الدولة تُمكن النساء في مناصب صنع القرار.. 8 سيدات في المحكمة العُليا باليمن

> «الأيام» الخليج 365 :

> خلال 20 عام عُينت امرأتان فقط في المحكمة العليا وهما القاضي سامية مهدي والقاضي خديجة عمبول

> أدّت، السبت، 8 سيدات يعملن في السلك القضائي اليمني، اليمين الدستورية، أمام رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي، كأعضاء في المحكمة العُليا، من أصل 40 عضوًا، وهي المرة الأولى التي يتم فيها تعيين نساء في مثل هذا المنصب القضائي الرفيع.


وتواجد عنصر نسائي على هذا المستوى العالي في السلك القضائي، لا سيما في بلد محافظ كاليمن، يراه مراقبون يمنيون بأنه "مؤشر جديد، على توجه الدولة لتمكين النساء في مناصب صنع القرار، وهو ما لم يكن في السابق".

وكانت المرأة اليمنية قد كسرت حاجز تواجدها في هرم السلطة القضائية، عبر القاضية صباح علوان، إذ تم تعيينها في شهر أغسطس من العام الماضي، عضوًا في المجلس الأعلى للقضاء اليمني، وهي هيئة قضائية أعلى من هيئة المحكمة العُليا، كأول امرأة يمنية تُقّلد منصبًا قضائيًا في أعلى هرم السلك القضائي.

وتعتبر اليمن من أوائل الدول العربية التي سمحت للمرأة بخوض غمار العمل في السلك القضائي، ويعود ذلك للعام 1971 من القرن الماضي، وكان ذلك في الشطر الجنوبي لليمن، ليتطور الأمر بعد ذلك إلى أن تقاسمت فيه المرأة النسبة المئوية بالعمل في القضاء، كقاضيات مع الرجل حتى العام 1990، وهو العام الذي شهد في شهر مايو، إبرام الوحدة بين الجنوب والشمال، لتتراجع فيه النسبة وتتقلّص إلى حوالي 1,8 %، بحلول العام 2006، وهي السنة الأخيرة التي يتم فيها رصد بيانات في هذا الشأن، وفق دراسة أعدّتها اللجنة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا (الإسكوا) نشرتها في العام 2019.

وعلى ضوء تعيين 8 يمنيات، أعضاءً في المحكمة العُليا، لأول مرة في تاريخ البلاد، رحّب الاتحاد الأوروبي عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، يوم الأحد، بتلك الخطوة، معتبرا إيّاها خطوة جديرة بـ"الثناء"، وتندرج ضمن الرحلة الطويلة لتمكين النساء في اليمن.


كما دعا الاتحاد الأوروبي، في سياق منشوره، إلى المزيد من عمليات إدماج اليمنيات، وتعيينهن في أعلى المناصب الرفيعة.

وسبق أن تم في العام 2006، تعيين امرأة واحدة فقط للعمل في المحكمة العُليا وهي القاضية سامية عبدالله سعيد مهدي، وفي عام 2011 ايضاً تم تعيين امرأة واحدة فقط في المحكمة العليا وهي القاضية خديجة محمد عامر عمبول، إلا أن البلاد على مدار تاريخها لم تشهد أن تم تعيين 8 نساء في مثل هذا المنصب، في سابقة تاريخية هي الأولى من نوعها.

في غضون ذلك، قالت القاضي إكرام أحمد حسين العيدروس، وهي واحدة من 8 قاضيات تم تعيينهنّ عضوًا في المحكمة العُليا: "جاء اختياري ضمن الـ8 قاضيات، لأنني اكتسبت خبرات على مدى 40 عامًا في مجال القضاء، وتنوعت الخبرة في مجالات العمل القانونية والجنائية والمدنية والأحوال الشخصية والمحاكم التخصصية الأخرى، مثل محكمة الأموال والأحداث والضرائب، حيث كنت رئيس محكمة الأحداث ثم رئيس محكمة الضرائب".
القاضي إكرام أحمد حسين العيدروس
القاضي إكرام أحمد حسين العيدروس


وأشارت العيدروس إلى أن "هذه الخبرة في مجال القضاء، جعلتني على قدر من الكفاءة والتأهل إلى أن وصلت إلى أعلى هيئة قضائية وهي المحكمة العُليا".

‏ونوهت العيدروس، إلى أن "عدد 8 نساء من أصل 40، أي بنسبة 20 %، يعد مقارنة بالتعيينات السابقة نتيجة أفضل"، معربة في الوقت نفسه عن آمالها في "الاستمرار بتعزيز مشاركة المرأة في الهيئات القضائية العُليا، ومراكز صنع القرار".


‏وبحسب العيدروس، فإن "أهمية تواجد عنصر نسائي في المحكمة العُليا، تساعد في دعم وتفاعل الجهاز القضائي مع قضايا العنف ضد المرأة، وردم الفجوة في السلطة القضائية بحيث يناصر المرأة ويحل قضاياها"، لافتةً إلى أن "تواجد عنصر نسائي في المحكمة العُليا، سيساهم في رفع نسق أداء السلك القضائي، لأن المرأة القاضية حريصة على الانتظام في مقار أعمالها في المحاكم، والكثير من تقارير هيئة التفتيش القضائي قد شهدت على كفاءة المرأة القاضية، وكذا على حسن أداء الواجبات المناطة بها كقاضٍ".

وأكدت العيدروس أن تمكين المرأة في السلك القضائي بشكل عام، سيُعزّز من سيادة القانون، كما أنه سيُعزّز من دور المرأة في القضاء، بالإضافة إلى أنه سيُعزّز من مبدأ المساواة ومبدأ العدالة".

بدورها، وصفت المحامية والمديرة القُطريّة لمؤسسة مبادرة مسار السلام المُدافِعة عن حقوق الإنسان عفراء خالد الحريري، الخطوة بالـ "جيدة"، مستدركةً: "إلا أنها من صميم قانون السلطة القضائية وتسلسل قانوني للترفيع في الدرجات/ المستويات القضائية، وليست منحة أو هبة من المجلس الرئاسي".

وبحسب الحريري فإن المجلس "يبدو أنه يريد معالجة مشكلة القضاء بالتودد إليه، مع تحسين وضع النساء فكان له ذلك، من خلال ضرب عصفورين بحجر واحدة، وهنّ مستحقات، وعليهن بفرض توزيعهن في دوائر المحكمة العليا (الدستورية، الإدارية، الجزائية، المدنية، التجارية،...)، وليس القبول بدائرة الأحوال الشخصية فقط".

وأشارت الحريري إلى "الفارق الذي سيحدث بالفعل، إذا تم التعيين للنساء في مجلس القضاء الأعلى بعدد 3 إلى 5 نساء قاضيات، وكان عدد القاضيات المعيّنات أعضاءً في المحكمة العُليا، بعدد 20 قاضية".

وتؤكد عفراء الحريري أنه"من المهم تواجد النساء في أعلى هيئة قضائية، مع ممارسة حقيقية للمهام والاختصاصات، أي ألا يبقى العدد مجرد رقم (شكليا) فقط، خاصةً أن مهام المحكمة العُليا ليست عادية أو بسيطة".
عفراء حريري
عفراء حريري


وطالبت الحريري المجلس الرئاسي بأن "يواصل خطاه على ذلك النحو في إطار هذه السلطة/ المهنة بشكل عام، وعلى النساء في السلطة القضائية بألا يسمحن بالتراجع طرفة عين في هذا الاستحقاق في المستقبل القريب والبعيد".

وأشارت الحريري إلى أن "الخطوة الحقيقية في تمكين النساء، وعلى المجلس الرئاسي اتخاذها، هي التعيين في مواقع صنع القرار (الوظيفة السياسية) على مستوى السلطة الرئاسية والتنفيذية والمحلية، إذ تتنوع النساء في التخصصات والانتماءات والتوجهات والوظائف والعداوات، إلى آخره".

من جانبها، اعتبرت رئيس مؤسسة دفاع للحقوق والحريات المحامية هدي الصراري، أن تعيين 8 نساء في المحكمة العُليا "سابقة مشرفة، باعتبار أن المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة العُليا سابقاً كانا يخلوان من أي تمثيل نسائي، بينما الحراك النسوي في اليمن يطالب دائما بتمثيل النساء في دوائر صنع القرار بناءً على مخرجات الحوار الوطني والاتفاقيات التي تم التوقيع عليها في اليمن".
هدى الصراري
هدى الصراري


وتابعت الصراري "وبناءً على أحقية وكفاءة وخبرات النساء في اليمن، القادرات حقيقة على إدارة مناصب ومواقع في الحكومة والقضاء والتمثيل الدبلوماسي"، مشيرةً إلى أن "المرأة اليمنية أثبتت جدارتها ومسؤوليتها في حل الخلافات والتسويات، والوصول لحلول كثيرة تسير بالبلاد لبر الأمان، بعدما أثبت الرجل فشله وبجدارة".

وأضافت: "بينما المرأة منذ اندلاع الحرب وسابقاً، كانت في الصفوف الأولى، لانتشال البلد من الدوامة التي دخلت فيها، نتيجة الأزمة السياسية، ومشاركتها في أعمال الإغاثة والمساعدات الإنسانية، وبرامج الحماية وفض النزاعات والسلم المجتمعي".

وبخصوص العدد والنسبة التي مثّلتها النساء في المحكمة العُليا، تقول الصراري: "بالطبع تمثيل المرأة لا يواكب التطلعات التي يسعى لها الحراك النسوي اليمني وفق مرجعيات وطنية ودولية، لكنه بداية أمل لقيادة سياسية، تؤمن بالشراكة الحقيقية للنساء، إلى جانب الرجل، في انتشال اليمن، من هذا الوضع السياسي والإنساني والاقتصادي المتأزم".

وذهبت الصراري، في سياق حديثها للتأكيد على أن "تواجد العنصر النسوي، سيرفع من كفاءة وأداء السلك القضائي، ويعتبر ذلك إنجازًا، فالعنصر النسوي متواجد وبكثرة، أضف إلى ذلك، إدارات المرأة والطفل في السلك القضائي، الأمر الذي أكسب المرأة خبرة وكفاءة وتخطيطا، للرفع بقدرات النساء العاملات في السلطة القضائية".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى