مصفاة عدن وسعر الصرف.. لأخر مرة!!

> انتشرت مؤخرًا "مقولة" بأن تدهور سعر صرف الريال المستمر من قرابة ثمانية أعوام تعود أسبابه إلى إغلاق مصفاة عدن.

"مقولة"، قام بنشرها مسؤول سيادي رفيع المستوى، قيلت خلال اجتماع وافتقرت إلى ثوابت وأساسيات ومناهج وقوانين اقتصادية.

إن المسببات الرئيسية في تحسن أو تدهور سعر صرف عملة أي بلد لا يرتبط إطلاقًا ب "وجود مصفاة/مصافي" تكرير النفط في ذلك البلد بعينه. والأمثلة على الواقع عديدة ومعروفة. وعلى سبيل المثال وليس الحصر: إن كل من لبنان ليبيا والعراق ومصر وتركيا وباكستان، وفنزويلا وحتى إيران [تحت المقاطعة]، كل هذه الدول لديها مصافي تكرير النفط وبأحجام يفوق بمرات حجم مصفاة عدن المتواضعة. بل إن هذه الدول (باستثناء لبنان وباكستان وتركيا) هي دول رئيسية منتجة ومصدرة للنفط (والغاز) ترفد خزائنها بالعملة الصعبة. وبرغم هذه "الميزات الاقتصادية - Economic Advantages ", إلا أن عملاتها الوطنية اختبرت تاريخيًا ومازالت "تدهورًا" في أسعار صرفها مقابل الدولار الأمريكي انعكست آثاره المدمرة والملموسة عمومًا على الواقع الاقتصادي لكل دولة ومعيشة وحياة مواطنيها.

أساسًا، إن من أهم العوامل المؤثرة في سعر أي سلعة (ذهب، نفط، قمح ..إلخ) وأيضًا أي عملة وسعر صرفها مقابل أخرى، يعتمد على التشريع الاقتصادي المعروف "العرض والطلب"، عاملان يؤثران تلقائيًا في تحركات الأسعار نفسها.

كما إن عوامل الاقتصاد الكلي - Macro Economics وعلى رأسها ميزان المدفوعات - Balance of Payments بشقيه الميزان التجاري (الأهم- استيراد وتصدير) والميزان الرأسمالي (استثمارات، ورؤوس أموال). بجانب النشاط الاقتصادي لقطاعات الناتج المحلي الإجمالي المختلفة - GDP. كما أن هناك مسببات الاقتصاد الجزئي - Micro Economics منها [أمثلة] نسب التضخم ،البطالة، مستوى الدخل، والاستهلاك المحلي، القطاع المصرفي، والسياسات النقدية والمالية ومشتقاتها من أسعار الفائدة والإنفاق الحكومي (غياب السياسات التقشفية) والدين العام ( حجمه وخدمته).. إلخ.

نحن دولة نستورد نحو 90-95 % من احتياجاتنا الأساسية والحياتية والكماليات بحجم فاتورة (بالعملة الصعبة) تبلغ في أحسن الأحوال (في الوقت الراهن) نحو 5- 6 أضعاف ما نصدره (بالعملة الصعبة)!!!!.

بالإضافة، ونتيجة للوضع القائم منذ نحو 9 أعوام انكمشت تدريجيًا وبدرجة كبيرة إيراداتنا من العملة الصعبة (صادرات النفط والغاز، تحويلات المغتربين، استثمارات، مساعدات، هبات، منح ..). وأصبح هناك "فجوة سحيقة" في توفر العملة الصعبة (العرض) مقابل حجم "الطلب" عليها، ومن أجل الحصول على العملة الصعبة، تم/يتم ردم هذه الفجوة (زيادة الطلب على العرض) من خلال "التضحية بالقوة الشرائية" للريال من انزلاقات مستمرة في سعر الصرف... تصيب المواطن بمقتل.

وأخيرًا، وليس بأخير ساهم غياب وضعف الحكومة على تطبيق وتنفيذ النظام والقانون من خلال مؤسساتها المختلفة و هشاشة وتخبط سياسياتها المالية(استنزاف الاحتياطات، تضخم الكتلة النقدية..) كلها مجتمعة أدت إلى [إحكام قبضة الاقتصاد الأسود/الظل - Black/Shadow Economy] على نواحي الأمور الاقتصادية والمالية والتجارية والمتحكم بها بما في ذلك "سعر صرف الريال مقابل الدولار الأمريكي "!!!

على ضوء الشرح الموجز أعلاه، فهل تصلح يا ترى" مقولة المصفاة" في تحسن سعر صرف الريال ؟!!!

الجواب: كلااااااا كبييييرة!!!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى