صاح الديك

> شكونا ظلم الحاكم، وبقي لنا من الصبر الشيء القليل، لكن زدنا إلى قوة صبرنا قوة، وقلنا لعلها الحرب، سبب البؤس القائم، ومددنا في المُهلة، واستجبنا للتحديات بمزيد من الصبر، وما ارعوى الحاكم ولا راجعت نفسها الشرعية، هتفنا:

حتى متى لا ترعوي يا صاحبي؟

حتى متى؟ حتى متى؟ وإلى متى؟

فلوّى عُنقه، وأعطانا ظهر المجن، ويحسب أنه قوي، بينما هو ضعيف أمام غضبة الشعب وسطوته.

هل ستنتصر الحكومة للمواطن بالمليار دولار؟

قال المراقبون أنها فرصة أخيرة، وقال الشعب انتهت المهلة.

بقي أن يستيقن التحالف، أن الحاكم عاجز أن يصرّف المال لخدمة الشعب، وأن الثقب الأسود يتسع كلما جاءت مكرمة أو عطيّة أو وديعة أو هِبة.

وبدأ أنه مع كل جرعة فساد تصريح سياسي بائس وملغّم.

اختار الجنوب الشرعية فاختارت هي صنعاء، ووسّدت الأمر لغير أهله.

وقيل عن موعد مفاوضات، لحسم المشكلة، ولو فعلوه من قبل لتوفير هذا الدم المراق والكُلفة الباهظة، لقلنا صنعوا أعجوبة وجاؤوا بمعجزة.

الآن وقد شبع التراب أشلاء ودماء يتقارب الأضداد ويتغافرون في لحظة مُبكية مُضحكة.

نريد سلاما لكن لا يستبيح الحريات.

لا تختبروا صبر الجنوب، وقد شبّ عن الطوق.

ما يجب أن يعرفه الشقيق والصديق، القريب والبعيد أن جنوب اليوم غير جنوب الأمس، فقد تلاحم الآن وتماسك وتعاضد، وأسّس بنيانه، فهو القضية الكبرى وحجر الزاوية في المشكلة اليمنية.

ولا يعرف أحد بلد اسمه اليمن إلّا والجنوب عنوانه العريض.

وفي التاريخ هو دولة وليس شطر، كذا صيّرته الأحداث والوقائع، وهو بلد تحرري تقدمي أقام دولة العدل وسلطة القانون،

أطعم الجائع وكسى العاري وعالج المريض وعلّم الجاهل، وواسى الفقير، وحمى الضعيف، ووفّر للشعب ركوبهم الى المدارس والجامعات ومقرات العمل، والتنقُّل بين المناطق والمحافظات، وبنى جيشا عظيما يحرس الحدود وشرطة ساهرة لخدمة المواطن، وقدم خدمات مجانية وبعضها برسوم رمزية، وما كان يملك حقول نفط ولا غاز، بل كان يملك رجال ربما لا يتكررون.

هل استغل تصريح الحاكم غياب أهل العزم والحزم ، وأن رجال الزمن الماضي لا يتكررون، وأن الجنوب لم يعد يعوّل عليه.

حتى إذا انتظر الجنوبيون وتريّثوا وتركوا مساحة للحوار وفرصة للتفاوض، فليس ذلك يضرُّهم بشي ما داموا على العهد والميثاق، فقد ذكروا عن طه حسين الكاتب المصري أنه قال لسائقه : لا تُسرع حتى نصل مبكِّرين.

وقال الشاعر:

قد يُدرِكُ المُتأنِّي بعضَ حاجتهِ

وقد يكونُ مع المتعجِّلِ الزَّلَلِ

ليس بالضرورة مسابقة التصاريح ،ما دمنا واقفين على أرضنا، وظلالنا سماؤنا .

السؤال المُّلِح الآن:

هل استطاع الجنوب كسب ود الناس، واستجلب محبتهم.. فقد قيل :"ألسنة الخَلقِ أقلامُ الحقِّ".

نثق أن الشعب سيقول كلمته في اللحظة الحاسمة فقد صاح الديك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى