​توافقات جديدة بمرجعيات مختلفة بين الفاعلين في الملف اليمني

> عمر الرداد:

>
تشي التطورات التي يشهدها الملف اليمني أنّ "حلًّا" يلوح في الأفق لهذا الملف، ولا يستبعد أن يكون شاملًا، على الرغم من العديد من التحديات والعقبات، إذ يبدو أنّه يتم تفكيك تلك التحديات وبصورة تتسم بالتسارع، على الرغم مما تشهده ساحات المواجهات، وتحديدًا داخل اليمن، من تصعيد بين الفرقاء متعدد المستويات، إلّا أنّ عاملين فيما يبدو ساهمًا في جعل إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام شامل يبدو احتمالًا واقعيًا في المدى المنظور؛ وهما:

أوّلًا: ازدياد وتفاقم حدة الأزمات الاقتصادية وتداعياتها، ويبدو أنّها شكلت قاسمًا مشتركًا لدى كافة الأطراف المعنية "المتصارعة والداعمة"، لتقديم تنازلات وتوليد رغبات جادة بالشروع في مفاوضات مختلفة تحقق هدف إنقاذ اليمن.
ثانيًا: ظهور سياقات جديدة تتضمن توافقات، بمرجعيات مختلفة، بين الفاعلين في الملف اليمني "أمريكا وإيران والسعودية".

في سياق هذه المرجعيات جاءت الزيارة المفاجئة التي قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى سلطنة عُمان ولقائه مع السلطان هيثم بن طارق، والإعلان قبل عودة الأمير محمد بن سلمان إلى الرياض عن توجه وفد من قيادة جماعة الحوثي إلى الرياض لإجراء مفاوضات مباشرة مع السعودية، يرجّح أن تركز على إعادة إنتاج النفط في اليمن، وصرف رواتب الموظفين المتوقفة منذ عدة أشهر بسبب الأزمة المالية المتفاقمة التي يواجهها الحوثيون، والتي ظهرت تداعياتها عبر احتجاجات واسعة تجاوزت أعضاء جماعة أنصار الله، وشارك فيها كوادر وعناصر من المؤتمر الشعبي العام، وكوادر من حزب الإصلاح، "وهما المتحالفان مع الحوثيين".

مظهر آخر من مظاهر "الحلحلة" في الملف اليمني، يتمثل بتوافقات ثنائية بين السعودية والحوثيين حول بعض القضايا الإجرائية، بالتزامن مع توافقات أخرى بين الشمال والجنوب اليمني، فمن جهة هناك توافقات سعودية ـ حوثية، على إنهاء ملف تبادل الأسرى، تنهي المراوحات التي شكلت عنوانًا في معالجة تبادل الأسرى عبر اجتماعات عديدة عقدت في عواصم أوروبية وفي العاصمة الأردنية عمّان، إلّا أنّها جميعها، وعلى الرغم مما حققته من نجاحات، بقيت محدودة تخضع لحسابات سياسية من قبل الفرقاء، وتشير تسريبات إلى أنّ المفاوضات الحالية تذهب باتجاه توافق على حلول نهائية لهذا الملف وصولًا إلى إغلاقه بشكل تام، وبالتزامن هناك توافقات بين المكونات الرئيسة المشاركة في الشرعية: (الإصلاح) و(المؤتمر) و(الانتقالي)، لتشكيل وفود التفاوض مع الحوثيين.
 سياقات جديدة

وعلى الرغم من أنّه من المبكر تأكيد تقديرات متفائلة بإنجاز حل شامل للملفات اليمنية، استنادًا لمزاعم ومقولات أنّ كل ما يجري ما هو إلّا محطة من محطات تفاوض سرّية بين السعودية والحوثيين برعاية مسقط، وأنّها ستكون طويلة، وربما تتضمن تحقيق الحوثيين مكاسب جديدة، إلّا أنّ ذلك لا ينفي أنّ هناك شرعية لمساحات تفاؤل أوسع من السابق، مرتبطة بتطورات متسارعة شهدها هذا الملف، وأبرزها:

 أوّلًا: على الرغم من هشاشة الهدنة الموقعة بين السعودية والحوثيين، واستمرار العمليات الحربية بين الحوثيين وقوات الشرعية، إلّا أنّ هذه العمليات انخفضت كمًّا ونوعًا، وفي الوقت الذي توقفت فيه الطلعات الجوية وضرب أهداف في صنعاء، توقفت عمليات إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة إلى الداخل السعودي والإماراتي، كما حققت عمليات تبادل الأسرى نجاحات، على الرغم من محدوديتها وعدم شمولها قوائم الأسرى من قبل الطرفين، يضاف إلى ذلك انخفاض حجم ومستوى الحملات الإعلامية المتبادلة، ولا شك أنّ انشغال السعودية بملفات إقليمية وأخرى دولية، وأدوارها الجديدة، تشكّل سببًا ومبررًا لها لإغلاق ملفات اليمن.

 ثانيًا: المفاوضات الجديدة تشير إلى أنّ توافقًا سعوديًا إماراتيًا جاء بعد لقاء رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على هامش قمة الـ (20) التي عقدت في الهند، ويبدو أنّ أولى ترجمات هذا التوافق تشكيل الوفود المشتركة بين المجلس الانتقالي والمجلس الرئاسي، ومن المرجّح أنّ تلك التوافقات ستظهر تباعًا في ملفات أخرى، غير قضايا تشكيل الوفود المشتركة.

ثالثًا: ومن بين التطورات التي يشهدها الملف اليمني أنّ هناك مواقف أمريكية جديدة، توقفت على إثرها اتهامات سعودية وخليجية لواشنطن بدعم الحوثيين في إطار علاقات سرّية مع إيران، لا سيّما بعد رفع جماعة أنصار الله من قائمة الإرهاب الأمريكية، وبالتزامن توقفت اتهامات موازية للأمم المتحدة بتوفير غطاءات للحوثيين والتواطؤ معهم بما في ذلك عمليات توزيع المساعدات، ويشار هنا إلى المواقف الأمريكية، وعلى الرغم من ارتباطها باعتراضات على بعض التفاصيل كقضية صرف الرواتب وميناء الحديدة ووصول المواد الإغاثية، إلّا أنّ للإدارة الأمريكية مصلحة بإنجاز اتفاق للملف اليمني في هذه المرحلة، لاستخدامه ورقة في الانتخابات الأمريكية القادمة، بإظهار قدرتها على إنجاز سلام في ملف معقد.

 رابعًا: بالنسبة إلى الحوثيين، فإنّ الأزمة المالية المتفاقمة بما هي عليه من سياقات وأسباب مرتبطة بالفساد في إدارة الدولة، بالتزامن مع عدم قدرة القيادة الإيرانية على تزويد الحوثيين بمخصصات مالية نتيجة للأزمة المالية الخانقة في إيران، تشكّل دافعًا للحوثيين للمضي في المفاوضات وتحقيق مكاسب مالية، لا سيّما أنّ المفاوضات الجديدة ستركز على قضايا صرف الرواتب وإعادة إنتاج النفط في حقول الجنوب، وكلها تشكل مصادر حلول مالية بالنسبة إلى الحوثيين.

"حفريات"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى