الفاسد في ثياب الواعظين

> الفساد مثل الفيروس يوجد في البيئة الصالحة لتكاثره، كما إن الفيروس يوجد في الجسم الضعيف قليل المناعة، فإن الفساد ينتشر في البيئة ضعيفة القوانين وقليلة الرقابة. المحاسبة الفساد أنواع- سياسي-اقتصادي-مالي-أخلاقي-وغلب الفساد السياسي والمالي على كل أنواع الفساد، أما الفساد الأخلاقي فيمارس يوميًا، نتعايش معه في كل مكان، بعد أن انهارت المنظومة الاجتماعية تحت ضغط الفساد السياسي، الذي أثر في منظومة القيم الاجتماعية، وذلك لضعف بيئة القوانين وانعدام المحاسبة والرقابة.

وعندما يلبس الفاسد ثياب الواعظين وينسى نفسه، وهؤلاء منهم كثير في مجتمعاتنا العربية، ستجد الوزير أو المسؤول أو الفاسد السابق يتحدث مثل الملاك، وينتقد الفساد، ويقدم رؤى عميقة للمشكلات، وحلولًا عبقرية، بل إن بعضهم أصبح يقدم نظريات في الأخلاق والفضيلة، ومحاربة الفساد، ويتحدثون في الطهارة والشرف، ويقدمون أنفسهم في ثياب الناصحين.

في عالم السياسة من الصعب أن تعثر على سياسي يقول الحقيقة، والسياسة بطبيعتها تحمل المناورة والكذب، وأحيانًا الازدواجية، لكن عندنا زاد عن حده، وتخطى المسموح به عالميًا ومحليًا.

يبيعون ويشترون باسم الوطن وينهبون مقدراته، والوطن براء منهم، نحن لا نتهم الناس، لكن الحقيقة أن هناك فاسدين بإجماع الآراء، واتفاق وتطابق التقارير الصادرة من منظمات مكافحة الفساد، والمنظمات الدولية.

تجد الفاسد حين كان في موقع المسؤولية كان بليدًا وعاجزًا، وربما متورطًا في كل ما ينتقده بعد مغادرة منصبه، ولكن عندما غادر منصبه أصبح مثل الملاك الطاهر وينتقد الفساد والفاسدين.

والفساد يبدأ من البيت فعندما يطلب الأب من الابن أن يشتري دجاجة بقيمة 4000 ريال، يقوم الابن ويشتريها بـ3000 ريال، ويدعي أنه اشتراها بـ 4000 ريال، وعندما يأتي عامل صيانة الكهرباء وهو المكلف بإعادة التيار الكهربائي أو عداد الماء، بعد دفعك لرسوم الإعادة، يأتيك عامل الصيانة ليطالبك تحت أي مسمى (ابن علوان- الشاي- المواصلات) وعندما يأخذ عليك سائق الباص المئة ريال المتبقي عنده من الكسور، وعندما تطلب المدرسة من الطلاب قيمة أوراق الامتحانات في بداية العام، وعندما يأخذ منك الصراف رسوم فتح الحساب، ورسوم إصدار البطاقة. وعندما يطلب من طلاب الجامعة الحضور حسب جدول المحاضرات، ولا يأتي المحاضر، ويتم إشعار الطالبات والطلاب بأن المدرس لن يأتي لمحاضرة اليوم. وعندما يطلب الدكتور عمل فحوصات وتحاليل، أنت في غنى عنها، بحجة الاطمئنان لهو الفساد بعينه، حيث وجد بيئة صالحة له، فتكاثر في كل مكان.

إن الفساد ليس له وطن، ولكن له حاشية من ملوك وأمراء ووزراء، تجدهم في كل مكان في ثياب الواعظين.

في النهاية يبقى السؤال هل وجود هيئة مكافحة الفساد حرصا على مكافحة الفساد، أم أنه من لزوم ديكور الحكومات، حتى يقال إن هذه الحكومة لديها هيئة مكافحة الفساد، وتنبيه الفاسدين إن الريحة بدأت تفوح فعليهم أن يستروا أنفسهم؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى