صحيفة عبرية.. إسرائيل بعد 7 أكتوبر: لهذا أصبحنا منبوذين في العالم

> «الأيام» القدس العربي:

> العالم يربط أحداث 7 تشرين الأول مع مواجهة طويلة مع الفلسطينيين. أمس، أصيب بصدمة من أحداث “بئيري”، والآن يصاب بالصدمة من الدمار في غزة، وفي الغد سيصاب بصدمة من شيء آخر. هذا يثير فينا الدهشة ويزعجنا. نعتبر هذا التجاهل استخفافاً بالقتلى والمخطوفين. ونطالب بالاعتراف بفرادة هذا اليوم. موقف الحكومة والمحللين هو أن 7 تشرين الأول كان حدثاً لا شيء قبله أو بعده. ويجب ألا نسمع أي صوت آخر.

يجب ألا نسمع الصوت الذي يشير إلى الصلة بين الحافلات المتفجرة في 2012 والأطفال الذين اختُطفوا في 2023، وبين الانتفاضة وغلاف غزة. لا نريد اعتبار 7 تشرين الأول فصلاً في قصة بدأت قبل مئة سنة. نحن نعتبره حدثاً فريداً لمرة واحدة مثل الكارثة. الفجوة بين الطريقة التي يرى فيها العالم أحداث ذاك السبت والطريقة التي نراها نحن، خلقت غضباً شديداً وعدم تفهم. لا نعرف كيف أصبحنا خصوصاً بعد المذبحة، أكثر عزلة من أي وقت مضى، دولة منبوذة يقاطعها الفنانون ومطارها فارغ. لا نعرف ذلك لأننا نسينا الاحتلال. لا نعرف أن المظاهرات في الخارج هي ضد الاحتلال أيضاً. أما نحن فنحتج: الآن تذكرتم؟ وفجأة يتم دفع “الاحتلال” مرة أخرى إلى المكان الذي نريد نسيانه. وأكثر من ذلك، هو أننا نحن الليبراليين والمتنورين كنا شركاء في هذا النسيان.

نحن مقطوعون عن العالم؛ نغلف أنفسنا بصدقنا وننغلق داخل أنفسنا ولا نرى ما يراه العالم. لماذا غزة فجأة؟ أين الصور من “بئيري”؟ النظر إلى المعاناة بشكل عام، ومعاناة الأطفال في غزة بشكل خاص، يعتبر بالنسبة لنا تقريباً مساوياً لأحداث ذاك السبت. التعاطف مع معاناة الآخر تعتبر خيانة. هذا غير جديد. فنحن لم نحب يوماً ما أن تقاسم معاناتنا مع الآخرين. دائماً نطلب الحصرية.

 المحللون يتفقون مع الصيغة الرسمية. بدءاً بالكلمة المرفوضة “مناورة” ومروراً بـ “هذا ليس الوقت المناسب” للتحقيق في عار ذاك السبت، وانتهاء بموقف المتفق عليه للجميع بأنه “لا يوجد أشخاص غير مشاركين”. الجميع مشاركون. حتى أبناء الثلاث سنوات. هكذا يستطيع الطيار تدمير مبان كاملة فوق رؤوس سكانها المشاركين بدون أي ذرة من تأنيب الضمير.

 وعن سؤال “لماذا فقدنا تعاطف العالم؟”، يتساوق التلفزيون مع الخط الرسمي: الجواب هو اللاسامية. كم هو غريب هذا الجواب على ضائقة اليهود الذين يضطرون الآن إلى الاختيار بين بلادهم ودينهم.

 في التلفاز لا ينشغلون بذلك. يهربون إلى المناطق الحلوة – المرة لـ “القصص الإنسانية”. المراسلون الكسالى يطلبون من الناجين القلقين إجابات سريعة حول شعورهم ويستخدمون بشكل مضخم كلمة “مثيرة” التي تكون دائماً مرفقة برفرفة غيتار وبيانو متأمل.

 التلفاز تحمل مسؤولية عن الاهتمام بالوضع النفسي الوطني، أحياناً على حساب العلم. قصة شهداء المعارك مثيرة. هل هناك شخص يعرف كم عدد الجنود الذين سقطوا في غزة حتى الآن؟ لا ينشرون أعداد الفلسطينيين الذين قتلوا في غزة كي يسرهم الدمار ولا يتأسفوا على الضحايا. يعلن المحللون دون أن يوضحوا للجمهور ما الذي يعتمدون عليه “لمواصلة الحرب”. وهم أيضاً يريدون “تدمير حماس”، لكن لا يوجد شخص شجاع واحد منهم يضيف: “حتى بثمن حياة المخطوفين”.

 “إطلاق سراح المخطوفين” أصبح ضريبة كلامية. و”الرغبة في التدمير” أقوى منه. بسبب المخطوفين يتأخر “الانتصار”، الذي كان سيغفر -حسب رأي نتنياهو وقادة الجيش- عار السبت. الثمن الذي سيكون مطلوباً مقابل إطلاق سراحهم سيجبرنا على تغيير صورة الانتصار، من “التدمير الفاخر” سنضطر إلى النزول إلى “المنطقة الفاصلة”، الرمادية، الجدار، خط بارليف وخط ماجينو. وحسب رأي تمير بردو، رئيس الموساد السابق، إلى خط 6 أكتوبر.

 للهزيمة تداعيات؛ فمن جهة، المعايير البربرية في ساحة الحرب ستنزلق إلى روتين حياتنا، وسيطلق الناس النار بعضهم على بعض في النقاشات حول موقف السيارة. وسيطرح اليئور ازاريا في الأستوديوهات الأفكار المترددة لمن يطلق النار على يهودي يرفع يديه. ومن جهة أخرى، هناك مكان للتفاؤل، ونأمل بأن الاعتراف بـ”الانتصار” ولو لفترة مؤقتة، سيجبرنا على البحث عن طريقة أخرى وقيادة تتحلى بالشجاعة للسير فيها. حركة الاحتجاج الكبيرة قبل الحرب والتطوع المثير للإعجاب خلالها، أثبتت بأن هناك من يؤمنون بوجود طريق وأن هناك من سيقودنا فيها.

 يوسي كلاين

هآرتس

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى