تعلمت من مادة الجغرافيا..!!

> إن كلمة جغرافيا (Geography) أصلها هي إغريقية يرادفها في اللغة العربية "وصف الأرض"..

لقد أحببت هذه المادة في المدرسة، لأنني تعلمتها من معلمة قدمتها لنا وكأنها وصفة الحياة، فظل وصف الأرض مرتبط في ذهني باكتشاف الحياة من حولي. لقد علمتني رسم الخرائط بحب وشغف بعيدًا عن أسلوب الكتاب التقليدي.

لذا تعلمت من مادة الجغرافيا أن الارض كروية وليست مربعة ذات زوايا لنختبئ فيها، وهي مسطحة لنلتقي معًا، كما أنها تدور لنقترب من بعضنا أكثر فأكثر دون النظر للغير بنظرة (أنا وغيري هو الغريب)، أي لن تفرقنا جغرافية المساحة والمكان، ولنا كل الأرض لنلتقي. كما أن الكرة الأرضية لا تدور حولك (أنت)، ولا حولي (أنا)، هي دلالة لنترك التنافس جانبًا، ونمد أيادينا لنصافح الكل بمودة ونلمس الطيب في نفوس الناس، نشاركهم أمور الحياة دون تردد فلقد جئنا إلى الدنيا وهي دوارة بمعنى إن لم يرجع الأمس فلنا غد، نضيء به الدنيا ونملؤها حمدًا.

وفهمت أيضًا أن كوكبنا مكان واسع وكبير يتسع للجميع، وسكانه بمختلف أجناسهم وتوزيعهم الجغرافي في مختلف البيئات هم من: أصل واحد، وهدفهم واحد،

كأنهم عائلة واحدة،

كما أن النعم والخيرات التي أوجدها الله فيه وفيرة لدرجة تكفينا وتزيد، فلا حاجة لنا في التباري، التنازع والقتال، بل نحتاج التعاون والتعاضد للاستفادة منها وتوزيعها.

كما تعلمت من معلمتي عند شرحها دورة اكتمال القمر بأن لكل بداية نهاية، فلا حزن لنهاية مرحلة من حياتنا، إذ حتمًا ستتبعها بداية لمرحلة أجمل بعقلية أنضج.

ومن درس دورة المياه في الطبيعة قد تعلمت أن الأمطار لا تهطل إلا بعد تكاثف الغيوم، كما السعادة لا تأتي إلا بعد كومة الهموم، ومن تصادم غيوم التحديات تظهر بارقة الحقيقة وتمطر أمطار الخير والبركة و تنقشع الغيوم لتظهر شمس النهار.

وكم أحب الجغرافيا الفلكية وتعلمت منه أن الفضاء لا حدود له، تمامًا كأحلامنا وخيالنا التي لا حدود لهما.

إنني من عشاق منظر قوس قزح، وكلما رأيته في السماء أتذكر فورًا إنه يظهر بين شيئين متضادين هما الشمس والمطر، فلا أكره من يختلف عني ويخالفني الرأي والرؤى، فجمال المحبة دومًا تتجلى في التنوع والاختلاف.

ولم أهتم يومًا بجمل الكتاب الجافة كجفاف وحرارة الطقس صيفًا، بل أحببت مجتمعي والناس من حولي وأنا أحفظ جملة دافئ ومشمس، غائم وممطر بأمطار الحب والوئام، الرحمة والشفقة، وتعلمت كيف أحفر في أراضي النفوس لأغرس فيها البذور، لتنمو ورود السلام في كل مكان حتى في تلك الصخور الصلبة.

لقد كنت أدعو بحرارة وما زلت إلى يومنا هذا لتهطل أمطار البركة بغزارة كي يتحول مستنقع الإنسان المتقوقع في ذاته إلى بحر مواج، يقذف الدرر ليعم الخير على مجتمعنا والبشرية بأسرها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى