"نوفليس إستفنساي" نوع جديد من البعوض داخل مخيمات النازحين في عدن

> تقرير / فردوس العلمي

> الحركة المستمرة والتنقل للنازحين ما بين مناطقهم ومنطقة النزوح يزيد الأمر سوء

> 28 ألف حالة مصابة بحمى الملاريا خلال العام المنصرم، و(19786) حالة مصابة بحمى الضنك وذلك بحسب إحصائيات إدارة الترصد الوبائي بوزارة الصحة، وكل هذه الحالات سجلت في المحافظات الجنوبية والمحررة مع التأكيد بأن هناك حالات كثيرة لم تسجل ضمن النظام لعدة معوقات.

وللمساهمة في نشر التوعية لمكافحة الملاريا وحمى الضنك خاصة والحميات عامةً التقت "الأيام" بمدير برنامَج مكافحة الملاريا د. ياسر عبدالله باهشم الذي تحدث عن مختلف أنواع الحميات وأسباب انتقالها وطرق الوقاية منها.


يقول د. ياسر عبدالله باهشم: "الأمراض المنقولة بالبعوض وغيرها من النواقل تعتبر مشكلة صحية كبيرة في عدد من الدول النامية ومنها اليمن، حيث تنتشر أمراض الملاريا وحمى الضنك والشيكونجونيا (المكرفس) وحمى غرب النيل وغيرها من الحميات الأخرى المنقولة بالبعوض بشكل كبير في جميع المحافظات اليمنية مسجلة موجات وبائية في بعض الأعوام ينتج عنها العشرات بل المئات من حالات الوَفِيَّات، وهناك أمراض نواقل أخرى لا تنقل عبر البعوض مثل البلهارسيا والليشمانيا وغيرها من الأمراض الاستوائية المهملة".

ويوضح د. ياسر باهشم بأن وزارة الصحة العامة والسكان من خلال برامجها المعنية مثل برنامَج الملاريا وغيرها تنفذ عدد من الأنشطة التي تهدف للحد من الإصابة بهذه الأمراض وخفض معدل الوَفِيَّات ".

ويؤكد بأن إدارة الترصد الوبائي سجلت خلال العام الماضي (28099 حالة مصابة بحمى الملاريا) وبلغ إجمالي المصابين بحمى الضنك (19786حالة) منها (30 حالة وفاة)".


وينوه د. ياسر باهشم "مؤخرًا تم اكتشاف نوع جديد من أنواع البعوض الناقل للملاريا لم يكن متواجد من قبل في اليمن ويسمى (أنو فليس إستفنساي) وتم اكتشافه في مخيمات النازحين" في عدن.

وقال "يعيش البعوض الناقل للملاريا وحمى الضنك وغيرها من الحميات الأخرى في المياه الراكدة العذبة مع اختلاف مسميات البعوض الناقل لكل مرض وتعد المستنقعات والأواني المكشوفة وغيرها بؤر توالد للبعوض الناقل لهذه الأمراض".

تحديات تعيق العمل


ويتحدث د. ياسر باهشم عن التحديات التي تواجه وزارة الصحة وبرنامج مكافحة الملاريا قائلًا: "نواجه عدد من التحديات ومن أهمها مشكلة النازحين واللاجئين وكذلك الظروف المناخية المساعدة على تكاثر النواقل والبعوض، مؤكدًا بأن مشكلة النازحين داخليًا تعد أحد أكبر التحديات التي تواجه الوزارة والبرنامج في مكافحة الأمراض المنقولة ".

وقال "في ظل الوضع الاستثنائي الذي تعيشه البلد والصراع المسلح في أكثر من منطقة فأن عدد النازحين في تزايد مستمر حيث وصل إجمالي عدد النازحين حوالي 3 مليون نازح داخليًا يسكنون حوالي 582 مخيم و889 تجمع في المحافظات المحررة ويعيش العدد الأكبر منهم في محافظة مأرب وهذا حسب الإحصائيات المتوفرة من الوحدة التنفيذية للنازحين".

90 % من اللاجئين الأفارقة لديهم أجسام مضادة لحمى الضنك
90 % من اللاجئين الأفارقة لديهم أجسام مضادة لحمى الضنك

وقال د. باهشم بأن نزوح السكان من منطقة موبوءة بالملاريا والضنك وغيرها إلى منطقة أقل وبائية يمثل معضلة كبرى في انتقال المرض إلى هذه المنطقة وخير مثال على ذلك ما تعانيه مدينة عدن من انتشار لهذه الأوبئة يعود نسبة كبيرة من أسبابها للنازحين من الساحل الغربي وإقليم تهامة ويزداد الأمر سوءًا مع الحركة المستمرة والتنقل للنازحين ما بين مناطقهم ومنطقة النزوح"، موضحًا: بأن البرنامَج الوطني للملاريا نفذ عدد من المٌسوحات الحشرية في مخيمات النازحين في عدن وتم اكتشاف كثافة عالية للبعوض الناقل للضنك في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها النازحين داخل المخيمات كما تم أيضا الحصول على عينات من البعوض الجديد الناقل للملاريا (أنو فليس استيفنساي)".

وعن أضرار اللاجئين والمهاجرين قال: "هي تحدي آخر لمكافحة أمراض النواقل حيت يدخل البلد أعداد كبيرة من اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين من دول القرن الأفريقي وعبر السواحل المفتوحة في كثير من المحافظات، ويشاهد الكثير منهم يمشون سيرًا على الأقدام بصورة مستمرة في مختلف الطرق التي تربط بين المحافظات وقد نتج من وصول هؤلاء المهاجرين تحولا في وبائية أمراض النواقل حيث ظهرت بعض الأمراض في مناطق لم تكن موبوءة من قبل "، ومثال على ذلك ظهور (حمى الضنك) لأول مرة في اليمن في محافظة شبوة.



"تفيد التقارير بأن أعداد المهاجرين من دول أثيوبيا وأرتيريا مازالت مستمرة إلى اليمن حتى الآن مما يزيد التخوف من حدوث موجات وبائية إثر ذلك، ولا توجد إحصائيات واضحة وأعدادهم مجهولة، والبيانات المتوفرة عنهم شحيحة نتيجة لغياب دور الجهات المعنية بهؤلاء وقلة الدعم من المنظمات الداعمة".

مشيرًا إلى أن البرنامَج الوطني لمكافحة الملاريا نفذ مسح ميداني في أماكن تواجد اللاجئين الصومال في محافظة حضرموت كعينة عشوائية واتضح أن حوالي 90 % من هؤلاء اللاجئين لديهم أجسام مضادة لحمى الضنك ".

وحسب قول د. ياسر تعد مشكلة التغيرات المناخية من أكثر التحديات التي تواجه عملهم في مكافحة أمراض النواقل، حيث تعرضت اليمن ولا سيما المحافظات الشرقية لـ 6 أعاصير خلال السنوات القليلة الماضية ابتداء بإعصار تشابالا المدمر علم 2015 ثم أعاصير (ميج وساجار وميكونو ولبان ونيجارسا) بالإضافة لعدد من المنخفضات الجوية الأخرى كما تعرضت عدن أيضا لهطول أمطار غزيرة أدت إلى فيضانات في عام 2019 تبعها بعد ذلك عدد من المنخفضات الجوية، واليمن خلال السنوات القادمة مقبل على تغير مناخي مستمر وهو ما يندر بحصول موجات وبائية جديده لهذه الأمراض".

مضيفًا بأن هذه الأعاصير والفيضانات تؤدي إلى تكوين عدد كبير من المستنقعات وتجمعات المياه التي تكون بيئة خصبة لتوالد البعوض الناقل للملاريا وحمى الضنك وغيرها من الحميات الأخرى، وتؤدي إلى تدمير البنية التحتية من مشاريع مياه وطرقات وغيرها ما يلقى بالمسؤولية على عدد كبير من القطاعات الحكومية التي تجد نفسها عاجزة في ظل الوضع الذي تعيشه البلد وقلة الإمكانات و شحة الموارد".

وعن الأنشطة التي ينفذها برنامَج الملاريا لمكافحة الناقل قال "ينفذ البرنامَج الوطني لمكافحة الملاريا عدد كبير من الأنشطة في مجال مكافحة البعوض الناقل للملاريا وحمى الضنك وغيرها من الحميات الفيروسية الأخرى، حيت تم تنفيذ عدد من الحملات في مخيمات النازحين منها حملات توزيع الناموسيات المشبعة بالمبيد لجميع السكان، وحملات الرش بالمبيد متبقي الأثر في المناطق الأكثر وبائية بمرض الملاريا، وحملات الرش الضبابي لمكافحة حمى الضنك عند مؤشرات حدوث جائحة وبائية، إضافة إلى عمل مسوحات التقصي الحشري ودراسات الحساسية للبعوض الناقل للملاريا، وحمى الضنك وغيرها في عدد من المواقع، و عدد من الأنشطة الأخرى المتعلقة بتوفير الأدوية ومستلزمات التشخيص وتوزيعها مجانًا على المرافق الصحية وعمل الدورات التدريبية للكادر الصحي وحملات التفتيش والتوعية وإزالة البؤر".

وعن بؤر التوالد وطرق المكافحة قال "تعد المستنقعات والأواني المكشوفة وغيرها بؤر توالد للبعوض الناقل لهذ الأمراض حيت يعيش البعوض الناقل للملاريا وحمى الضنك وغيرها من الحميات الأخرى في المياه الراكدة"، مؤكدًا على أهمية التوعية والتثقيف الصحي كونها الركيزة الأساسية لمكافحة هذه الأمراض ".

وقال "يعد انقطاع المياه في الأحياء السكنية خاصة في المدن وتهالك شبكات المياه أحد أهم الأسباب المساعدة للسلوكيات الخاطئة للمواطنين في طريقة تخزين المياه داخل المنازل، والتي تكون سببًا في انتشار هذه الأوبئة".

وتابع: "يتم مكافحة هذه الأوبئة من خلال إيصال المعلومة الصحيحة للسكان في كيفية حماية أنفسهم من هذه الأمراض، منها: إحكام تغطية الخزانات والأواني المنزلية التي يتم حفظ المياه فيها بالإضافة إلى التخلص من المياه الراكدة مهما كانت كمياتها وأماكنها "، مشيرًا إلى أهمية دور وسائل الأعلام وخطباء المساجد ومعلمي المدارس في إيصال مثل هذه الرسائل التوعوية لقطاع كبير من السكان".

ويوضح د. ياسر الفرق بين حمى الملاريا وحمى الضنك وكذلك أوجه التشابه بينهما قائلا: "يوجد اختلاف بين الملاريا والضنك في طرق الانتقال وتشابه كبير في الأعراض فالبعوض الناقل لحمى الضنك والملاريا كلاهما يعيشان ويتكاثران وَسَط المياه الراكدة العذبة، مضيفًا: "الملاريا مرض طفيلي يسمى (البلازموديوم ) وينتقل للإنسان عن طريق لدغة أنثي البعوض تسمي (الأنوفلس ) وتشبه أعراضه حمى الضنك، فبعد هطول الأمطار تتكون مصادر توالد بعوض الملاريا بكثرة مع احتمال حدوث وباء، وتعد حمى الضنك حمى فيروسية تنتقل عن طريق لدغة بعوضة تسمي ( الزاعجة المصرية) وتشبه أعراض الإنفلونزا تصيب جميع الفئات العمرية".

وأكمل: "يتفاقم مرض حمى الضنك ليصبح مرض قاتل ويسمي بحمى (الضنك الوخيمة) يصاب فيها المريض بأعراض نزفية تتطورا إلى الصدمة والوفاة ".

مؤكدًا بأن حمى الضنك ليس لها علاج قطعي إلا في حالة الكشف المبكر عنها والحصول على الرعاية الصحية المناسبة التي تحول دون تفاقم المرض إلى حمى الضنك الوخيمة".

أعراض ومضاعفات الملاريا


يقول د. ياسر بأن علامات الملاريا تظهر ما بين أسبوع أو 10 أيام إلى 30 يوما من التعرض للدغة البعوض الحامل له، حيث يعاني المريض من ارتفاع درجة الحرارة مع ارتعاش وصداع وغثيان وقيء وإسهال، ويعاني أيضًا من انخفاض مفاجئ في درجة الحرارة وتعرق شديد وألم في العضلات والمفاصل، وفي حالة عدم تلقي العلاج يتضاعف المرض ويعاني المريض في بعض الحالات بما يسمى بحمى الملاريا (الوخيمة ) مما يؤدي إلى غيبوبة أو تغير في مستوى الوعي وضيق نفس ونزيف حاد وخلل في نظام التجلط كما يعاني من اصفرار وتشنجات وقصور وظيفة الأعضاء وفقر دَم حاد وكل هذا يصل بالمريض إلى الوفاة ".


وقال "تشترك حمى الضنك ببعض الأعراض مثل الصداع والقيء والغثيان والإسهال والحمى، إضافة إلى ألم خلف العينين وطفح جلدي، وتظهر الأعراض على المريض في الفترة ما بين (4-10) أيام بعد لدغة البعوض المصابة وتستمر مدة (72) يومًا يشفى بعدها المريض غالبًا".

طرق الوقاية


يوضح د. ياسر طرق الوقاية التي يلزم أن يتبعه المواطن للوقاية من حمى النواقل وأول هذا الطرق حسب قوله: إزالة بؤر توالد البعوض الذي تكثر في المياه الراكدة العذبة مثل أواني الزهور وإطارات السيارات القديمة وأوعية تخزين المياه إلى جانب التغطية المحكمة لخزانات المياه وعدم تخزين المياه في أوعية مكشوفة وتجديد الماء بشكل مستمر بحيث لا تبقى أكثر من أسبوع في الإناء إضافة إلى التخلص من مياه المكيفات".

ويضيف "من طرق الوقاية أيضًا ردم أو تصريف البرك والمستنقعات المائية المتكونة بعد الأمطار والحرص على الوقاية من البعوض من خلال إحكام شبابيك النوافذ واستخدام الدهانات الطاردة للبعوض والناموسيات المشبعة بالمبيد، وعمل حملات الرش الوقائية والتثقيف الصحي والمشاركة المجتمعية".


في ختام حديثة يتمنى د. ياسر عبدالله باهشم الصحة والسلامة للجميع وينصح بضرورة زيارة الطبيب في الوقت المناسب وأخذ العلاج كون العلاج السريع يحمي من مضاعفات المرض ويقول "فإذا شعرت بأحد أعراض المرض سارع بزيارة أقرب مركز صحي في منطقتك".

خاص لـ "الأيام"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى