فما من شيءٍ في الحياة إلا ويتغير، والوحيد من الخلق الذي لا يتغير هو: الميت والجاهل، اللذان يلزمان حالهما، لهذا يقال: "إن الجاهل والميت صنوان".
إن الكون والطبيعة والموجودات تتجدد، فانظر كيف..!!

البحر يتجدد بالمد والجزر، والليل والنهار يتجددان بطول الساعات وقصرها. الأنهار تتجدد بكثرة مياهها في أوقات الأمطار..

الأرض تتجدد عبر الفصول الأربعة فأجواؤها ما بين حر لاهب وبرد قارس وأجواء معتدلة..

القمر له أطواره فيتغير شكلهُ المرئي من مرحلة المحاق مرورًا بالهلال ثم البدر ويدور في منازله .. كما أن الشمس تتجدد فتغير مكان شروقها وغروبها.  
إن حياة الإنسان أيضًا تتجدد فمنذ تَفتُّق بُرعمه في الرّحم وهو يتقلّب بطبيعتِه من حالٍ إلى حال، يتغيِّر من نطفةٍ إلى علقةٍ ثم إلى مضغة حتى يصبح إنسانًا شامخَ القوّةِ متكامل الخلق والبنية، فيمر بالطفولة والشباب والرجولة والنضج ثم يبدأ بالترهل فيفقد الإنسان قوته ليصل إلى مرحلة أرذل العمر.
ومع كل ذلك..!!

نرى نظرة التخوف في عيون مجتمعنا للتغيير و يُعتبرونه صفة ذميمة فيقولون: "متغير علينا" فيرددونه وهم في قِمة الغضب والغيظ، والأسوأ عندما ينفي المُتلقِّي ذلك وكأنه يستحِي بعارِه الذي خبَّأه تحت إِبطِه مخافةَ أن يراه أحد فيُذيقه من لَومِ الكلام علقمًا.
ومن أصعب الأشياء في  مجتمعنا..!! هي التغيير.

ويُعتبر من أراده في مجتمعنا شخصًا مُجرِمًا يستحِقّ عقابًا لجريمته.
لذا من حق الإنسان أن يتغير ..!!

في أي وقت من حياته، فالتغيير هو جزء من نموه الشخصي، وتطوره وتحسينه المستمر للذات، وحريته في تحري الحقيقة إنما هي بمثابة الانطلاق نحو طريق واسع وعظيم في رحلته للبحث عن المعنى. فالرغبة في التحري و معرفة الحقيقة هي بالتحديد أساس التنمية البشرية، وما يُميّزُ الضميرَ الإنسانيَ وصون لكرامة الإنسان.