مدير مستشفى يافع رصد الأسبق يحكي قصته في رحاب مهنة الملائكة

> أحمد يسلم

> أب لثلاثة عشر من البنين والبنات ينتظر التقاعد المذموم براتب ضئيل..

> نشأ وترعرع في ربوع الريف الجميل وتحديدا مسقط الرأس قرية (الفرع الأعلى) مديرية يافع سرار من سفح قمتها يشم نسيم الهواء العليل وشذا الطبيعة النقي مع شروق كل شمس صباح وفي ذات الوقت تشرَّب قيم الوطنية والشهامة والكرم على يد والده المناضل الشهم الشيخ سعيد جابر حسن العمري الذي مثل في حياته طودًا شامخًا من هامات يافع يتردد صيتها في الأرجاء متصفًا بالعزة والشجاعة والكرم الحاتمي وكبرياء النفس.


درس الطالب سالم سعيد وترعرع في مدرسة (أمقيصرة) سرار ضمن أوائل الملتحقين بالتعليم النظامي لأول مرة الذي أدخل إلى ما يعرف حينها بيافع الحيد، وفي لودر وخنفر أنهى دراسته ليكن من الملتحقين في معهد الدكتور ناشر العالي حاصدًا دبلومًا طبيًا عاليًا وعلى يديه أي الدكتور - أمين ناشر درس سالم فنون مهنة الطب الباطني وعقب تخرجه التحق مباشرة بمستشفى الشهيد ناجي المخزن عام 1978م ومع مطلع 1979م، عيّن الطبيب المساعد في وحدة الشهيد حسين جبران الصحية حطاط حيث قدم خدمات جليلة لأبناء مناطق حطاط، امسدارة، كلسام، حمه، بشكل يومي مستمر يستقبل مرضاه بكل ترحاب ورضى يداويهم بابتسامته وروحه الصادقة قبل العقاقير الطبية. يتذكر الطبيب سالم سعيد جابر بعض المواقف الصعبة حيث ذهب إلى مريضة ليلا تعاني من نزيف بعد الولادة في منتصف حطاط وعلى قدميه قطع مسافات تزيد عن 30 كم حين يتعذر نقل المريض نظرا لانعدام وسائل المواصلات آنذاك أو لصعوبة مرورها قال لي: "كان الشعور بالمسؤولية عاليًا تجاه المريض الذي نذهب إليه إذا لم يأت إلينا لنجسد بحق شعار مهنة الطب الإنسانية وفقا للقسم الذي أقسمناه، تخيل حين يصل إليك أهالي مريض تستدعي حالته الإنقاذ من كلسام أو حبر حطاط لمسافات تصل إلى 30 كيلو وأكثر وهنا لابد أن تستدعي ضميرك الطبي والإنساني وتلبس حذاك وتحمل مصباح اليد متسلحًا بسماعتك الطبية والأدوية الإسعافية وفقًا للحالة المبلغ عنها وتنطلق، تعاملنا مع حالات صعبة منها لدغ الأفاعي السامة جدا وحالات الولادة المتعسرة وحالات السقوط من الجبال العالية وإصابات حوادث السيارات والرصاص وكانت النية تسبق العمل".

بعدها في مطلع فبراير عام 1980م، عاد مرة أخرى للعمل في مستشفى ناجي ولمدة ست سنوات متتالية وخلال هذه الفترة زامل أطباء محترفين استفاد وأفاد كثيرا من البعثات الطبية الصينية التي كانت تأتي كل عامين وتعد فترات البعثات الطبية الصينية في أبين هي الفترة الذهبية للعمل الطبي الإنساني واكب هذا أطباء محليين كانوا على قدر كبير من المهنية والمسؤولية أبرزهم الدكتور البارز عبد الحليم سيف أبن جعار البار، و د. طبيب الأطفال حسين الجفري، و د. سالم ناصر جابر وآخرين طبعا.

بعدها انتقل إلى العمل في مديرية رصد ونظرا لإسهاماته وانضباطه الوظيفي وخبراته المكتسبة في المجال الطبي اُختير ليتولى قيادة مستشفى رصد وهو المستشفى الأوحد في عموم مديريات رصد، سرار، سباح، والمديريات المجاورة من محافظة لحج خلالها وقبلها مثل مستشفى رصد شعلة من النشاط والحيوية والجدية وحسن الإدارة في الفترة التي تسنم فيها إدارة المستشفى وفي عهد زملائه من سبقوه في الإدارة والمهنة الإنسانية.

ظلّ مديرًا للمستشفى حتى أواخر 1996م وعن معلوماته وذكرياته في إدارة المستشفى قال: تأسس مستشفى رصد عام 1973م الذي بني على نفقة الأهالي والمغتربين ولعب مأمور المديرية يومها الفقيد طيب الذكر علي محمد عبادي دورًا كبيرًا في رعاية وتنظيم الجهود لإنجاز المستشفى ومنذ عام 1980م توالى وصول بعثات طبية خارجية للعمل الطبي في المستشفى منها:

مدير المستشفى والدكتور الهندي كومار وزوجته روماني
مدير المستشفى والدكتور الهندي كومار وزوجته روماني

* الدكتورA.B سينج هندي الجنسية 1984/1980.

* الدكتور. كومار طب عام وجراحة وزوجته روماني طبيبة نساء وولادة هنديا الجنسية للفترة 1988/1984.

د. ثان فيتنامي الجنسية 1996/1995.

* الدكتور حسن خيرالله جراح روسي 2016/1998.

والأخير بذل جهودا كبيرة جدا ووجد نفسه واحدا من أبناء المنطقة نظرا لإسهاماته الكبيرة وخدماته الجليلة في المستشفى وما تركه من سمعة حسنة طوال هذه الفترة حتى أنه تولى الإشراف على توسعة المستشفى بدعم المغتربين وبناء الدور الثاني نتيجة ثقة المغتربين والمواطنين وحين غادر إلى وطنه جرى له حفل تكريم يليق بخدماته الجليلة ناهيك عن أطباء محليين مرموقين أبرزهم الدكتور فاروق محمد ناصر من مودية، والدكتور جراح عبدالحكيم التميمي عميد كلية الطب جامعة عدن حاليا وهو اليوم من أشهر الجراحين في البلاد، إضافة إلى الدكتورة فيروز والدكتورة شهناز من العاصمة عدن وعدد من الأطباء النجباء من أبناء يافع رصد، ويمضي الطبيب سالم سعيد متذكرا

مستشفى رصد
مستشفى رصد

في عهده وعهد من سبقوه لمجرد اتصال واحد بجهاز اللاسلكي من إدارة المستشفى إلى غرفة عمليات وزارة الصحة في العاصمة عدن وفي الحالات الصعبة يأتي الإنقاذ بطائرات الهليكوبتر ومما يتذكره إنه في عام 1987م جرت حادثة انقلاب سيارة صالون في عقبة فلاحة سرار توفى عددًا من ركابها في الحال ومنهم سائق السيارة ونجله فيما تم إنقاذ من تبقى على قيد الحياة باستدعاء طائرة هليكوبتر من عدن وفعلا وصلت في الحال كالعادة وممن اتذكرهم المصاب سالم علي الحنشي، ومحمد أحمد الوعلاني وناصر الحراشي وحسين عبدالله محسن واتذكر أن حالة ولادة متعسرة لامرأة من "آل ديان" لجأنا إلى استدعاء الهليكوبتر هذا كمثال فقط بل وفي عهد إدارتي طلبنا استدعاء الهليكوبتر لأكثر من 14 مرة ناهيك عن الإسعاف بسيارة الإسعاف، وظل هذا النظام معمولا به منذ تأسيس المستشفى حتى عام النكبة عام 1994م لتشهد كل مناحي الحياة بعدها مراحل العد التنازلي وبأسلوب انتقامي والتخلص من كافة الكفاءات الوطنية النزيهة ليتم التعيين وفقًا لمقتضيات تصفية كل المكتسبات الوطنية والنيل منها ومن كوادرها المخلصة كنهج وأسلوب حياة لخبط كل مفاصل الحياة وقادها إلى الفوضى والعشوائية.

ما يزال سالم سعيد طبيبًا من جيل الأطباء المحترمين يعيش اليوم على دكة الانتظار للتقاعد المذموم براتب ضئيل جدا يقف عند 103.000 ريالًا يمنيًا، أب لثلاثة عشر من البنين والبنات وأكثر من ثلاثين حفيدًا هم كل أمله وثروته التي يفخر بها صباح كل يوم ومغرب كل مساء


يستعد اليوم الطبيب الناجح بامتياز سالم سعيد جابر ليتوج على منصة تكريم دعا إليها كل محبيه ومعظم زملاء المهنة الرفيعة لتكريمه التكريم اللائق الذي يليق به وبجهوده وخدماته الجليلة طوال أربعة عقود ونيف وعسى أن تكتحل عيناه بهذا اليوم السعيد الموعود.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى