المؤسسات النائمة.. الشللية والرشوة

> وفقًا للدستور اليمني النائم تعتبر الجمهورية اليمنية دولة واحدة لا تتجزأ، ولا يجوز التنازل عن أي جزء منها، وفي الواقع هذا ليس كذلك على الإطلاق، فالحوثي في الشمال والمجلس الرئاسي في الجنوب، وهذا يعني سلطتين و حكومتين و بينهما مؤسسات لا تهش ولا تنش، ولم يتم إلغاؤها و خطره وإنعاشها قد يترتب عليه عواقب غير متوقعة .

هناك العديد من المؤسسات المدنية الحكومية في عدن -إذا جاز التعبير تسميتها"مؤسسات " - لا تتوافق مع اسمها ، لأن نشاطها قليل للغاية ومبهم وهي لا تظهر في الإعلام، ولا تتحدث عن إنجازاتها وكأنها مخفية، وتعاملها مع المواطن يتم فقط عبر سماسرة وبسببها أصبح العيش في عدن صعبا بشكل محسوس، مع سؤال ما إذا كانت هناك وزارات و محاكم وشرطة وأحزاب وبنوك، يمكن أن تستيقظ وتصبح حقيقية أم أنها نائمة في كهف.

زيارة السفير الأمريكي الأخيرة إلى عدن كشفت أن البلاد خالية من قيادات الدولة، ولكن السفير لم يغضب فهو يعرف بأن السبب يكمن في أن " القيادات " تمثل مجموعات سياسية متنافرة، وأن " ازدراء " الإجراءات الرسمية و الديمقراطية و الأمنية والتنموية والبروتوكولات الدبلوماسية، وسيادة القانون سمة سائدة لغالبية النخبة وقيادات الدولة، والوعي الجماهيري في بلادنا .

أن الأنظمة السياسية المتعاقبة في البلاد هي الاستثناء أكثر من القاعدة، لأن كل من يصل إلى السلطة غالبًا ما يتحول إلى حاكم أما قبلي أو مناطقي " استبدادي " غير قابل للإزالة ولا تهمة كيف تسير مؤسسات الدولة، فالمهم الثروة والسلطة في قبضته، وتصبح الحياة بوجوده كما في النكتة الدائرة في جمهوريات ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي "بغض النظر عن طريقة جمع الأشياء يتبين أن كل شيء يشبه بندقية آلية " .

البقاء المطول المبهم لمفهوم الوحدة اليمنية في المنطقة "الرمادية" والمحاصصة وعدم اليقين السياسي أدى إلى إفراغ المؤسسات الحكومية من جوهرها وإلى حقيقة أن كلمة دولة ذاتها فقدت معناها، وأصبحت مرادفة لمصالح كبار المسؤولين وشركائهم فقط، فمؤسسات الدولة الحالية هي ذاتها الهياكل والأشكال المنصوص عليها في القانون ، لكنها مقيدة ودون عمل، لأن السلطة الحقيقية واتخاذ القرار يحدثان في مكان آخر وفي دول أخرى.

إن المؤسسات الحكومية اليوم هي نسخ مقلدة باهتة، تم أنشأها بطلب وضغط من دول الإقليم، و أُجبرت هذه المؤسسات على التظاهر بالعمل، على أسس المعايير الحكومية الموجودة في دول العالم، و لكي تستمر -ولو ظاهريًا، و تعمل هذه المؤسسات المفروضة أو "الممنوحة" تم تعيين بعض من الطيعين المخلصين كمسئولين لها، لذلك اليوم مؤسسات الدولة في عدن غالبيتها أصبحت مرتع للشللية والمتسلقين وحملة الشهادات والألقاب المزورة ومنتحلي الصفات الرسمية، واستحقت بجدارة تسميتها بالمؤسسات النائمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى