​"رويترز" و"فرانس برس": قذيفة دبابة إسرائيلية قتلت عصام العبدالله

> «الأيام» النهار:

> ​العفو و"هيومن رايتس ووتش": الهجوم بمثابة "جريمة حرب"
> أكد التقريران النهائيان لوكالتي "رويترز" و"فرانس برس" نشرت خلاصتهما أمس، أنّ الضربة التي قتلت في 13 الماضي الصحافي في وكالة "رويترز" عصام عبدالله (37 عامًا) وأصابت 6 صحافيين آخرين، بينهم مصوران لـ"فرانس برس"، نجمت عن إطلاق قذيفتين في تتابع سريع من دبابة للجيش الإسرائيلي، بينما كانوا يصورون قصفًا عبر الحدود.

وجرح في الضربة أيضًا مصورًا للوكالة كريستينا عاصي (28 عامًا) التي بترت ساقها اليمنى ولا تزال في المستشفى، وديلان كولنز، ومصورا وكالة "رويترز" ماهر نزيه وثائر السوداني، ومراسلة قناة "الجزيرة" كارمن جوخدار وزميلها المصور إيلي براخيا.

وتحدثت "رويترز" مع أكثر من 30 من المسؤولين الحكوميين والأمنيين والخبراء العسكريين والمحققين في الطب الشرعي، إلى جانب محامين ومسعفين وشهود للتوصل إلى رواية مفصلة عن الحادث.
وراجعت لقطات فيديو مدتها ساعات من ثماني وسائل إعلام كانت في المنطقة في ذلك الوقت، ومئات الصور التي التقطت قبل الهجوم وبعده، وتشمل صورًا عالية الدقة بالأقمار الصناعية.

وفي إطار تحقيقها، جمعت الوكالة أيضًا أدلة من مكان الحادث وحصلت عليها، بما في ذلك شظايا على الأرض وأخرى في سيارة "رويترز" وثلاث سترات واقية من الرصاص وكاميرا وحامل ثلاثي القوائم وقطعة معدنية كبيرة.

وفحصت المنظمة الهولندية للبحث العلمي التطبيقي (تي. إن. أو)، وهي مؤسسة بحثية مستقلة تختبر الذخائر والأسلحة وتحللها مصلحة عملاء مثل وزارة الدفاع الهولندية، تلك المواد لمصلحة "رويترز" في مختبراتها في لاهاي.

وكانت النتائج الرئيسية التي توصلت إليها هي أن القطعة المعدنية الكبيرة كانت عبارة عن جزء من ذيل قذيفة دبابة عيار 120 ميلليمترًا وأطلقها مدفع دبابة متمركزة على بعد 1.34 كيلومتر من المراسلين عبر الحدود اللبنانية.

وعرضت الوكالة على الجيش الإسرائيلي النتائج التي توصلت إليها أن قذيفتي الدبابة أطلقتا من داخل إسرائيل، وطرحت أسئلة تفصيلية إضافية منها هل كانت القوات الإسرائيلية على علم بأنها تطلق النار على الصحافيين؟
وقال اللفتنانت كولونيل ريتشارد هيخت المتحدث الدولي باسم الجيش الإسرائيلي "نحن لا نستهدف الصحافيين". ولم يقدم مزيدًا من التعليقات.

وكانت المجموعة مؤلفة من سبعة صحافيين من وكالة "فرانس برس" و"الجزيرة" و"رويترز" وارتدوا سترات زرقاء واقية من الرصاص وخوذات، وكتب على معظمها كلمة "برس" أو صحافة بأحرف بيضاء. وكان هناك مراسلون من سبع وسائل إعلام أخرى على الأقل في علما الشعب ومحيطها في ذلك اليوم.

وقالت أليساندرا جالوني رئيسة تحرير "رويترز": "الأدلة التي لدينا الآن والتي نشرناها اليوم تظهر أن طاقم دبابة إسرائيلية قتل زميلنا عصام العبدالله".

وأضافت: "نندد بمقتل عصام، ندعو إسرائيل إلى توضيح كيف حدث هذا، ومحاسبة المسؤولين عن مقتله وإصابة كريستينا عاصي من وكالة فرانس برس، وزميلينا ثائر السوداني وماهر نزيه، والصحافيين الثلاثة الآخرين".
وتابعت قائلة: "كان عصام صحافيًا لامعًا وشغوفًا، ومحبوبًا جدًا في رويترز".

وقالت "فرانس برس" إن الأدلة التي جمعتها "رويترز" تؤكد تحليلها الخاص للحادث.

وقال مدير الأخبار العالمية لـ"فرانس برس" فيل شتويند "من الضروري للغاية أن تقدم إسرائيل تفسيرًا واضحًا لما حدث. استهداف مجموعة من الصحافيين الذين جرى تحديدهم بوضوح على أنهم إعلاميون أمر لا يمكن تفسيره وغير مقبول".

وقال احتشام هبة الله رئيس قسم العلاقات الدولية في شبكة "الجزيرة": "تحقيق رويترز في هجوم 13 يسلط الضوء على النمط المثير للقلق الذي تتبعه إسرائيل في استهداف الصحافيين عمدًا، في محاولة لإسكات من ينقلون الحدث".
  • إدجيرتون
وقالت خبيرة القانون الجنائي الدولي كارولين إدجيرتون التي عملت في قضايا جرائم الحرب في البلقان، إن تصوير مواقع الدبابات الإسرائيلية على الحدود ربما كان يعد تهديدًا للجيش الإسرائيلي إذا اعتبرت هذه المعلومات "ذات قيمة في عملية الاستهداف للقوات في لبنان".

واستطردت في ردود مكتوبة على أسئلة "رويترز" قائلة: إن إطلاق قذيفتين متتاليتين على مجموعة من الصحافيين جرى تحديد هويتهم بوضوح، "يمثل انتهاكًا واضحًا للقانون الإنساني الدولي، وقد يرقى أيضًا إلى مستوى جريمة حرب تتمثل في مهاجمة مدنيين".
  • 37 ثانية
في 13 أكتوبر، أدت التقارير عن تسلل مقاتلين من "حزب الله" إلى إسرائيل وما تلاه من قصف عبر الحدود، إلى توافد مراسلين ما لا يقل عن عشر مؤسسات إخبارية لبنانية ودولية إلى المنطقة داخل علما الشعب وما حولها. وشملت تلك المؤسسات هيئة الإذاعة الإيطالية (راي) وصحيفة "دي فيلت" الألمانية اليومية ووكالة "أسوشيتد برس".

وتوجه فريق من "رويترز" مكون من ثلاثة أفراد مع اثنين من وكالة "فرانس برس" إلى موقع شرق القرية، حيث كانت قناة "الجزيرة" تنقل بثًا مباشرًا للحدود في وقت سابق من ذلك اليوم.
بمجرد الانتهاء من التجهيزات، بدأت "رويترز" ببث لقطات حية للمشتركين في خدمة التلفزيون حول العالم الساعة 5.15 مساء (1515 بتوقيت جرينتش)، وكان البث المتواصل يظهر دخانًا متصاعدًا من خلف سلسلة أشجار إلى الجنوب وتخلله قصف بين حين وآخر.

بعد التصوير لمدة 45 دقيقة وسط طنين متواصل لطائرات مسيرة في السماء وطائرة هليكوبتر إسرائيلية تحلق في دورية، وجه فريق "رويترز" الكاميرا للتركيز على موقع عسكري إسرائيلي على بعد ما يزيد قليلًا عن كيلومترين في حانيتا، وصور دبابة تطلق قذيفة من هناك صوب جنوب لبنان.

وكان فريقا "فرانس برس" و"الجزيرة "ينقلان بثًا حيًا، ووجها كاميرتيهما في الوقت نفسه أيضًا لإظهار الموقع الإسرائيلي في حانيتا أيضًا.

وبعد أقل من 90 ثانية، سقطت القذيفة الأولى من دبابة في موقع آخر على عصام العبدالله، وجدار منخفض الارتفاع كان يتكئ عليه، ما أدى إلى مقتله على الفور وتعطيل البث المباشر لـ"رويترز".

كانت عدستا "فرانس برس" و"الجزيرة "مثبتتين على حاملين على بعد أمتار قليلة، وواصلتا البث والتقطتا سحبًا من الغبار تتصاعد خلفهما وسجلتا صرخات كريستينا عاصي مراسلة "فرانس برس" التي أصيبت بشظايا في ساقيها.
وبعد 37 ثانية، ضربت قذيفة ثانية سيارة "الجزيرة "لتشتعل النار فيها، وأوقفت بث "فرانس برس" وأطاحت كاميرا "الجزيرة"، ما جعلها تصور السحب في السماء وتسجل صرخات الصحافيين الجرحى وسبابهم.

وقال مصور "رويترز" ثائر السوداني ( 47عامًا) والمقيم في بغداد: "لماذا أصابونا؟ لماذا لم يطلقوا طلقة تحذيرية؟ إذا كنتم لا تريدوننا أن نلتقط صورًا، أطلقوا طلقة تحذيرية، لماذا ضربونا فجأة من دون سابق إنذار، ثم حاولوا القضاء علينا بالضربة القاضية؟".
  • ذيل القذيفة
اعتمدت الاستنتاجات التي توصل إليها علماء المنظمة الهولندية بشكل كبير على ثلاثة أدلة حاسمة وهي: ذيل قذيفة الدبابة المصنوع من الألومنيوم الذي حصلت عليه "رويترز"، وفيديو لم يسبق نشره قدمته هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيطالية (راي)ن أظهر نقطة انطلاق الضربة الثانية والقذيفة في أثناء إطلاقها، وصوت القذيفتين المأخوذ من البث المباشر لقناة "الجزيرة".

وتظهر مقاطع فيديو وصور التقطها السوداني وماهر نزيه مصور "رويترز" في الدقائق التي أعقبت الهجوم، ذيل القذيفة على الأرض قرب جثة عصام في حقل خلف الجدار المخفوض الارتفاع الذي ضربته القذيفة الأولى.

وقال نيك رينولدز، وهو زميل باحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، إن الألوية المدرعة التي ينشرها الجيش الإسرائيلي في شمال إسرائيل، مجهزة بدبابات ميركافا القتالية المزودة مدافع ذات تجويف أملس عيار 120 ميلليمترًا.

وقال ثلاثة خبراء عسكريين إنه لا يوجد سجل لاستخدام "حزب الله" دبابات بذخائر من عيار 120 ميلليمترًا. وقال الجيش اللبناني لـ"رويترز" إن أكبر قذيفة دبابة لديه من عيار 105 ميلليمترات وإنه لا توجد لديه دبابات متمركزة على الحدود مع إسرائيل.
  • دخان مدفع
حللت المنظمة الهولندية التسجيلات الصوتية لكلا الضربتين من البث المباشر لقناة "الجزيرة" إلى جانب الفيديو والصوت من لقطات شبكة "راي"، لتحديد الموقع الجغرافي لنقطة إطلاق القذيفتين.
كان صحافيو "راي" يصورون القصف عبر الحدود في 13 أكتوبر من علما الشعب، عندما سمعوا دوي الضربة الأولى وأداروا الكاميرا نحو صوت الانفجار.

وتُظهر اللقطات سحبًا من الغبار تتصاعد من خلف الأشجار حيث سقطت القذيفة الأولى، وتصاعد بعض الدخان إلى اليمين من موقع الإطلاق.
ثم التقطت الكاميرا الضربة الثانية، وأظهرت إطلاق القذيفة من المنطقة نفسها حيث كان الدخان لا يزال موجودًا في السماء، وأجزاء من سيارة "الجزيرة" تتناثر عاليا فوق الأشجار عند وقوع الضربة.

وباستخدام التسجيلات الصوتية لـ"الجزيرة"، قامت المنظمة الهولندية بحساب الفاصل الزمني بين صوت الضربتين ودوي الانفجارين من فوهة المدفع، لتحديد أن نقطة إطلاق النار كانت على بعد 1343 مترًا من المراسلين.
وقال إريك كرون كبير المحققين في حادث 13 أكتوبر من المنظمة الهولندية: "من خلال تحديد الاتجاهات، تمكنا من تحديد نقطة إطلاق النار التي تقع خلف الخط الأزرق للأمم المتحدة مباشرة".

في منطقة بعيدة
منحت "رويترز" الضوء الأخضر للصحافيين للذهاب إلى المنطقة خارج علما الشعب، لأنه قبل 13 تشرين الأول لم تشهد المنطقة أي تصعيد كبير ولم تكن حينها شديدة الخطورة.
وقالت في بيان: "لم يكن عصام في منطقة قتال نشط عندما أصيب. كان هو وزملاؤه إلى جانب صحافيين من وسائل إعلام أخرى في منطقة بعيدة عن الصراع النشط".

تحقيق "فرانس برس":
وأظهر تحقيق أجرته وكالة "فرانس برس" مع منظمة "إيروورز" غير الحكومية مدى سبعة أسابيع، عبر تحليل صور أقمار اصطناعية وست وسائل إعلام كانت موجودة في المكان في ذلك اليوم، مع شهادات صحافيين، وسكان ومصادر أمنية، وطرح أسئلة على عدد من الخبراء في الأسلحة. أن قذيفة دبابة من عيار 120 ملم مزودة زعانف ويستخدمها الجيش الإسرائيلي حصرا في المنطقة، استخدمت في الضربة القاتلة.

وفصلت بين القذيفتين 37 ثانية فقط، مما يؤشر، بحسب خبراء استجوبتهم "إيروورز" و"فرانس برس"، الى أن الضربة كانت محدّدة الأهداف، علما أنه كان واضحًا أن الأشخاص المتجمعين في المكان هم صحافيون.
  • العفو الدولية و"رايتس ووتش":
وخلص تحقيقان منفصلان أجرتهما كلّ من منظمة العفو الدولية ومنظمة "هيومن رايتس ووتش" واطلعت عليهما "فرانس برس" قبل نشرهما، إلى أن "الضربة إسرائيلية".
وندّدت "هيومن رايتس ووتش" "بهجوم متعمّد كما يبدو على مدنيين (...) يمكن أو يجب أن يكون محور ملاحقة في جريمة حرب".

وقال الخبير اللبناني رمزي قيس في بيان للمنظمة إن التحقيق الذي أجرته "يشير بقوة الى أن القوات الإسرائيلية كانت تعرف أو كان يجدر بها أن تعرف، أن المجموعة التي هاجمتها (كانت) من الصحافيين".

ودعت المنظمة "حلفاء إسرائيل - الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وألمانيا" الى "تعليق مساعدتها العسكرية لإسرائيل، بسبب خطر استخدام هذه الأسلحة لارتكاب انتهاكات خطيرة".
وقالت منظمة العفو إن الحادث كان "على الأرجح هجوما مباشرا على مدنيين، ويجب التحقيق فيه باعتباره جريمة حرب".

وأكدت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة آية مجذوب أن "المسؤولين عن موت عصام عبدالله وإصابة ستة صحافيين آخرين يجب أن يحاسبوا. لا يفترض بأي صحافي أن يستهدف أو يقتل لمجرد أنه يقوم بعمله. يجب الا يسمح لإسرائيل أن تقتل أو تهاجم صحافيين من دون محاسبة".

وقالت منظمة "أمنستي" في بيان: "الهجمات الإسرائيلية القاتلة على صحافيين يجب أن تشكّل محور تحقيق في جريمة حرب".

ولم يردّ الجيش الاسرائيلي عن سؤال لـ"فرانس برس" حيال نتائج التحقيق الذي أجرته.
ولفت مدير الأخبار في الوكالة فيل تشتويند الى أن "فرانس برس كانت شديدة الوضوح بأنها ستلجأ الى كل الوسائل القانونية التي تعتبرها ممكنة وضرورية، للتحقّق من إحقاق العدالة لكريستينا وعصام".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى