمة.
حديث السفير السعودي عن الوديعة السعودية بأنها ليست لعدن وإنما لليمن كان مستغربًا، فالوديعة أودعت لحساب البنك المركزي الذي يعمل للجمهورية اليمنية وليس للجنوب فلماذا التشديد على أنها ليست لعدن؟ هل هي رسالة؟ ولمن؟

أمام كل ما سبق يتضح جليا بأن الجنوب أصبح هامشيًا في نظر الجميع ويجب تأجيل حل قضيته، ليس إلى انتهاء الأزمة اليمنية، وإنما إلى ما بعد توحيد جميع الفصائل الشمالية التي ستقوم بمواجهتها كفريق واحد.
على الجنوبيين أن يتذكروا أنه من الأفضل ان يكونوا في موقع الهجوم على كافة الأصعدة وليس الدفاع، فقد أضاعوا ثمان سنوات حتى الآن بعد انتصار 2015 م،الذي كان يجب أن يتبعه الاستقلال مباشرة لو كانت هناك قيادة جنوبية حقيقية.

هناك مسؤولية قومية اليوم على اللواء عيدروس الزبيدي وأعضاء المجلس الانتقالي الجنوبي في لم شمل الجنوبيين بأسرع وقت وإعلان موقف صريح من كل ما يجري، فالانتظار في أبو ظبي أو الرياض لن يجدي نفعا إذا ما تم الاتفاق السعودي الحوثي فعندها ستوجه جميع القوات الحوثية وتلك التي ستتحالف معها إلى الجنوب وسيقف الإقليم والعالم متفرجين بحجة عدم خرق الاتفاق.

الخروج من وضع "الرهينة" لن يتأتى إلا بتوحيد الجنوبيين حول مشروعهم الوطني عبر ضمان الحقوق والمصالح الأساسية لكل الجنوبيين في النظام القادم، فلا أحد يريد العودة إلى الماضي بكل سلبياته،وإنما يتوق الجنوبيون إلى دولة نظام وقانون يكون فيها الجميع سواسية في الحقوق والواجبات.. أما من ارتأى البقاء على الهامش وعدم الوقوف في المقدمة في هذه المرحلة الخطيرة سيطويه النسيان قريبا.

"التمثيل الوطني" هو القاعدة الذهبية التي نضعها اليوم أمام اللواء عيدروس الزبيدي والقادة الجنوبيين أجمع فلا ينفع أن نتغنى بتمثيل المحافظات في الهيئات وهم مهمشون بل يجب أن يكونوا أصحاب قرار وهنا ستكون القطيعة مع الماضي الأليم، الذي يتذكره كل جنوبي من أعمال التهميش والأحقاد التي تسببت بها.

وبداية التمثيل الوطني هي بإعادة تشكيل الفريق التفاوضي للمجلس الانتقالي ليضم عناصر مُمثلة لكل الجنوب من كافة شرائح المجتمع وليس الدفع بعناصر حزبية لا تفقه في فن السياسة شيئا. ولنا في اتفاق الرياض 1 و 2 الكارثيان أفضل مثال لفشل الفريق سياسياً وعسكرياً.
الفريق التفاوضي للمجلس يجب أن يعاد تشكيله اليوم ليضم عناصر من المستقلين والمشايخ والسلاطين ومكونات الحراك وفريق فني سياسي من غير أعضاء المجلس الانتقالي ممن همشوا على الجانب منذ العام 2015م وعلى الجميع أن يكونوا من المؤمنين بحق الجنوب في الاستقلال وهذه هي البداية لتوحيد قوى الجنوب.

المجلس هو المكون الأكبر وعليه مسؤولية ضم الجميع لتوزيع المسؤولية التاريخية اليوم وفضح المنافقين أصحاب المصالح الضيقة الذين سيرفضون مثل هذا العرض.
على الجميع اليوم العمل على ضمان مصالح القوى الفاعلة في اليمن فلايمكن تجاهل دولة بحجم السعودية وتغليب العقل هو الوسيلة لتحويل موقف السعودية باتجاه الجنوبيين.

الجنوبيون في الداخل قد تجاوزوا عقلية الزمرة والطغمة و العنصرية المقيتة، التي تحاول جميع الأطراف الأخرى اليوم إيقاظها وإشعالها لتحطيم هدف الجنوبيين ليس إلا.. وعلى السياسيين الجنوبيين اليوم التفكير بعقلية جديدة بعيده عن رواسب الماضي.. وعليهم اليوم الدفاع عن قيادتهم السياسية كلها فالطرف الأخر يشن حربا، منذ أمس الأول ضد الزبيدي تحديدا وأخرون، والهدف ليس إقناع الداخل وإنما تأليب القيادات السعودية ضد المجلس الانتقالي وكل ما هو جنوبي.

من حق الجنوبيين انتقاد ساستهم في أي وقت لكن عليهم ألا يسمحوا لأي كان من خارج نطاقهم أن يمسهم بكلمة. فالناقد الجنوبي هدفه إصلاح الوضع والناقد الخارجي يهدف إلى تدمير مشروع الجنوب المصيري.
يجب على هؤلاء الساسة الجنوبيين اليوم العمل من الداخل وبالقوة على إصلاح الاقتصاد، لتوفير بيئة جاذبة والخدمات والأمن والإدارة في محافظات الجنوب.

أما في صنعاء فالطرف الأخر، الحوثيين، يقطفون اليوم ثمار تمردهم على العالم أجمع الذي سيكافئهم بتاج الحكم لليمن كاملة من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال.. فما الذي يمنع الجنوبيين من فعل الشيء نفسه، طالما وأنه أتى بنتيجة جيدة جدا، بل وممتازة للحوثيين، فما صلح للحوثيين يصلح لأي طرف في المعادلة اليمنية وهو المعمول به على مر التاريخ فالقوي على الأرض هو صاحب السيادة ولا ينزل الحاكم بمظلة من الخارج على مر التاريخ.
استعدوا.. لان سكوتكم اليوم سيؤسس لاستمرار معاناتكم، فالحرب داخل اليمن ماهي إلا في بدايتها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى