الفرصة الأخيرة نكون أو لا نكون

> هذه العبارة الشهيرة التي قالها الأمير "هاملت" في مسرحية شكسبير تعبر عن صراع بين الحياة والموت بين الإرادة الحرة ورغبات الآخرين بين الفعل والامتناع .

وهذا الصراع هو ما يعيشه الجنوبيون منذ سنوات طويلة فهم يواجهون تحديات كبيرة في سبيل تحقيق حلمهم بالتحرير والاستقلال من حكم سلطات صنعاء الظالم والفاسد .

لقد ثار الجنوبيون عدة مرات ضد هذا الحكم وقدموا تضحيات جسام في سبيل حقهم في تقرير مصيرهم، لكنهم لم يجدوا التأييد والدعم من المجتمع الدولي بل وجدوا المؤامرات والخيانات والإقصاء والتهميش .

في ظل هذه الظروف الصعبة برز دور المجلس الانتقالي الجنوبي، كممثل شرعي وشعبي للجنوب وكقيادة مسؤولة وحكيمة للثورة الجنوبية.

ولا يخفى على أحد أن المجلس الانتقالي واجه تحديات كبيرة في تحقيق أهدافه سواء من قبل الشرعية المعترف بها دوليا، التي ترفض أي مطالب انفصالية أو حكم ذاتي للجنوب أو من قبل الميليشيات الحوثية التي تسعى إلى فرض سيطرتها على كامل أراضي اليمن والجنوب، بدعم من إيران أو من قبل بعض القوى الإقليمية والدولية التي تحاول التأثير على مسار الحل السياسي في البلاد.

كما يواجه المجلس صعوبات داخلية في توحيد صفوف قادة وأعضاء وأنصار الحراك الجنوبي.

في ضوء هذه التحديات أطلق رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء عيدروس الزبيدي دعوة إلى جميع مكونات الحراك الجنوبي والقوى السياسية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والشبابية والنسائية في الجنوب، لإجراء حوار جنوبي جنوبي شامل وشفاف ومسؤول، يهدف إلى توحيد الرؤى والهدف ولمّ الشمل الجنوبي وتجاوز الخلافات والانقسامات، التي تعطل مسيرة الثورة الجنوبية، وتقديم نموذج سياسي جديد يحقق مصالح الجنوب ويرضي تطلعات شعبه.

وقد لاقت هذه الدعوة ترحيبا واسعا من قبل مختلف المكونات الجنوبية، التي أكدت على أهمية الحوار كأداة ديمقراطية لحل الخلافات وتعزيز التضامن والتعاون بين أبناء الجنوب، وأعربت عن استعدادها للمشاركة في الحوار بروح إيجابية ومسؤولة معبرة عن ثقتها في قيادة المجلس الانتقالي وإدارته للحوار.

إن الحوار الذي دعا له المجلس الانتقالي هو فرصة أخيرة للجنوب لتوحيد صفوفه وتضافر جهوده وترسيخ مطالبه ولإثبات للعالم أن الجنوب قادر على إدارة شؤونه بنفسه وأنه يستحق حقه في إقامة دولة مستقلة تحترم حقوق شعبها وتلتزم بالسلام والأمن الإقليمي.

ولذلك يجب على كافة مكونات الحراك الجنوبي أن تستجيب لدعوة المجلس الانتقالي إلى حوار جاد وشامل بين جميع الأطراف وأن تعمل على تجاوز الخلافات والصراعات التي تضعف من قدراتها وتشتت من جهودها .

كما يجب أن يتم وضع ميثاق شرف يلتزم به الجميع على مبدأ تحرير واستقلال الجنوب وألا يسمح لأحد بخرق هذا الميثاق أو التلاعب به .

إن هذا المشروع هو مشروع قومي جنوبي يستحق التضحية من أجله، فإذا فشل هذا المشروع فإن ذلك سيعني نهاية حلم الجيل الجديد بالحرية والكرامة لذلك على كافة أبناء الجنوب أن يستشعروا خطورة المرحلة التي نمر بها، وألا يضيعوا هذه الفرصة التاريخية التي قد لا تتكرر فإما أن نكون دولة جديدة تستطيع أن تصنع مستقبلها بإرادتها أو أن نكون شعبًا منسيًّا.

فلا بد من اغتنام هذه الفرصة الأخيرة لإثبات أن الجنوب قائم بذاته، وأن شعار "نكون أو لا نكون" هو شعار حقٍّ وصدق. فالجنوب لديه كل مقومات الدولة من موارد طبيعية وثروات مادية وإنسانية، وكذلك تاريخ حافل بالصمود والانتصارات فلا يجوز التخلِّي عن هذا الموروث العظيم ولا يجوز السماح بأن يضيع هذا الحق العادل، فالجنوب ليس مجرد جغرافيا أو سياسة، بل هو هوية وقيمة ومبدأ والجنوب ليس مجرد شعب أو قبيلة بل هو أمة وحضارة ورسالة.

لذا، فإننا ندعو كافة أبناء الجنوب إلى التكاتف والتعاضد والتضامن فهذا هو الطريق الصحيح لتحقيق مصالحهم وطموحاتهم، وهذا هو السبيل الأمثل لإنشاء دولة جنوبية حديثة تعبر عن رغبات شعبها وتحقق تطلعاتها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى