مسؤولة المرأة لـ"الأيام": نحن في هذا الوضع نعيش في مرحلة حرب ولا نمتلك أجهزة دولة

> وئام الزميلي

> النساء بحاجة ماسة لاستعادة قانون الأسرة الخاص بجمهورية اليمن الديمقراطية
>  المرأة والطفل يتعرضان لمعظم أنواع العنف باعتبارهما الحلقة الأضعف

> قالت ياسمين أحمد مساعد رئيسة دائرة المرأة والطفل في المجلس الانتقالي الجنوبي، لـ"الأيام": "إن العنف ضد المرأة ليس وليد اللحظة بل موجود في جميع المجتمعات منذ نشوئها وحتى يومنا هذا".
ياسمين أحمد
ياسمين أحمد


وفي لقاء خاص لها مع "الأيام" أشارت رئيسة دائرة المرأة والطفل بالمجلس الانتقالي الجنوبي، إلى أن العنف الممارس ضد المرأة له أشكال وصور متعددة ومختلفة منه (العنف الجسدي، والعنف النفسي، والعنف الجنسي) وغيرها، وتتفاوت النسب بحسب ثقافة المجتمعات، نلاحظ أن دول العالم الثالث تزيد فيها معدلات العنف عن الدول التي تتمتع باقتصاديات قوية، وذلك نتيجةً لانخفاض درجة الوعي في مجتمعات الدول الفقيرة، وخاصة من الأسرة نفسها، فالمجتمعات الراقية فيها أسر مثقفة وواعية تعطي حرية وأهمية وفاعلية للبنت منذ نشأتها، وتمنحها مساحة من القرار حتى وإن كان إلى حدٍّ ما صغير كـ (اختيار نوعية الملابس) التي ترتديها هذه الطفلة، أو الذهاب إلى أماكن معينة من المتنزهات وغير ذلك.

كذلك لفتت مساعد إلى أهمية تعليم الطفلة والاهتمام بكل جوانب تنميتها ثقافيًا، أو إبراز ما تمتلكه من مواهب ومَـلَـكَـات وإجادة الرسم أو الشعر أو الرياضة أو غيرها من الفنون، وكذا صقلها ورعايتها حتى تتمكَّـن الفتاة من إبرازها في مرحلة أخرى.

وأشارت إلى أن بعض المجتمعات تنتشر فيها عادات وتقاليد وموروثات، تقوم بتربية الفتاة على نمط معين، يحد بعد ذلك من فاعلية الفتاة في المجتمع.

واستطردت: "وجود قيود في الحريات لا سيما منها التعليم، أي أنهن عندما يصلن إلى مرحلة معينة من الابتدائية أو الثانوية العامة يتم منعهن من الدراسة، من أجل تهيأتهن للزواج وهن في سن غير قانونية، ولم ينضجن بعد لا فكريًا ولا جنسيًا، ما يؤدي بعد ذلك إلى أنهن يتعرضن لحالات وفاة كثيرة، أو مشكلات كبيرة مثل: الإجهاض وموت الأطفال الخدج (الولادة المبكرة) والتفكك الأسري و الفشل في القيام بالواجبات الأسرية أو الزوجية، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى انتشار ظاهرة الطلاق وتفكك الأسر.

وبخصوص المنظمات التي تُـعنى بحقوق المرأة أشارت ياسمين بأنها موجودة سواءً كانت منظمات إقليمية أو دولية، وفيما يقابلها هناك جمعيات ومؤسسات تعمل على الدفاع عن المرأة، والمطالبة بحقوقها، ولكن في ظل مجتمعات محافظة ليست بالرقي المطلوب، فإن فاعليتها بكل تأكيد ستكون قليلة أو غير مؤثرة، بالذات إذا وافق ذلك عدم تفعيل للقوانين.

وأكدت رئيسة دائرة المرأة والطفل في المجلس الانتقالي الجنوبي بالقول: "نحن في هذا الوضع نعيش في مرحلة حرب ولا نمتلك أجهزة دولة، لتقوم بواجباتها المثلى نحو تفعيل هذه القوانين، التي تحمي المرأة، وبالتالي يكون هناك انتشار كبير جدًا لظاهرة العنف ضد المرأة، فالذي يغتصب ويتحرش ويرتكب جرم في حق الفتاة أو المرأة، لا يُـحاسَـب لا يُـزَج به في السجن، أي أنه لا يكون هناك قانون رادع لهذا المعتدي، فبالتأكيد ظاهرة العنف ضد المرأة ستنتشر".

وتابعت: "نحن اليوم بحاجة إلى تفعيل هذه القوانين والتي هي موجودة في الدستور وفي المواثيق ولكنها غير مفعلة".

ولمحت: "إذا عدنا إلى الخلف وتحديدًا في الأعوام (1970م) و (1980م) في عهد جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقًا، كان هناك قانون الأسرة والذي يكفل ويضمن كافة الحقوق للمرأة، منها أنه عرَّف الزواج بأنه عقد بين الرجل والمرأة".

وبحسب مساعد: "ولكن فيما بعد تم تحويل هذا النص إلى أنه عقد نكاح من هنا فقدت المرأة كثيرًا من حقوقها".

وبحسب التفاصيل، كان القانون سابقًا يُـحرِّم زواج الرجل بدون أن يستشير أو يُخبر زوجته، أي أنه من الضروري عند الزواج الثاني أو الثالث أن تعلم في أقل تقدير بأن زوجها سيتزوج.

وأضافت ياسمين أحمد مساعد أنه حتى الدين الإسلامي توجد فيه نصوص تقول أنه من الضروري تخيير المرأة، وكذلك يتم إعلامها بأن الرجل سيتزوج، وبعد ذلك لها ما شاءت من خلال حرية الاختيار، سواءً كانت تفضل البقاء مع الزوج أو تسريح بإحسان.

وبخصوص قضية الطفلة حنين إبراهيم البكري قالت مساعد "إنها هزت الشارع الجنوبي من أقصاه إلى أقصاه، وكلنا علمنا بحيثيات الجريمة الشنيعة، أن تُـقتل براءة الطفولة وتلطخ الطفلة بدمائها وهي ما زالت في عمر الزهور بالخامسة أو السادسة من عمرها، هذا بكل تأكيد أوجع القلوب، والسبب اختلاف رأي على تصادم مركبتين، يقوم الجاني بالعودة إلى منزله، ويأتي بالسلاح ويُـطلق النار على السيارة التي حصل معها حادث التصادم، دون أن يكون هناك وازع من رأفة أو رحمة لمن هم داخل السيارة، لأن هناك من قال: (إن الجاني كان يعلم أن في السيارة طفلتين).

فماتت الطفلة الأولى من دون ذنب، تخيلوا الآن الطفلة الأخرى الآثار النفسية التي عاشتها خلال تلك اللحظات كيف واجهت الموقف وهي ترى النار باتجاهها هي وأختها، وعندما شاهدت الرصاص يخترق جسد شقيقتها وهي تصارع الموت بجانبها وهما وحيدتان بداخل السيارة.

هذا الحادث سيترك أثرًا نفسيًا، من الصعب أن تتخطاه أو تجتازه الطفلة الناجية.

وقد استبشر الشارع الجنوبي وفي العاصمة عدن تحديدًا خيرًا من حكم الإعدام، ونتمنى من القضاء أن يقول كلمته العادلة، وأن يتم تثبيت حكم الإعدام على الجاني في حال استؤنفت القضية مرةً أخرى، لكي يكون عبرة لغيره، مشيرة إلى أنه إن لم يكن هناك ردع وقصاص في هذه القضايا الجنائية تحديدًا، سيصير المجتمع وكأنه غابة القوي يبطش بالضعيف، وهذا أمر غير مقبول ولم يعد مقبولًا، داعية كل من له تأثير أن يضغط من أجل إصدار حكم عادل في القضية.

وبشأن طعن فتاة (توب سنتر) في مديرية المنصورة قالت ياسمين أحمد مساعد: "كل ما تسرَّب لدينا فيما يخص الفتاة فاطمة محمد عمر عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، لكن نحن ننتظر ما تخرج به مجريات التحقيقات وعلى ضوئه سنقول الرأي المناسب".

وأضافت: "إن كان سبب اقتراف الجاني لهذه الجريمة بهذه الطريقة البشعة كما يُـقال بأن المجني عليها رفضت الزواج منه، بالرغم من حُـبه لها فهذا الأمر مخزٍ ومخجل، وهنا نتساءل كيف استطاع هذا الشاب أن يُـدخِـل الوسيلة (السكين) التي استخدمها لقتل الفتاة فاطمة إلى المركز التجاري؟ هناك غموض.. أي أشياء حادة أو سلاح من الممكن أن تتسبب بالأذى لا يجب إدخالها إلا عبر تصريح".


وأردفت: أن الذي أوجع القلب أيضًا هو عند قيام العاملات بإبلاغ مالك المركز التجاري، قام بسحب الجثة إلى السلالم فتنصَّـل من مسؤوليته تمامًا، فهذه مسؤولية إنسانية أولًا، ومسؤولية أخلاقية كذلك، هو المسؤول وكما قال الرسول عليه الصلاة والسلام [كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته] من المفترض أن يكون هو الحامي الأول لمن يعمل لديه، لكن للأسف قام بإخراج الفتاة وهي في لحظاتها الأخيرة، بالرمق الأخير من الموت، لم يحاول حتى أن يُـسعفها إلى المستشفى.

وقالت رئيسة دائرة المرأة والطفل في المجلس الانتقالي الجنوبي: "الجريمة انتشرت بشكل كبير في كثير من المحافظات، وهذا قد يكون بسبب واقع الحرب التي نعيشها اليوم، وكذا الوضع الاقتصادي المتردي الذي أصبح الجميع يعاني منه ولكن غير مقبول أن تنتشر الجريمة بهذا الشكل"، وتمنَّـت من منظمات المجتمع المدني والدولة بكل أجهزتها الأمنية والعسكرية والمدنية، وكل من كان لديه قرار أو سلطة أن يقف على كل ما يجري اليوم في وطننا، لوضع برامج ومعالجات عملية لكل ما يحدث".

وبحسب مساعد: "لاحظنا أن معظم أنواع العنف تتعرض له شريحتان في المجتمع وهما (المرأة والطفل) والَّـلذان يُـعتبران الحلقة الأضعف في أي مجتمع، ولهذا فإنهما أكثر الشرائح المجتمعية تضررًا وتأثرًا بما يجري".

ودعت مساعد الجميع أن يكون يد عون لانتشال المجتمع من هذا الوضع، والعودة بالجنوب إلى سابق عهده، فالعاصمة عدن كانت مدينة السلام، وكانت مدينة التعايش السلمي، ومأوى لكل الزائرين من كل بقاع العالم، عدن كانت مثالًا للوئام والسلام المجتمعي، لتقبُّـل الآخر باختلاف الديانات واللهجات والمشارب السياسية، نتمنى أن نعود إلى سابق عهدنا، وهذا سيكون ونحن على أعتاب استعادة دولتنا الجنوبية، وقد صرنا قاب قوسين أو أدنى منها، وأرجو عند استعادة الدولة أن نضع لبنات وأساسات وقواعد متينة لهذه الدولة، لبناء مؤسساتها المدنية والأمنية والعسكرية، التي ستضمن للمواطن الجنوبي الحقوق والحريات والتعبير عن الرأي وضمان المعيشة الكريمة ،وصون الكرامة للإنسان الجنوبي، إننا نصبو إلى أن يكون حلمًا يُـحقَّـق على أرض الواق.

خاص لـ"الأيام".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى