الغاز الطبيعي المسال الروسي يعزز موقعه كمصدر أساسي لدول الاتحاد الأوروبي

> «الأيام» أ ف ب:

> زادت دول الاتحاد الأوروبي كميات الغاز الطبيعي المسال الروسي التي تشتريها على رغم الحرب في أوكرانيا، ما يعكس تعقيدات إيجاد بديل لمصدر الطاقة الحيوي هذا مع اقتراب الشتاء.

وبعد بدء الغزو في فبراير 2022، قلّصت موسكو بشكل حاد من صادرت الغاز عبر الأنابيب الى الاتحاد الأوروبي، ما دفع دوله الـ27 للبحث عن مصادر بديلة في ظل اعتمادها على الوقود الأحفوري.

واستثمرت دول الاتحاد في البنى التحتية لموانئها، وزادت العام الماضي كميات الغاز الطبيعي المسال التي تشتريها بنسبة 70 بالمئة. وتشكل الولايات المتحدة مصدر 40 بالمئة من كميات هذا الغاز المنقول عبر السفن.

لكن الدول الأوروبية زادت أيضا من كميات الغاز الطبيعي المسال الروسي، خصوصا عبر "توتال إينرجي" الفرنسية التي استثمرت بشكل كبير في سيبيريا.

ويستثنى الغاز من العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية على روسيا بسبب الغزو، لكن نسبته من إجمالي الواردات الأوروبية تراجعت خلال العامين الماضيين. وبات الغاز الروسي (عبر الأنابيب أو الطبيعي المسال) يشكل 15 بالمئة فقط من إجمالي وارداته الى الاتحاد الأوروبي في الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، مقابل 24 بالمئة في 2022 و45 بالمئة في 2021.

لكن هذا التراجع الاجمالي لا يعكس صورة فعلية بشأن الغاز الطبيعي المسال من روسيا، اذ بلغت كمياته 12,4 مليار متر مكعب خلال الأشهر السبعة الأولى من السنة (17 بالمئة من إجمالي الواردات الأوروبية)، مقابل 19,3 مليارا طوال عام 2022 و13,5 مليارا في 2021.

وشكّل الغاز الطبيعي المسال نصف كمية الغاز التي استوردها الاتحاد الأوروبي من روسيا بين يناير ويوليو، مقابل الربع في 2022.

وقال المفوض الأوروبي للطاقة قدري سيمسون منتصف سبتمبر في وارسو "يمكننا ويتوجب علينا تقليص واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي وصولا الى إلغائها بالكامل. أحضّ الشركات والدول الأعضاء على القيام بدورها".

وتبدو دول الاتحاد مستعدة للشتاء، اذ أن مخزوناتها من الغاز امتلأت بنسبة 90 بالمئة اعتبارا من منتصف أغسطس، وجددت تأكيد خفض الاستهلاك.

وقال المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة فاتح بيرول في 18 سبتمبر "نحن في وضع أفضل" هذه السنة، مبقيا على حذره نظرا لأن شتاء 2023 قد يكون "أشد من العام الماضي".

- واقع تجاري -

ودعت منظمة "غلوبال ويتنس" غير الحكومية في آب/أغسطس "الحكومات الى إعداد خطة طوارئ لوضع حد لتجارة الغاز الروسي التي تملأ جيوب المقربين من (الرئيس فلاديمير) بوتين"، مؤكدة أن واردات أوروبا من الغاز الروسي هي أعلى فعليا من المعلن رسميا.

لكن الخبراء يرون أنه من الصعوبة بمكان أن تستغني القارة عن الغاز الروسي بشكل فوري.

وقال الباحث في معهد بروغل سيموني تاليابييترا "ثمة واقع تجاري: للشركات الأوروبية عقود طويلة الأجل مع المزوّدين الروس"، ولا يمكنها بالتالي خفض الكميات التي تشتريها سوى بشكل تدريجي مع انتهاء مدة هذه العقود.

وأوضح أن الحل الوحيد لتجاوز هذه العقبة هو حظر واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي أو خفض كمياته الى مستوى متفق عليه وفق منصة مشتركة وسقف للسعر، وبالتالي تقليص اعتماد أوروبا على مزوّد غير موثوق به يشكل خطرا جيوسياسيا على التكتل القاري.

وتابع "حتى في حال توقف شراء أي غاز طبيعي مسال من روسيا اعتبارا من أكتوبر، يمكن لأوروبا تمرير الشتاء بسبب تراجع الطلب (على هذه المادة) من الصين"، ما يخفف من الضغوط على سوق الغاز العالمية ويتيح للقارة إيجاد مصادر بديلة للطاقة.

وفي حين يسهل تحويل وجهة الغاز الطبيعي المسال المنقول عبر السفن، لا تزال الكميات المعروضة عالميا "محدودة"، والمشاريع الجديدة المرتقبة "لن تبصر النور قبل أعوام"، وفق الخبير في "إي آي" معز عجمي.

وفي حال أرادت أوروبا استبدال الغاز الطبيعي المسال الروسي بآخر من الولايات المتحدة أو قطر، ستصبح كلفة هذا المصدر أعلى، اذ ستضطر لدفع مبالغ أكبر نظرا لأن المسافة الفاصلة بين القارة الأوروبية وهذين البلدين، هي أطول من التي تفصلها عن روسيا.

والى الآن، لم يطرح حظر الغاز الروسي بالكامل على طاولة البحث الأوروبية. الا أن احتمال الإجازة للدول الاعضاء تقليص الكميات التي تشتريها مدرج ضمن تشريع أوروبي بشأن أسواق الغاز تتم دراسته في الوقت الراهن.

وسبق لدول أوروبية عدة أن خفضت مشترياتها من الغاز الطبيعي المسال الروسي في 2022، مثل البرتغال والسويد وغيرها، في حين أن دول أساسية مثل فرنسا وإسبانيا وبلجيكا زادتها بنسبة 55 بالمئة، وفق مركز "آي اي إي إف ايه" البحثي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى