قضية الجنوب في ظل الأحداث والمستجدات تدعو إلى ضرورة توحد كافة القوى الجنوبية

> في الوقت الذي تتسارع فيه الأحداث التي تشهدها المنطقة العربية والإقليمية، تحضر كثير من القضايا التي لم يكن لها وجود سابق، أو تتفعل وتبرز قضايا أخرى كانت لعقود زمنية ماضية في طي النسيان والتعثر.

وبما أن المتغيرات التي شهدها العالم في الآونة الأخيرة كبيرة إلى حد ما قد تقود في ذات الوقت إلى تأخير التعاطي مع قضايا أخرى هنا وهناك، قد تصبح ليست ذو أولوية نسبة إلى المصالح التي تنشأ وترتبط بقضايا جديدة تصبح ذات أهمية عن سابقاتها.

وبالفعل إذا نظرنا إلى الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة العربية وكذلك الإقليمية بالذات في الوقت الراهن فأننا نلمس مدى بروز بعض من تلك القضايا التي منحتها الظروف والعوامل المستجدة أولوية وأهمية بالغة قادت إلى تغييرات في سياسة صناع القرار في الدول الكبرى، التي تبحث عن مصالحها وموطئ قدم لها هنا أو هناك في خضم التنافس العالمي بالذات الاقتصادي بشقيه، البحث عن أسواق تجارية لتسويق بضائعها أو الاستحواذ والهيمنة على الثروات، وأهمها الوقود والمعادن أو حتى الموقع الاستراتيجي لهذه المنطقة وتلك.

وبما أن قضية الجنوب التي بالفعل اكتملت عناصر نشوئها أو نستطيع القول بتعبير آخر أنها أضحت مكتملة النضوج بفعل الأحداث التي رافقت مراحل تكونها بالذات في مطلع العقد الأخير، إلا أنها وفي ظل جملة من التداخلات مع قضايا أخرى ترتبط بها سواء بصورة عكسية أو مطردة فرضت عليها الدخول في تحديات جديدة وكبيرة في نفس الوقت وفرضت وتفرض عليها جملة من الحسابات والاجندات التي تجعلها في موقف لا يحسد عليه من تحقيق أي تقدم إذا ما ظلت القضية أسيرة التعاطي المحيط وفق لأولويات مصالح المحيط الخارجي، الذي ما انفك يمارس سياسة العصا والجزرة مع قوى جنوبية شملها دعم تلك الدول دون غيرها من القوى الجنوبية الأخرى، والتي وضع بعضها في طابور المناورة في إمكانية الركون إليها في حالة الاستغناء عن القوى التي يشملها دعمه، ليصبح الكل على مرمى من التعاطي الحذر الذي يجعل من هذه القوى الجنوبية مشلولة السياسة المستقلة، فتظل تسعى وتسخر كل جهودها واهتمامها في إثبات الولاء للدول الراعية، خوفًا من التخلي عنها والذهاب إلى غيرها.

هذا في حين تظهر كارثة أخرى لبروز قوى تدعي الاستقلالية في اتخاذ قراراتها والعمل لصالح قضية الجنوب بتجرد، لكنها في ذات الوقت تسخر جهودها لمحاولة إبراز فشل القوى الأخرى والتعاطي مع الواقع من منظور المناورة وفق صراع الأجندات الخارجية في محاولة منها التسويق لذاتها بإمكانية صلاحيتها أما لإحلال نفسها مكان القوى الجنوبية الأسيرة مع الداعمين الإقليميين أو مناورة قوى إقليمية أخرى والسعي لإرضائها لقبول تلك القوى الإقليمية بتبنيها، وهكذا تستمر القوى الجنوبية في ذات الدوامة التي تفقدها ميزان القوة والاستقلالية في التعاطي مع قراراتها وفق مبادئ وطنية محضة تقود دائماً وبشكل رئيسي إلى تحقيق مصالح قضية الجنوب، وصولًا إلى تحقيق الهدف الكبير للجنوبيين.

وأمام هذا الواقع الشائك المليء بتقاطع المصالح والسياسات يجب على الجنوبيين اليوم العودة إلى ترتيب أوراقهم بشكل منهجي سلس، يقوم وفق سياسة ذكية جدًا تستخدم فيها كل عناصر القوة للمناورة هنا وهناك، وهذا الأمر لا يتحقق إلا على ضوء قناعات تؤمن بأن قضية الجنوب يجب أن تحقق إنجازات حتى تصل إلى مرحلة النصر، وأن الجنوب لكل الجنوبيين وأنه لابد من وجود ميثاق وطني حقيقي، يضمن للجميع عدم المساس بحقوقهم في نهاية المطاف، وأن على القوى الجنوبية التي تحظى بالدعم اليوم، وتمتلك الإمكانات أن تبادر إلى هذا الأمر قبل فوات الأوان، طالما والأحداث المتسارعة تفرض كل يوم صور واستحقاقات جديدة، قد يجد الجنوبيون أنفسهم في يوم ما في آخر الطابور، إن لم يصبحوا في سلة المهملات حينها لا يجدي عض أصابع الندم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى