عندما تكون كل الأيام ذكراك.. هشام الجامع

> كان همه الأكبر توحيد الكل الجنوبي دون إبراز بغض أو حقد على المستويات الشعبية والمواطنين في الشمال ممن هم دون طبقة الحكم السياسية وتحالفاتها. بل كان نصيرًا لهم من ظلم يثقل كاهلهم من أجيال.

هشام محمد علي باشراحيل محكوم بهذه التركيبة النفسية المعقدة، التي تضع الحرية في سدرة منتهاه، لا يحيد عنها في نعيم السلم أو حتى من المسافة صفر، وأزيز الرصاص يصنع لحنًا مفزعًا ومخيفًا إلا ما يكون منه حيث يلاعب أعواد القات في يده، وكأن ما يحدث هو تصوير فيلم أكشن وتلك هي مؤثرات الصوت.

حقيقة أقول ذلك عن تلك الليلة، بعد ما استنفذ المعز ذهبه وأتى حاملًا سيفه في وجه هشام كبير العائلة الباشراحيلية والعدنية والجنوبية.

وتلك ليلة من ليالي عدن سوف يسجلها التاريخ الجنوبي لزعيم من عدن، انبثق كالعنقاء الأسطورية من تحت رماد احتلال الجنوب، و وضع نفسه وأخاه وأولادهما في خط المواجهة الأول، من أجل حرية الجنوب، و كان بإمكانه أن يعيش الدعة والرفاه و الهدوء، بعيدًا عن خط النار هذا، ويضمن الربح دون الخسارة له ولأسرته الكبيرة، التي هي بقية من أب مكافح عن الحق، هو الأستاذ محمد علي باشراحيل الذي عرفته ساحات صاحبة الجلالة في عدن، مذ أقدم على إصدار هذه الصحيفة الأسطورية "الأيام" في العام 1958م.

تواترت هذه الأفكار وأنا أسمع طلقات الدوشكا وهي تلعلع في سماء عدن عند دوار السفينة، وقت الذروة بعد المغرب بين مجموعتين مسلحتين، ولأسباب تخصهما ولا تخص مدينة السلام عدن إطلاقا، وأصيب من جراء ذلك مواطنون عابرون وممتلكات عامة.

بينما كان يفترض أننا قد حررنا عدن وغالبية الجنوب مذ تسع سنوات، وأعدنا هيكلة الأمن والجيش في مؤسسات تحتكم لغرفة عمليات وإدارة واحدة.

كان هشام باشراحيل بمستوى القائد الجامع الذي يوحد الأجزاء المبعثرة من الجنوب الكبير بعقلية الموحد الكبير، ويضع عدن في المكانة الأسمى كعاصمة للجنوب وقلبه النابض، ويجمع من حوله الجنوب كل الجنوب بشرقه وغربه وشماله وجنوبه، ولذلك تراه لا يتعامل بطريقتين أو يكيل بمعيارين، أويضع مزايا لهذا العدني ويحجبها عن ذاك إطلاقًا.

وكانت تحركاته لجمع الجنوبيين تذهب إلى كل ما يمكنه الوصول إليه، إلى أبين والضالع ويافع وغيرها، بينما صار بيته محجًا للقوى الجنوبية من المهرة إلى باب المندب.

كان يدرك -ببصيرة القائد الكارزيمي الذكي- أن الجنوب سوف يعلو بكل أبنائه، وأنه سوف يتعثر ويسقط إذا عادت المناطقية والقبلية والعصبوية ومحاباة الأقارب والمقربين على حساب البناء الوطني والمؤسسي للجنوب، الذي لن تقوم له قائمة بممارسات مثل هذه، والتي تتم اليوم دون خجل للأسف الشديد.

يجب أن نصحو من غينا قبل فوات الأوان.

رحم الله أستاذ الوعي الوطني هشام باشراحيل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى