​انخفاض السيولة وتراجع مخيف لقيمة العملة والحكومة تبحث عن خيارات

> «الأيام» العربي الجديد:

>
يعيش اليمن على وقع أزمة نقدية تزداد تفاقمًا مع انخفاض السيولة من الأوراق النقدية على مستوى الريال اليمني والعملات الأجنبية، ملقيةً بتبعات وخيمة تطاول الاقتصاد الوطني وسط تراجع إضافي لقيمة العملة المحلية، وتأثر برامج الإصلاحات الحكومية، وكذا تزايد المشكلات المرتبطة باستيعاب المنح المالية من الدولار وتمويلات المانحين والصناديق والمؤسسات المالية الدولية، ما يغذي المخاوف من المزيد من التناقص في المساعدات الدولية.

وأكد متعاملون مصرفيون في مختلف الأسواق النقدية اليمنية أن هناك أزمة سيولة خانقة زادت حدتها خلال الأيام الماضية بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث يسود قلق واسع في سوق الصرف بمختلف المناطق اليمنية وسط ضبابية الأوضاع في المنطقة ومآلاتها وحجم تأثيراتها على التمويلات والمنح الدولية التي يعتمد عليها اليمن في توفير العملة الصعبة لضبط السوق النقدية وتمويل استيراد السلع والمواد الأساسية.

يأتي ذلك في ظل تفاقم الأزمة النقدية وصعوبة الحصول على العملة المحلية من الفئات الورقية في صنعاء وجزء من مناطق شمال اليمن في ظل تخوف الأسواق من الأحداث المشتعلة في المنطقة نتيجة العدوان الإسرائيلي، وسط توقعات بتبعات سلبية وأضرار بالغة على الأسواق المحلية المصرفية والتجارية، والعملة المحلية والاقتصاد.

يضاف إلى ذلك، تفاقم الأزمة النقدية في عدن ومناطق إدارة الحكومة المعترف بها دوليًا مع اضطراب سعر صرف الريال مقابل العملات الأجنبية وشح الدولار في ظل ما تواجه الجهات المعنية من صعوبات وتعقيدات في الحفاظ على السيولة والموارد النقدية.
يؤكد الخبير الاقتصادي مطهر عبدالله، لـ"العربي الجديد"، أن الضرورة تقتضي خلال الفترة الراهنة تركيز السلطات الحاكمة في اليمن على الوضع الراهن الذي فرضته الأحداث الأخيرة التي تشهدها المنطقة بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة، وأن الأوضاع بعد 7 أكتوبر لن تكون كما قبلها لذا يجب وضع الخطط اللازمة والطارئة لمواجهة التبعات التي سيتعرض لها اليمن على مستوى الأسواق النقدية وتهاوي العملة المحلية التي تشهد تراجعًا تدريجيًا خلال الأيام الماضية.

ورصد "العربي الجديد"، تدهور مقلق لسعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية، إذ تجاوز حاجز 1500 ريال للدولار الواحد الخميس 26 أكتوبر 2023 لأول مرة منذ أكثر من عامين في عدن ومناطق الحكومة المعترف بها دوليًا، في حين ارتفع سعر صرف الدولار إلى 540 ريالًا من 528 ريالًا في صنعاء ومناطق نفوذ الحوثيين.

الباحث المصرفي محمود السهمي يحذر في حديثه مع "العربي الجديد"، من تقاعس السلطات اليمنية التي يبدو عليها الارتباك الشديد من تبعات ما يحصل من منطقة وعدم الاستعداد لما قد يطاول اليمن من آثار بدأت تتسلل منذ أيام إلى سوق الصرف التي تخضع لسيطرة المضاربين، إذ يتوقع استغلال هذا الوضع من قبل المضاربين في التلاعب بالعملة المحلية كما بدأ ذلك يظهر في سحب العملة من الدولار ورفض الكثير من الصرافين البيع والاكتفاء بالشراء.

وتركز الحكومة اليمنية منذ أيام على الأزمة الكارثية التي خلفها إعصار "تيج" الذي ضرب المحافظات الشرقية من اليمن، وتجدد تفاقم أزمة الكهرباء والإشكالات الحاصلة في تزويد محطات الوقود بالكهرباء في عدن.

الباحث المالي والمصرفي نشوان سلام يوضح أن هناك أمرًا واقعًا تستمر السلطات المنقسمة بتكريسه في مناطق نفوذها والذي يضاعف أعباء وتكلفة معالجته مستقبلًا، إذ تسبب كل ذلك في هذا الوضع السيئ الذي يمر به اليمن في ظل تبعات مكلفة خلفها الصراع وانقسام السياسة النقدية وتدفقات النقد الأجنبي وتسييل العجز المالي.

ويتطرق سلام إلى استغلال بعض الأطراف للأحداث الجارية المشتعلة في المنطقة في تنفيذ مخططاتها في سوق الصرف ونهب السيولة المتوافرة أو سحبها من الأسواق، وكذا فرض قوانين إلزامية لرفع الأوعية الجبائية كما هو حاصل في صنعاء.

وتبحث الحكومة اليمنية العديد من الخيارات للحفاظ على السيولة النقدية كصرف مرتبات موظفي الدولة في مناطق إدارتها عبر البنوك والمصارف المؤهلة. وذكر مصدر حكومي مسؤول، لـ"العربي الجديد"، أن ذلك لا يأتي فقط لمعالجة الاختلالات والمشكلة القائمة في السوق النقدية واستعادة الدورة النقدية واستدامة قنوات تدفق السيولة بصورة مناسبة، بل أيضًا لتنفيذ حزمة الإصلاحات الشاملة والهادفة لمكافحة الفساد في المؤسسات العامة وتعزيز موارد الدولة وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.

في السياق، يشكو مواطنون ومتعاملون في سوق الصرف من النهب الذي يتعرضون له نتيجة مصارفتهم للدولار أو استلام الحوالات ومختلف المعاملات النقدية اليومية ووضعية النقود المتداولة، والاستغلال وانخفاض المبالغ المالية التي يتم تحويلها نتيجة تداول أوراق ممزقة يتم التخلص منها لعدم قبولها في التعاملات اليومية، ناهيك عن عملية التداول النقدي بين المناطق اليمنية التي تتداول تسعيرتين ونظامين مصرفيين مختلفين.

المواطن جبران سعيد، يوضح لـ"العربي الجديد"، أن البنوك في صنعاء قلصت بنسبة كبيرة عملية التداول من الأوراق النقدية المحلية إذ لا يستطيع عملاؤها سحب احتياجاتهم واستخدام ودائعهم بسبب ما تقول هذه المصارف إنها أزمة سيولة تواجهها، إضافة وفق حديث مسؤول في أحد المصارف لـ"العربي الجديد"، إلى ما تواجهه المصارف من إجراءات تعسفية تهدد مراكزها المالية من قبل سلطة صنعاء.

بدوره، يشرح المحلل المصرفي اليمني علي التويتي، لـ"العربي الجديد"، أن هناك توسعًا لمشكلة السيولة في الأسواق اليمنية وسط تضخم تدريجي لتبعاتها، ما يتطلب ضرورة البحث عن الأدوات والوسائل والحلول المناسبة لمواجهتها بما فيها تفعيل المحافظ الإلكترونية التي يرى أنها أصبحت ضرورة ملحة في ظل تفاقم هذه المشكلة النقدية خلال الفترة الماضية.

ويؤكد التويتي أن هناك نقصًا في السيولة على مستوى الريال اليمني، والدولار والريال السعودي حيث يتم استغلال المواطن اليمني بطرق عدة في ظل تعدد أنواع سعر الصرف في الأسواق؛ من أهمها سعر النقد، والسعر بالحساب، إضافة إلى أن هناك أسعار المقابل، وهو ما يعتبره استغلالًا بشعًا مع تمدد هذه الحالة، كالقيام بمصارفة سعر صرف الريال السعودي مقابل دولار نقدي، وكذا على مستوى الحسابات المالية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى