الحوار الجنوبي.. الجنوب لكل وبكل أبنائه

> إلى ثغر الجنوب الباسم عاصمة الجنوب الأبية عدن، شدّت مواكب الأحرار رحالها ويمّمت تحثُّ الخُطى بعزم الرجال الميامين، بينما قلوبهم تهفو إلى مدينة المدائن، كتاب الزمن وسِفر التاريخ، هي عنوان الكرامة والكبرياء، أولئك الأحرار تحرِّكهم قِيَمٌ رَبَت وترعرعت في صدورهم المسكونة بحب الوطن، التوّاقة لتجاوز مثالب الماضي البعيد والقريب، ماضون على العهد، إيمانا منهم بأن وحدة الكلمة ورصّ الصفوف، يمثّلان أقصر الطرق لاستعادة الدولة الجنوبية المستقلة على حدودها التاريخية، كما هو بوّابة الخروج من نفق الاغتراب الطويل والانتصار للوطن والهويّة.

إنّ الحاجة لإحياء التراث وقيم الثقافة الوطنية الجنوبية مُلِحّة لاستعادة الزَّخَم الروحي، والتطلُّع في أُفق المستقبل والأخذ بيد شعبنا الجنوبي العظيم إلى رحاب التنمية والحياة الكريمة الآمنة، من أخطار الصراع ومآلات الحروب، تتويجا لنضالاته الكبيرة وتضحياته الجِسام.

وفي مشهد مهيب لم نعهده من قبل، تجسدت لُحمة الوطن الجنوبي الحُر، في مهرجان عُرس المشاورات الجامع لفسيفساء الجنوب، على خارطته الممتدة من المهرة شرقا إلى باب المندب غربا، إلى لؤلؤة المحيط الهندي أرخبيل سقطرى، برعاية كريمة من الرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ، القائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية، وبحضور نخبة من القادة العظام يتقدمهم رمز الجنوب ومُلهم المناضلين القائد الفذ اللواء محمود الصبيحي وزير الدفاع الأسبق العائد إلى مسارح الحريّة، بعد ثماني سنوات من الأسر في سجون الغزاة.

لقد جسّد حضور هؤلاء النُّخبة روح الانتماء، وأكّدوا عُمق وقوة الحدث، كما وأضافوا وهَجَا في مسيرة الثورة المباركة، تحت ظلال راية الجنوب ونشيده الوطني، بينما يعلنون بعزم الرجال بدء فعاليات الحوار التشاوري الجنوبي، بين المكونات السياسية تحت شعار "من أجل جنوب جديد يجسد تطلعات شعب الجنوب في الاستقلال، واستعادة دولة الجنوب الفيدرالية المستقلة "، ليصبح الحدث حقيقة واقعة بإعلان الميثاق الوطني الجنوبي كإطار سياسي جامع لكل المكونات الجنوبية المؤمنة بالاستقلال، واستعادة الدولة الجنوبية بحدودها التاريخية قبل العام 1990م .

إن الحوار قيمة حضارية ووطنية مطلوبة بالضرورة، ولكنه ليس الغاية بحد ذاته، وإنما هو وسيلة لجمع ماتفرّق ومعالجة ما اختُلِفَ فيه، وهو مناسبة لانتظام العِقد وإصلاح ما تنافر وتغاير، وصولا للاتفاق والوِفاق، والعمل بروح جماعية من أجل التمكين، وتحقيق الغايات المنشودة بخُطىً حثيثة، ومن دون ذلك سيبقى الحوار ويوم التشاور مجرد ذكرى تبدّد فيه الوقت والجهد والمال، ولربما رآه البعض عنوانا لِتَرَف فكري في زمن الضياع.

وعندما لا يضع الحوار الجميع أمام مسؤولياتهم الوطنية لمواجهة التحديّات الراهنة، وتجاوز المنعطفات الحرجة كشركاء في مهمة استعادة دولة الجنوب، والانخراط البنّاء في مضمار التنافس الإيجابي، لتأسيس وبناء مؤسسات الدولة المنشودة، فيقيني أن العواقب ستكون وخيمة ويستحيل معالجتها بيسر وسهولة.

وحتى لا نُعيد الحكاية مرارا وتكرارا علينا جميعا التّحرُّر أولا من "الأنا" وحُب "الذات" والاستعداد للتضحية بالوقوف معا في صفٍّ واحد على تراب الميدان، تجسيدا للمبدأ الوطني الجنوبي القائل: "الجنوب لكل وبكل أبنائه" .. والعمل على استكمال متطلبات المرحلة .. وتعزيز وحدة الصف الجنوبي لمواجهة الأخطار المُحدِقة ( محليا وخارجيا) وتبنّي خطط واستراتيجيات وطنية لتمتين الجبهة الداخلية، وشحذ الهِمم والعزم على اجتراح الخُطوب، والعمل بمهنية واحترافية عالية في كافة المجالات لضمان الظفر والتمكين والسيطرة وفرض الأمر الواقع، وتحقيق الحرية والسلام.

عاش الجنوب حُرّا أبيا .. الرحمة للشهداء الأبرار .. الشفاء للجرحى .. والحرية للأسرى والمعتقلين .

والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى