مجلس الأمن الدولي يتجاهل دعوات الخرطوم ويمدّد العقوبات

> واشنطن "الأيام" العرب

> ​تجاهل مجلس الأمن الدولي، الأربعاء مناشدات الخرطوم برفع العقوبات الدولية المفروضة على السودان يقرر تمديدها عاما واحدا، بسبب عدم تغير الواقع في دارفور في ظل الانفلات الأمني واستهداف المدنيين واستمرار النزوح، حتى بعد توقيع اتفاق سلام السودان في جوبا.

ودعت الخرطوم مرارا المجلس إلى إلغاء هذه العقوبات ورفع حظر على الأسلحة فُرض إبان الحرب التي اندلعت في إقليم دارفور (غرب) في 2005.

والشهر الماضي تعهّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف دعم المطلب السوداني.

لكنّ مجلس الأمن المؤلّف من 15 عضواً مدّد الأربعاء لغاية 12 مارس 2024 التفويض الممنوح للجنة الخبراء المكلّفة الإشراف على العقوبات وتطبيقها وعلى حظر الأسلحة.

وصوّت 13 عضوا لصالح تمديد العقوبات فيما امتنعت روسيا والصين عن التصويت.

وقال نائب السفير الصيني لدى الأمم المتحدة غينغ شوانغ إنّ العقوبات "عفا عليها الزمن ويجب أن تُرفع لأنّ الأمور تشهد تحسّناً على الأرض".

وعلى إثر انتفاضة شعبية أطيح بالدكتاتور عمر البشير في العام 2019 بعدما حكم السودان مدى ثلاثة عقود عانت خلالها البلاد من عزلة دولية ورزحت تحت وطأة عقوبات أميركية صارمة.

وبعيد إطاحة البشير تمكّنت الحكومة الانتقالية برئاسة عبدالله حمدوك من شطب السودان من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، ما أتاح تحرير ملياري دولار من المساعدات الدولية للبلاد.

لكن في أكتوبر 2021 تفاقمت الأزمة الاقتصادية بعد انقلاب عسكري نفّذه قائد الجيش عبدالفتاح البرهان أقصى فيه المدنيين من الحكم، ما أدّى إلى تراجع المساعدات الدولية للبلاد فيما خرجت مذاك تظاهرات شبه يومية احتجاجا على الحكم العسكري.

ومنذ 29 مارس 2005، يجدد مجلس الأمن قراره رقم 1591 القاضي بفرض عقوبات على السودان، تشمل حظر توريد الأسلحة، ومنع سفر أشخاص متورطين في صراع إقليم دارفور (غرب) الدائر منذ 2003، وتجميد أصولهم المالية.

وتسبب الصراع بين الجيش السوداني ومتمردين بدارفور في مقتل 300 ألف شخص ونزوح 2.5 مليون آخرين، وفقا للأمم المتحدة، لكن الخرطوم تقول إن عدد القتلى لا يتجاوز 10 آلاف في الإقليم الذي يسكنه حوالي 7 ملايين نسمة.

وفي أكتوبر 2020، وقعت الخرطوم اتفاقا لإحلال السلام مع حركات مسلحة في إقليم دارفور ضمن تحالف "الجبهة الثورية".

وتخلفت عن الاتفاق "الحركة الشعبية ـ شمال" بزعامة عبدالعزيز الحلو، وحركة "تحرير السودان" بقيادة عبد الواحد نور، التي تقاتل القوات الحكومية في دارفور.

وتدفع الخرطوم بأسباب عدة للمطالبة بإنهاء العقوبات عليها، مستندة إلى أن تغيرات كثيرة حدثت على الأرض في إقليم دارفور منذ فرض مجلس الأمن للعقوبات عام 2005.

وتدفع الخرطوم بأسباب عدة للمطالبة بإنهاء العقوبات عليها، مستندة إلى أن تغيرات كثيرة حدثت على الأرض في إقليم دارفور منذ فرض مجلس الأمن للعقوبات عام 2005.

وقال وزير الخارجية السوداني علي الصادق، في 27 فبراير الماضي، إن "قرار العقوبات صدر حينما كانت هناك حرب في دارفور بين الحكومة والحركات المسلحة وقد مر نحو 18 عاما".

وأضاف الصادق، في حوار مع صحيفة الوطن البحرينية، أن "تحولات كبيرة حدثت على الأرض، وحدثت في الساحة السياسية تستدعي إلغاء هذا القرار، ورفع العقوبات المفروضة على السودان".

وتابع "(أولا) لم تعد هناك حرب في دارفور، وثانيا معظم اللاجئين عادوا إلى ممارسة حياتهم الطبيعية في قراهم، وثالثا الذين يقاتلون الجيش السوداني في ذلك الوقت الآن هم أعضاء في مجلس السيادة، ومنهم وزراء، وحكام أقاليم".

 وخلص الوزير السوداني إلى أنه "بالتالي، هناك تغيير كامل في الحياة السياسية، الأمر الذي يستدعي ضرورة إلغاء هذا القرار".

وعن أسباب تأخر رفع العقوبات الأممية عن السودان، اتهم الصادق، خلال حواره، "ثلاث دول، وهي بريطانيا، وفرنسا، والولايات المتحدة الأميركية برفض رفع العقوبات".

وأضاف "هناك تعنت واضح من جانب الدولة حاملة القلم في الأمم المتحدة (في إشارة إلى الولايات المتحدة)، وهي التي تتولى رعاية مشروعات القرارات في اتجاه معين".

وشدد على أن قادة تلك الدول "يكابرون من أجل إبقاء السودان تحت طائلة العقوبات"، مشيرا إلى أن الخرطوم ترى موقف تلك الدول برفض رفع العقوبات على أنه "استهداف".

واستدرك "ربما لدى الغرب حسابات أخرى، وخاصة أن أفريقيا أصبحت ساحة للصراع بين القوى الغربية وروسيا والصين، وفي الوقت ذاته السودان لديه مساحة شاسعة ويجاور كثيرا من الدول التي لديها ارتباطات مع الغرب".

وأرجع الوزير الصادق سبب الموقف الرافض لرفع العقوبات عن بلاده إلى "أنه ليس من مصلحة تلك الدول (الثلاث) أن يكون هناك استقرار سياسي في السودان".

وفي المقابل، يرى الكاتب والمحلل السياسي السوداني أمير بابكر عبدالله، أنه "بعد نحو 20 عاما من صدور القرار (بفرض العقوبات)، يبدو أن الواقع على الأرض لم يتغير كثيرا".

وأضاف عبدالله، "بل ربما ازداد الواقع سوءا، خاصة بعد خروج قوات اليوناميد من دارفور (قوات أممية لحفظ السلام انسحبت من الإقليم منتصف 2021)".

وانتشرت "يوناميد" في دارفور منذ 2008، وهي ثاني أكبر بعثة حفظ سلام أممية، إذ تجاوز عدد أفرادها 20 ألفا من قوات أمن وموظفين، قبل أن يتبنى مجلس الأمن نهاية يونيو 2017، خطة تدريجية لتقليص عددها.

وفي 12 يونيو 2020، قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي ، إن السودان سيتحمل مسؤولية توفير الأمن والسلامة للمدنيين بدارفور عقب خروج بعثة "يوناميد" في 31 ديسمبر من العام نفسه.

ويرى المحلل السياسي السوداني، أن "المعايير التي اتخذ بموجبها القرار 1591 ما زالت قائمة، فعملية السلام ما زالت على الورق، ويوجد تهديد للاستقرار في الإقليم".

كما أن "القرار 1591 استهدف انتشار السلاح، وهو ظاهرة تتميز بها دارفور عموما، واستمرار انتشاره ربما يكون أحد الدوافع الرئيسية لعدم تجميد أو إلغاء القرار"، وفق عبدالله.

ويشير إلى أنه "ما زالت ترتكب انتهاكات للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، فما زال القتل مستمرا وإن اتخذ طابعا قبليا، وما زالت موجات النزوح مستمرة من فترة إلى أخرى".

وقالت منظمة الهجرة الدولية، في 21 فبراير الماضي، إن "حوالي 314 ألف شخص نزحوا نتيجة الصراعات في غرب وشمال وجنوب وشرق دارفور، وجنوب وغرب كردفان (جنوب) والنيل الأزرق".

وفي 19 يناير الماضي، قال مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية "أوتشا" إن "الصراع والعنف أديا إلى مقتل 991 شخصا وإصابة ألف و173 آخرين في السودان العام الماضي".

واستمرار حالة عدم الاستقرار في دارفور، لم يكن بسبب تواصل سوء الأوضاع الداخلية فقط، فوفق المحلل السوداني، هو أيضا جراء "التحولات الدولية والإقليمية، بسبب انفتاح الإقليم على عدة دول غير مستقرة في الغرب الأفريقي".

يأتي ذلك، وفق عبدالله، "في إطار التنافس الذي يشهده الإقليم في الفترة الأخيرة، والصراع الروسي الأمريكي، إلى جانب تراجع النفوذ الفرنسي في عدد من البلدان ذات الصلة بالصراع الإقليمي والدولي".

وفي 5 مارس الجاري، أنهى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جولة أفريقية شملت ثلاث دول هي الغابون، وأنغولا، والكونغو، لإرساء "علاقات جديدة" مع دول القارة.

ومن الغابون، قال ماكرون إن "حقبة التدخل الفرنسي في أفريقيا انتهت"، مشيرا إلى أن بلاده "لا تبدي أي رغبة في العودة إلى سياساتها السابقة بالتدخل في أفريقيا".

وفي 9 فبراير الماضي، أجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف زيارة للخرطوم، بالتزامن مع زيارة أخرى أجراها 6 مبعوثين من الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا والنرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

وجاء التزاحم على الخرطوم، في ظل قلق شديد من الولايات المتحدة وأوروبا، من احتمالية إقامة قاعدة عسكرية روسية على ساحل البحر الأحمر شرقي السودان، وسط تباين وتذبذب في تصريحات المسؤولين السودانيين بشأن الموافقة عليها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى