الحرب تدمر البيئة في غزة وسورية واليمن

> "الأيام» فرانس برس، العربي الجديد:

> تشهد الدول التي تعاني من ويلات الحرب، صراعاً آخر تظهر آثاره على البيئة، حيث يشهد قطاع غزة واليمن وسورية وأوكرانيا، وهي في الخطوط الأمامية للاحترار المناخي، ندرة المياه والجفاف وتقلص الأراضي الزراعية واحتراق الغابات والفيضانات.

وتغتنم الدول والمناطق الغارقة في الحروب فرصة مشاركتها في مؤتمر المناخ "كوب 28" في دبي، لتسليط الضوء على مساهمة الحروب في مفاقمة تداعيات التغيّر المناخي.

الحرب على غزة تدمر البنية التحتية

في الجناح الفلسطيني في مدينة "إكسبو دبي"، وهو الأول من نوعه في مؤتمر دولي للمناخ، كُتب على الجدران "حقوق المناخ: على الطرف الآخر"، في إشارة إلى انتهاك الاحتلال الإسرائيلي لحقوق الفلسطينيين.

وقالت عضو الوفد الفلسطيني في المؤتمر خبيرة المناخ هديل خميس لـ"فرانس برس": "خطط مكافحة تغير المناخ وُضعت بناء على ما كان موجودًا على الأرض"، لكن منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر، "لم يتبقَ أي شيء" في قطاع غزة، مضيفة: "هُدمت البنية التحتية من محطات تحلية مياه البحر ومحطات معالجة المياه العادمة ومحطات حصاد مائي وآبار".

وأكد رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر روبير مارديني أنّ "بعض المشاريع الصغيرة المدعومة من اللجنة ساعدت في السنوات الماضية المجتمعات المحلية في مواجهة عواقب تغير المناخ"، مضيفًا: "للأسف، توقفت هذه المشاريع الآن" نتيجة الحرب.

وأشار إلى أن "قطاع غزة هو المكان الذي تشكّل فيه موارد المياه المتضائلة وتردّي جودة المياه والظواهر المناخية غير المتوقعة تحديًا فعليًا"، موضحاً أن هذا يؤثر على "جودة المحاصيل الزراعية والأمن الغذائي".

في المقابل، رفض مبعوث الاحتلال الإسرائيلي للمناخ جدعون بحار، على هامش إحدى فعاليات المؤتمر، الربط بين الحرب والمسائل المناخية.

لبنان: الفوسفور الأبيض يدمر الأراضي الزراعية

وفي لبنان، تعرّض المواجهات شبه اليومية التي تشهدها المنطقة الحدودية الجنوبية اللبنانية بين حزب الله وإسرائيل منذ اندلاع الحرب في غزة، الأراضي الزراعية لحرائق وأضرار بيئية أخرى.

وفي كلمته في "قمة القادة" خلال كوب 28، أكد رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي أن استخدام الفوسفور الأبيض أدى إلى "إلحاق أضرار لا يمكن إصلاحها بأكثر من خمسة ملايين متر مربع من الغابات والأراضي الزراعية وآلاف أشجار الزيتون".

وتُعتبر الذخائر التي تحتوي على الفوسفور الأبيض أسلحة حارقة تدمّر المحاصيل الزراعية والماشية، لكنها غير محظورة.

اليمن.. المياه الجوفية في طريقها للنفاد

ويعد اليمن أيضاً من الدول الأخرى الغارقة في الحروب والأكثر تأثرًا بتغيّر المناخ، حيث شهد في السنوات الأخيرة زيادة في تكرار وشدة هطول الأمطار.

وأواخر أكتوبر، أسفر الإعصار "تيج" عن قتلى وجرحى وتسبّب بنزوح نحو عشرة آلاف شخص، إضافة إلى عزل مدن بأكملها عن محيطها.

وقال وزير المياه والبيئة اليمني توفيق الشرجبي لـ"فرانس برس": "تسهم النزاعات بشكل كبير في زيادة معاناة المواطنين من خلال تأثيرها على الموارد البيئية عمومًا وموارد المياه بشكل خاص".

وبحسب الأمم المتحدة، فإن المياه الجوفية في اليمن تُستنفد بمعدل ضعف معدل تجديدها. وبالوتيرة الحالية، يمكن أن تنفد في غضون عشرين عامًا.

واندلع النزاع في اليمن عام 2014. وسيطر الحوثيون المدعومون من إيران على مناطق شاسعة في شمال البلاد بينها العاصمة صنعاء. وفي العام التالي، تدخّلت السعودية على رأس تحالف عسكري دعمًا للحكومة، ما فاقم النزاع الذي خلّف مئات آلاف القتلى.

"حرب على البيئة" في سورية

وبعد أكثر من عقد من نزاع دامٍ تسبّب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية، تعاني سورية من أضرار بيئية لا تُحصى.

وانخفض الإنتاج الزراعي في سورية بنحو 50% خلال السنوات العشر الأخيرة، بحسب متحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر سهير زقّوت.

وأظهرت دراسة لشبكة "وورلد ويذر أتريبيوشن" (WWA) أن الجفاف المتفاقم جراء النزاع في سورية تسبّب حتى سبتمبر  2022، بنزوح نحو مليوني شخص من المناطق الريفية.

وأكد معاون وزير الموارد المائية السوري جهاد كنعان لـ"فرانس برس" أن "العصابات قامت بتدمير ممنهج لمنشآتنا المائية... ما تسبب بتملّح الأراضي وتعطل أقنية الصرف الصحي".

"إبادة بيئية" في أوكرانيا

وخُصّص جناح أوكرانيا في مقرّ "كوب 28" للتنديد بما اعتُبر "إبادة بيئية" خلال الغزو الروسي، وفق ما كُتب على أحد الجدران.

وأكدت نائبة وزير البيئة فكتوريا كيرييفا على هامش المؤتمر الاثنين أن الحرب مسؤولة تقريبًا عن "150 مليون طن" من انبعاثات مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وهي كمية تتجاوز الانبعاثات السنوية في بلجيكا على مدى عام.

ووُضع في وسط الجناح مجسّم يُظهر نصف منزل، في ما يعكس حجم الفيضانات التي أغرقت قرى بأكملها عندما تسبّبت انفجارات بتدمير سدّ حيوي في جنوب أوكرانيا في يونيو الماضي. وتبادلت كييف وموسكو الاتهامات بالوقوف خلفها.

وكان السدّ مرتبطًا بمحطة كاخوفكا للطاقة الكهرومائية التي كانت تغذي ملايين الأوكرانيين بالكهرباء والمياه، وفق ما تشير لافتة عُلقت في الجناح إلى جانب صور تُظهر القرى المغمورة بالمياه.

وتسببّت الحرب حتى الآن بأضرار في قرابة 30% من المناطق الحرجية و20% من الحدائق الطبيعية الوطنية، بحسب وزارة البيئة الأوكرانية.

وقدّر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في أوكرانيا كلفة الأضرار البيئية في البلاد حتى مطلع نوفمبر، بنحو 56 مليار دولار.

وأصبح "كوب 28" أول مؤتمر للمناخ يخصص يومًا للسلام في ما بدا وكأنه ربط بين الحروب وتغيّر المناخ ودعوة لتقديم المزيد من التمويل للدول المضطربة.

وتُحرم سورية واليمن وليبيا من التمويل الدولي المخصص للمناخ لأنها لا تستوفي شروط الجهات المانحة. إذ إن حكوماتها ضعيفة إضافة إلى وجود خطر أن تصل الأموال إلى أيدي السلطات الموازية غير المعترف بها دوليًا، أو الجماعات المسلّحة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى