كيف يغير السجن شخصية الإنسان؟

> من المثير للاستغراب أن هناك القليل من الأبحاث وخاصة في اليمن حول كيفية تأثير السجن على شخصية الفرد الذي يقضي عقوبة ما، ومع ذلك فإن علماء النفس وعلماء الجريمة حول العالم يدركون على نطاق واسع مفهوم التعود على بيئة السجن، والذي ينتج عنه "متلازمة ما بعد السجن"، حيث في الغالب معظم السجناء يطورون سمات شخصية مؤسسية كعدم الثقة في الآخرين، وصعوبات في تكوين العلاقات، واتخاذ القرارات وصعوبة في التكيف مع الحياة الجديدة.

السجن لفترات طويلة يؤثر على شخصية الإنسان، ويجعل من الصعب عليه العودة إلى الحياة الطبيعية في المجتمع.

تخيل نفسك تعيش لأيام وشهور وسنوات فيها بدون مساحة خاصة بك، والقدرة على اختيار مع من تقضي الوقت معه وماذا تأكل أو أين تذهب.

أنت تعيش محاطًا بأسلاك مصحوب بالخطر المستمر والشك، والعاطفة والحب والعلاقات الإنسانية الوثيقة غير متوفرة عمليًا والعائلة والأصدقاء بعيدون، وحتى لا تصاب بالجنون يجب عليك أن تتغير وتتكيف مع هذه البيئة الجديدة القاسية والصعبة. لذلك الأشخاص الذين يقضون أحكامًا طويلة، وكانوا لا يثقون بأي شخص في الزنزانة، بعد إطلاق سراحهم يجدون صعوبة كبيرة في الثقة بالناس خارج السجن.

التأثير النفسي لتجربة السجن بالنسبة لقلة من الناس تمر دون أثر ولا تغير في الحالة النفسية، بينما يعاني البعض من تبعات السجن لفترات طويلة، حيث يتغير الشخص بشكل كامل، لأن الحياة في بيئة منظمة بشكل صارم وخطيرة اجتماعيًا، تؤدي إلى تحول حتمي في الشخصية، وفي كثير من الأحيان حتى على الأشخاص ذوي الإقامة القصيرة في السجن.

على الرغم من أن التكيف النفسي يساعد الشخص على البقاء في السجن، إلا أنه يؤدي إلى نتائج عكسية في الحياة خارجه، بسبب السمات الرئيسية لبيئة الحجز، التي تؤدي إلى تغييرات شخصية، مثل فقدان حرية الاختيار، ونقص المساحة الخاصة، والوصم اليومي، وأيضًا الخوف المستمر من المجهول، والحاجة إلى إخفاء المشاعر وارتداء قناع القوة والثقة والحصانة، لتجنب سوء معاملة الآخرين، والامتثال لقواعد وإجراءات صارمة كل يوم.

الكثير منا يعتقد أن جميع المساجين أشرار وغير قادرين على العمل لصالح المجتمع، وهذا الرأي يبرره في الغالب الأحكام القاسية التي يتلقاها المساجين وتركيز الناس على هذا الجانب، لذلك أعتقد أن زيادة الوعي المجتمعي بقضية المساجين ودمجهم في المجتمع، سيؤدي إلى بذل جهود أكبر في البحث عن آثار السجن على الشخصية، وبالتالي سيساهم في إعادة تأهيل المساجين عند العودة إلى الحياة الطبيعية، وتقبل الناس لهم دون الخوف منهم أو التلميح بوصمة العار بعد الخروج من السجن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى