بسبب قلة الوعي والضائقة الاقتصادية.. مخاوف من تزايد معدل الجريمة والانتحار في عدن

> يسرى طه سيف

> مختصة نفسية لـ"الأيام":المجتمع العدني يمر بمنعطف سيخلف ظواهر مفزعة
> دعوات للقضاء على ظاهرة السلاح وانتشاره في عدن

> أكدت الدكتورة رانيا خالد، عضو هيئة تدريس في جامعة عدن واختصاصية اجتماعية ودعم نفسي، في لقاء خاص بـ"الأيام" أن العنف ظاهرة مرفوضة ومقيتة وغير مقبولة في أي مجتمع، فالعنف لا يولد إلا العنف وبالتالي يظل المجتمع معرض لجميع الانتهاكات إذا تفشَّـت فيه هذه الظاهرة.

وقالت :"لكن للأسف ما يحدث في هذه الفترة وما نلمسه ممن لم يستوصوا بالنساء خيرا، وحتى نكون منصفين ليس الجميع كذلك، فهناك ممن أنهكته الأوضاع الاقتصادية المتردية أدى به إلى انعكاس طبيعي على أسرته بما فيها المرأة".

وأضافت :"قضية الرأي العام المتعلقة بالطفلة حنين إبراهيم البكري هزت المجتمع ككل وكلنا بكينا عليها وتألمنا لها، وخرجنا في وقفات وطالبنا بالقصاص، لأنه هو الحكم العادل من وجهة نظري، وتابعنا الجلسات ورأينا الملابسات، وللأسف هناك دفاعات من قبل الجاني حول هذه القضية، بأنه لم يكن قصده القتل العمد ولكن المجتمع بأكمله يراقب هذه القضية، والجلسات ويكفي أنه ذهب إلى منزله لإحضار السلاح وقتل طفلة بريئة".

وقالت رانيا خالد بأنها تضم صوتها إلى جانب الأصوات المطالبة بالقصاص.

وأضافت :"هناك جريمة أخرى ظهرت مؤخرًا وهي مقتل الشابة فاطمة محمد عمر التي قام الجاني بطعنها ومثلما قيل (ومن الحب ما قتل، وفي الأصل الحب لا يقتل، إنما ما حصل هو للأسف عدم وعي وعدم وجود وازع ديني واستهتار بأرواح الناس، والمجتمع ككل يمر بمنعطف سوف يؤدي إلى الكثير من هذه الظواهر، لأن الأوضاع الاقتصادية المتردية وغلاء الأسعار، وانعدام الخدمات تؤثر كثيرًا في الأفراد، والذين يُـشكِّـلون المجتمع، وبالتالي سوف تنعكس على تعامل الأفراد، فالبعض يلجأ إلى الحشيش المخدر، ولكن تعاطي المخدرات ليس عذرًا، صحيح أن المتعاطين كثر، وأن الحبوب المخدرة انتشرت، وكثير من الناس يربط انتشار أي جريمة بأن مرتكبها يتعاطى المخدرات أو أنه كان يتعاطها".

وتابعت: "نحن لا ننكر هذا الشيء، وتواجده، ولكن لا يجب أن تكون شماعة نعلق عليها العذر الذي يؤدي إلى تخفيف حكم العقوبة على الجاني، بل على العكس يجب أن يكون العقاب مضاعفًا".

واستطردت: "ومثل ما قلت سابقًا أن ذلك يعود إلى عدم استقرار المجتمع، وهذا الشيء أنا أتحدث فيه كباحثة في علم الاجتماع، المجتمع المستقر اقتصاديًا وخدماتيًا، والمجتمع الآمن هذا المجتمع أقل ما تجد فيه انتشار الجريمة".

وبحسب الدكتورة رانيا فإن المجتمعات المنهارة اقتصاديًا والتي تعاني من تردي الخدمات سيتأثر طبيعيًا على الأفراد، فيصبح المجتمع بؤرة للجرائم.

وواصلت :"هذا الكلام قد تحدثنا عنه في مقالات قبل سنة أو سنتين، وكنا كباحثين في علم الاجتماع ننذر بأن تدهور الأوضاع، سوف يؤدي إلى تفشي الجريمة مستقبلًا، وهذا ما يحصل الآن واليوم نتمنى أن تقف إلى هذا الحد، وأن يستقر بنا الوضع على هذا الحد، ونريد أن يكون المجتمع آمنًا ومستقرًا بحيث أننا نتخلص من الجريمة".

وأشارت إلى أنه لا أحد منا، سواء كان أبًا أو أمًّا أو فردًا في الأسرة لا يريد أن يرى أحدًا من العائلة أو من أقاربه مجنيًّا عليه، أو حتى جاني، فنتمنى من الجهات القائمة في بلادنا أن تبذل قصارى جهدها في الاستقرار المجتمعي، قدر الإمكان، وفي تحسين الخدمات والحد من الغلاء حتى تعود المجتمعات آمنة.

من جهته قال لـ "الأيام" عبدالرحمن أنيس محمد -صحفي ومدرس في كلية الإعلام جامعة عدن- :"إن حوادث العنف الموجودة حاليًا في مدينة عدن تحديدًا هي طبعًا من الممكن أن تحدث في أي منطقة أخرى، وليست حصرًا على المدينة، ولكن نحن نتحدث عن مدينة عدن باعتبارنا ساكنين فيها وليس بغرض حصر العنف، وكأنه في عدن فقط، والسبب الرئيس للعنف هو انتشار السلاح وتوفره وصرف تراخيص السلاح بشكل كبير، وفي اعتقادي الشخصي سواء بحادثة مقتل الطفلة حنين إبراهيم البكري، أو الحوادث التي تلتها يجب أن تتنبه الأجهزة الأمنية، لكي تقوم بحملة واسعة لمصادرة ومكافحة السلاح غير المرخص، وإعادة النظر في حيازة السلاح المرخص، فلولا السلاح ما كان بالإمكان أن تقع جرائم مثل مقتل الطفلة حنين البكري، أو حادثة القتل التي حدثت في أول أيام عيد الأضحى في كريتر وغيرها، فلولا وجود السلاح ما كان من الممكن أن تكون الأضرار أخف بكثير ولا تزهق الأرواح في هذه الحوادث".

ويضيف قائلًا رأيه في مقتل الطفلة حنين إن حقيقة مقتل الطفلة حنين هو ابتلاء عظيم من الله عز وجل، ونسأل الله ألا يضعنا في موقف أحد طرفي هذا الابتلاء، فلا بد أن نأخذ العبرة والعظة من هذا الابتلاء في الحقيقة، أولًا حل الخلافات بهدوء سواء كانت الخلافات هذه خلافات مرورية أو كانت أي نوع من أنواع الخلافات التي نشاهدها في الحياة.

والأمر الآخر يجب ألا نلجأ للسلاح في أي خصومة بينية مع أي مواطن آخر، مع جار أو صديق أو حتى مواطن لا تعرفه فلا تلجأ للسلاح إطلاقًا.

والأمر الثالث أن علينا أن نتعظ في مسألة الغضب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في وصيته [لا تغضب].

ويتابع أنيس :"ينبغي على الناس ألا تتسرع في الغضب مهما كان، والابتعاد عن اللجوء إلى خيار السلاح إلا في حالة الدفاع عن العرض أو المال، وهذا طبعًا شيء لا يحدث في الشارع، أنا أتحدث إذا شخص هجم على منزلك أو من هذا القبيل".

ووفقا للصحفي البارز في عدن، فإن أبرز ما يمكن أن نأخذ منه العظة هي قضية الطفلة حنين البكري، فيجب حل الخلافات بهدوء وعدم استخدام السلاح، وتجنب الاستعجال قدر الإمكان، فقد تكون لحظة غضب هي سبب في أن ترمي بك في السجن فترة طويلة، وربما تصل بسببها إلى الإعدام.

وحول قضية مقتل الشابة فاطمة محمد عمر، علق أنيس : "أولًا أستغرب كيف بالإمكان أن يدخل شخص سكين إلى مركز تجاري فيه شركة أمنية دون أن يتم تفتيشه، فإذا كانت الشركات الأمنية هي المفروض أن تقوم بحماية المراكز التجارية، فعلى أجهزة الأمن أن تشدد عليها بإلزامها تفتيش الداخلين إلى هذه المتاجر، على اعتبار أن المواطن يذهب إليها، والوضع آمن بداخلها بفعل وجود تلك الشركات الأمنية".

وتابع: "حسب علمي فإن النيابة تجري تحقيقات في حادثة طعن الشابة فاطمة، وستحال القضية بصورة مستعجلة، شأنها شأن قضية الطفلة حنين وكذلك مقتل عامل مقهى السكران في كريتر، وكل قضايا الرأي العام وسيحال الأمر بصورة مستعجلة إلى المحكمة".

وأضاف أنيس أرى أن نتريث في مسألة القضية، بالرغم من أن المتهم في أقواله الأولية في محاضر جمع الاستدلالات، أشار إلى أنه طلب الزواج منها ورفضت هي ذلك ولكن أرى أن نتريث إلى حين أن يُـدلي المتهم بأقواله أمام القاضي، في جلسة المحكمة، وهناك أمر آخر هذه القضية تفتح الضوء على حال النساء البائس في بلادنا، إذا صحت رواية المتهم طبعًا فإن المرأة قد تدفع حياتها ثمنًا للرفض، وكأنها مجبرة بقبول أول شخص يتقدم لها، وهذه مأساة ونحتاج إلى توعية الناس أكثر بأن المرأة كيان مستقل منفصل، له حق الرفض وحق القبول وله كافة الحقوق التي يتمتع بها الذكر، وبالتالي لو كان الجاني يعي هذه الأمور، لما كان سيقدم على قتل امرأة، لرفضها الزواج منه حسب اعترافه الأولي.

وأردف قائلًا: "أنا لا أعلم إذا كان الجاني يتعاطى مخدرات أو لا، لكن وبشكل عام المخدرات و(الحشيش) قد تدفع الإنسان فعلًا لارتكاب جرائم، ولكن إذا دفعت المخدرات شابًا معينًا إلى ارتكاب الجريمة، ففي هذه الحالة واجب عليه العقاب الشرعي، لأنه أصبح خطرًا على المجتمع، ومن ناحية أخرى على الأجهزة الأمنية واجب كبير، حيث أن هناك انتشارًا كبيرًا لهذه الآفة، ولا أحد ينكره، إنما هذا لا يمثل عذرًا لأي جاني، بل على العكس هي تدينه أكثر لأنه خرق القانون مرتين، أولًا لتعاطيه مواد محظورة ومحرمة، وثانيًا لأنه أدمن على المخدرات لدرجة وصوله لارتكاب الجريمة.

خاص لـ"الأيام".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى