> إبراهيم نوار
تظهر مبيعات السلاح الأمريكية في دول الشرق الأوسط تراجع النفوذ السياسي للولايات المتحدة، على الرغم من إنها ما تزال الدولة المهيمنة على الإمدادات العسكرية إلى دول الخليج العربية على وجه الخصوص. وقد بلغت صادرات السلاح الأمريكية إلى دول المنطقة في فترة السنوات الخمس الأخيرة بنهاية عام 2022 حوالي 41 في المئة من صادراتها من الأسلحة، مقارنة بنسبة 49 في المئة في فترة السنوات الخمس السابقة، المنتهية في عام 2017.
وتستحوذ السعودية على النسبة الأكبر من إمدادات السلاح الأمريكية، بما يقرب من 80 في المئة من مشترياتها العسكرية من الخارج. وقد بلغت قيمة صادرات الأسلحة الأمريكية إلى دول الشرق الأوسط في عام 2019 حوالي 4.9 مليار دولار، منها 3.1 مليار دولار إلى السعودية، بنسبة 63.2 في المئة. ومن المهم أن نشير هنا إلى أن واردات السلاح السعودية من الولايات المتحدة سوف تشهد انخفاضا ملموسا خلال السنوات المقبلة، نتيجة لثلاثة أسباب: السبب الأول هو زيادة احتمالات السلام في اليمن، ومن ثم تخفيض او إنهاء المجهود العسكري السعودي هناك، وانخفاض حاجتها إلى الأسلحة والذخيرة من الولايات المتحدة. السبب الثاني يعود إلى أن المملكة قررت توطين صناعات الأسلحة الرئيسية بنسبة تتجاوز 50 في المئة، ومن ثم فإن زيادة إنتاج الصناعات العسكرية المحلية، سيقلل الاحتياج للاستيراد من الخارج. أما السبب الثالث فإنه يعود للتوجه إلى تنويع مصادر السلاح، بهدف تجنب الضغوط التي يمكن أن تنتج عن سيطرة دولة واحدة على الإمدادات.
- العرب ينفقون على السلاح ضعف المعدل العالمي
وطبقا لإحصاءات البنك الدولي، فقد بلغت نسبة الإنفاق العسكري في العالم العربي حوالي 4.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2021 وهي نسبة تزيد عن ضعف متوسط الإنفاق العسكري العالمي، الذي بلغ في العام نفسه 2.2 في المئة. ويعكس هذا الارتفاع التوتر الجيوسياسي والصراعات الإقليمية في المنطقة. وترتفع نسبة الإنفاق العسكري في إسرائيل وبعض الدول العربية إلى ما يقرب من ثلاثة أمثال المعدل العالمي، إذ بلغت نسبة الإنفاق العسكري من الناتج المحلي الإجمالي عام 2021 في الكويت 6.7 في المئة، وفي السعودية حوالي 6.6 في المئة وفي الإمارات 5.6 في المئة، وأنفقت الجزائر النسبة نفسها 5.6 في المئة، بينما بلغت النسبة في إسرائيل 5.2 في المئة. كذلك يلاحظ أن هناك تنافسا على تخصيص الموارد محليا في كل الدول العربية بين السلاح والغذاء، وأن الميزانيات الحكومية عندما يشتد هذا التنافس، فإنها بشكل عام تنتصر للسلاح على الغذاء.
- سوق السلاح في الشرق الأوسط
يظهر التقرير الأخير الذي أصدره معهد «سيبري» الدولي لأبحاث السلام، أن ثلاث دول عربية جاءت ضمن قائمة الدول العشر الأولى المستوردة للسلاح في العالم، هي السعودية وقطر ومصر، تستحوذ على أكثر من خُمس واردات السلاح العالمية (20.5 في المئة) تتوزع كالتالي: السعودية بنسبة 9.6 في المئة، وقطر بنسبة 6.4 في المئة، ثم مصر بنسبة 4.5 في المئة، وذلك خلال فترة السنوات الخمس الأخيرة حتى نهاية عام 2022.
- الدول العربية في نادي استيراد السلاح
تحولت أوكرانيا في العام الماضي إلى دولة رئيسية مستوردة للسلاح، لكن ذلك لم يظهر خلال فترة السنوات الخمس التي تغطيها الإحصاءات. وقد تصدرت الهند قائمة الدول المستوردة للسلاح، في الفترة من 2018 حتى نهاية 2022 بنسبة 11 في المئة، وتستحوذ روسيا على نسبة 45 من واردات السلاح الهندية، لكن هذه النسبة تتضاءل منذ حرب أوكرانيا. وتسعى إسرائيل بقوة إلى دخول هذا السوق، وملء الفراغ الذي سينتج عن تراجع الإمدادات الروسية، سواء من خلال التصدير أو الإنتاج المشترك. من حيث الدول المستوردة للسلاح فإن خمس دول فقط، تتصدر قائمة مستوردي السلاح في العالم، هي الهند والسعودية وقطر وأستراليا والصين، استحوذت وحدها على حوالي 36 في المئة من واردات السلاح في العالم.
وتأتي السعودية في المركز الثاني بعد الهند بحصة تبلغ 9.6 في المئة في فترة السنوات الخمس الاخيرة، مقابل 10 في المئة في الفترة السابقة. وتستحوذ الولايات المتحدة تقريبا على السوق السعودية بنسبة 78 في المئة من إمدادات السلاح، تليها فرنسا بنسبة 6.4 في المئة، وإسبانيا بنسبة 4.9 في المئة.
- هيمنة أمريكية
تسيطر الولايات المتحدة على سوق السلاح في منطقة آسيا والمحيط الهادي بنسبة 56 في المئة. كما تسيطر على سوق السلاح في الشرق الأوسط بنسبة 54 في المئة من الإمدادات، ويعود ذلك أساسا إلى الاعتماد المفرط في الدول الخليجية على الأسلحة الأمريكية. وتأتي بعدها فرنسا بنسبة 12 في المئة، ثم روسيا بنسبة 8.6 في المئة، وإيطاليا بنسبة 8.4 في المئة. وما تزال صناعة السلاح الأمريكية ترتبط في الوقت الحالي باستكمال عقود توريد إلى دول الخليج خلال السنوات المقبلة. وتشمل هذه العقود تسليم 41 طائرة مقاتلة للسعودية، و22 طائرة لقطر. وتوجد أيضا تعاقدات لم يتم استكمالها بعد مع موردين أوروبيين تشمل توريد 16 طائرة مقاتلة من بريطانيا إلى قطر، و 80 طائرة من فرنسا إلى الإمارات، و 22 طائرة من إيطاليا إلى الكويت. كما تنتظر مصر تسلم 3 فرقاطات من ألمانيا، و 2 من فرنسا، و 2 من إيطاليا.
القدس العربي