​الجبهة الثانية في المناطق المحررة.. هل من الممكن دحر الفساد فيها؟

>
لقد أدت الحرب في اليمن خلال الأيام الأولى إلى تعليق مؤقت لأنشطة أكثرية  المؤسسات الحكومية في البلاد، ولكن في ظروف ما بعد الحرب من المهم جدًا أن تعمل آلية الدولة بسلاسة وشفافية، لأن  ذلك سوف يوفر الجهد والدعم، لمواصلة الدفاع عن المناطق المحررة ومكتسباتها الجديدة.

بعد تحرير الكثير من المناطق وعدن  أولها واستقرار الأوضاع نسبيًا توقع المواطن أن تقوم السلطات الجديدة  بحملة تطهير واسعة، لمكافحة الفساد في صفوف مؤسسات الدولة وقائمة طويلة من المفصولين من المناصب العليا، ولكن الذي حدث هو العكس، كان بداية انطلاق جديدة من صفحات الفساد والفضائح، صراع الأراضي والمناصب والخدمات وظهور ممتلكات ضخمة، وحسابات بنكية كبيرة، لأشخاص قبل الحرب كانوا لا يملكون قيمة علبة كبريت، من نهب المال العام وصفقات وقود كهرباء مغشوشة، وأغذية وأدوية منتهية الصلاحية، ورشاوى مفتوحة، تهريب بشر، ومخدرات، وسلاح.. الخ.

لا يزال الفساد في المناطق المحررة  يمثل مشكلة حتى بعد الحرب، والسؤال هو عن كيفية إزالة ختم السرية عن فساد الأمن والغذاء والخدمات  العامة  التي تمس حياة  المواطن، بشكل مباشر من قبل ثلة من الفاسدين، يمارسون الفساد بشكل وقح ودون محاسبة، ولا أعرف كيف يقدر أن ينام بعض المسؤولين بعد أن وضعوا  أيديهم على القرآن و حلفوا يمين الله بتحمل المسؤولية بأمانه، واليوم يمارسون أبشع صنوف الفساد والظلم وأموال الدولة، التي في عهدتهم غالبيتها  ينتهي بها المطاف في استثمارات شخصية بهم خارج البلاد في البنوك والعقارات.

يجب تطبيق تشريع مكافحة الفساد الذي من شأنه أن يعزز القدرة المؤسسية، لمقاضاة الفساد وخاصة غسيل الأموال، لأن كسب الحرب على الفساد لا يقل أهمية عن الانتصار في معركة عسكرية، فجميعها ضرورات من أجل مستقبل سعيد ونظيف، لذلك على الداعمين الإقليميين والدوليين المشاركين في عملية إدارة المناطق المحررة  أولا تحمل المسؤولية الإنسانية  والأخلاقية والكف عن الوقوف كمتفرجين للعبث الجاري في المناطق المحررة، ثانيا التوقف عن إرسال الإشارات المتناقضة في حلحلة الأوضاع العسكرية و الاقتصادية، وتفعيل الهيئة الوطنية العليا، لمكافحة الفساد وإيقاظها من سباتها المقرف، من أجل تحسين الأوضاع نسبيًا والتي بدورها  سوف تنعكس إيجابا محليا، وكذلك في التصنيفات الدولية للبلاد، حيث يتم قياس الفساد وسير سيادة القانون، ومناخ الأعمال،  والاستثمارات.

على الأرجح لقد فقد  الكثير من الأشخاص والمسؤولين والنخبة  الاتصال مع الواقع، ولا يفهمون أن اليمن بلد مختلف ومتخلف تمامًا، وأن علينا فصل ومحاسبة الأشخاص الذين ما زالوا يشكلون جزءًا من إرث الفساد السابق في البلاد، لأن إرث هذا الفساد هو سبب الصراعات، وانهيار الدولة والذي على ما يبدو بأنه لم ينتهِ، وإنما استطاع في كثير من الأماكن تغيير جلده فقط.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى