الحل للمنطقة تدريجي: اتحاد دول الجزيرة أولًا

> الإعلام الرسمي للكل محلي وخارجي، يبشر أن تسوية اليمن باتت قريبة، لكن المواطن في أي محافظة لا يثق إلا بما يراه ويعيشه، فالمبشرون في كوكب والمواطنون في كوكب آخر.

تحركات إقليمية ودولية لكن أهمها تحرك المملكة وعمان للتوصل لتسوية تنهي الحرب، وتتشكل سلطات يعترف بها العالم، مقابل التزام بدعم لإرساء عهد جديد ويغلق الملف.

هذا التوجه لا يخدم الشعب ولا شعوب المنطقة، بقدر ما يخدم القوى المتصارعة، وسرعان ما سندخل فصلًا جديدًا للصراع على السلطة، وبوتيرة أعنف وسيدفع المواطنين بعد استراحة قصيرة ثمنا باهضا يدمر ما تبقى. ولن تستقر المنطقة طالما اليمن غير مستقر.

تجربة استيلاء أنصار الله محدودة العدد على العاصمة صنعاء، ومعظم محافظات الشمال وتثبيت سلطتها، وتوسيع نطاق حربها للجيران، هذا مؤشر لإمكانية تكراره. وبالتالي لا أمن ولا استقرار شامل ودائم، ناهيك عن عوامل أخرى أهمها جوار الغني والفقير المعدم، وما يمكن استثماره لأهداف قوى خارجية. كما حققت إيران أهدافها في المنطقة.

ولأجل الاستفادة مما حصل ودمر اليمن وأثر تأثيرًا كبيرًا على المملكة بالذات، والمنطقة عموما، لابد أن تكون

أي تسوية برؤية استراتيجية، لخلق أمن واستقرار للمنطقة بكاملها، شامل ودائم ما لم لن تستقر الأوضاع، بل إنها مرشحة لتكرار تجربة أنصار الله من آخرين، سيجدون داعمين كثر أقوى من إيران. ولهذا لابد لصانع القرار في المملكة وعمان استشعار الخطر الداهم، في أي مرحلة قادمة قبل فوات الأوان.

الرؤية الاستراتيجية التي ستخلق واقعا جديدا، تبدأ بضمان عدم تكرار التوجهات التقليدية، بإرساء فكر جديد شامل للمنطقة، على مراحل تبدأ من دول الجزيرة أولًا وهي المملكة وعمان واليمن بنظام كونفدرالي، كمقدمة للتوسع لاحقًا لدول المنطقة شرقها وشمالها وغربها، لتمتد إذا نجحت التجربة أوسع من ذلك.

المملكة لها رؤيتها 2030 وعمان لها رؤيتها منذ عهد السلطان قابوس رحمه الله، ولهذا لابد لليمن من وضع رؤيتها بعد مساعدتها لتجاوز محنتها من خلال تشجيع الفكر الجديد، لصياغة الرؤية الخاصة بها جنوبًا وشمالًا.

فكرة اتحاد دول الجزيرة أولًا (المملكة /عمان /اليمن جنوبها وشمالها) ستحقق الكثير للمجموعة، وللدول ذاتها كونها ذات تاريخ عريق، وتمتلك موقعا استراتيجيًا هامًا، وتمتاز بالتنوع لتضم المحافظين والمعتدلين والمتحررين، ناهيك عن الثروات المتنوعة، التي تمتاز بها المجموعة، ولاسيما الإنسان الذي عاصر تجارب عديدة، تؤهله لتقديم الأفضل لأجياله القادمة. اتحاد دول الجزيرة الثلاث، لها علاقات شرقا وغربا، وبالتالي تكمل بعضها البعض للمصلحة المشتركة. وهناك الكثير والكثير من القواسم المشتركة التي ستمحي مع الوقت الاختلافات القليلة الموروثة.

نجاح تجربة اتحاد دول الجزيرة أولًا، سيدفع بقية دول المنطقة لتأسيس عدد من الاتحادات الكونفدرالية، تمثل عددًا متجانسًا ومتجاورًا، تجمعه قواسم مشتركة، كمثل اتحاد دول الخليج، واتحاد دول الشام، واتحاد شرق أفريقيا، واتحاد شمال أفريقيا، ليكون هذا التوجه واقعيًا، يمحي ما قد رسخ من فشل لتجربة مصر وسوريا، التي عادتا لوضعهما بفضل حنكة الزعيم جمال عبدالناصر، وكذلك فشل وحدة اليمن التي دمرها قادة نظام صنعاء. وهذه الاتحادات المتجانسة تسهل تلاقيها بالتدريج وفقا للمصالح المشتركة لشعوبها.

فهل يمكن لصناع القرار في المملكة وعمان أن يسهما في تحقيق ذلك، خدمة لهما أولًا وللمنطقة بشكل عام. أم أن التسوية سارية في اتجاه إرضاء مصالح ضيقة، لا تخدم الشعب وترتد نتائجها على الجميع، وبالتالي نكون قد أضعنا فرصة ثمينة لن تتكرر، خاصة وأن العالم مشغول بملفات حساسة وخطيرة.

وإذا لم تتحرك ضمائر اليمنيين الحرة لرسم رؤيتهم، فإن التاريخ سيلعنهم وستدفع الأجيال القادمة ثمن ذلك.

نائب وزير الخارجية السابق *

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى