دعم فلسطين ينتشر بين المسلمين الأمريكيين وفي أماكن غير متوقعة

> «الأيام» القدس العربي:

> نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا أعده تيم كريغ وكلارا إنس مورس قالا فيه إن الشباب المسلمين في الولايات المتحدة يظهرون معارضة لإسرائيل في أماكن غير متوقعة.

ولم تحتمل أسماء زعيتر، 17 عاما، وهي تشاهد النزاع في غزة يتكشف أمام ناظريها، وقررت تنظيم احتجاج لدعم القضية الفلسطينية في مكان غير محتمل، في ساحة محكمة هانتسفيل في ولاية ألاباما. وشعرت زعيتر وهي من الجيل الثاني للفلسطينيين الأمريكيين بالخوف من عدم استجابة أحد لدعوتها، فقد كانت تعرف أن هانتسفيل هي بلدة محافظة ومعروفة بالنقاش الانقسامي المتعلق بالمعالم المتعلقة بالكونفدراليين وأكثر من النزاعات في الخارج.

ومع بداية الاحتجاج، حضر عشرات من المسلمين بمن فيهم نساء محجبات إلى ساحة البلدة، نهاية تشرين الأول/أكتوبر حاملين اللافتات التي تشجب الغزو الإسرائيلي لغزة. وجاء الإعلام المحلي وعرفت زعيتر أنها نجحت بربط بلدتها وسكانها المسلمين الذين يتزايدون بنزاع في النصف الثاني من الكرة الأرضية. وقالت “يعرف الناس أن هناك صوتا فلسطينيا في المدينة”، وتضيف زعيتر، وهي طالبة جامعية بجامعة ألاباما في هانتسفيل “كل واحد له صوت ويمكنه قول ما يشعر أنه الصواب مستخدما صوتنا”.

 وفي كل أنحاء الولايات المتحدة من عمق الجنوب إلى أبالاتشيا والمجتمعات الريفية نسبيا في وسط الغرب، ظهرت الاحتجاجات الداعمة لمحنة الفلسطينيين، بشكل يكشف عن توزع المسلمين الأمريكيين في قلب البلد. ونظم أبناء المهاجرين من الدول الإسلامية العديد من التظاهرات كدليل على الصحوة السياسية بين الجيل الجديد من الشبان الأمريكيين والذين يعملون على تشكيل الرأي العام الأمريكي دعما لوقف إطلاق النار في الشرق الأوسط.

والاحتجاجات المعادية للحرب في هانتسفيل وأوكسفورد بمسيسبي وبون أبالتشيا وفي نيويورك تخلق حسا مجتمعيا بين المسلمين الذين لم يحلموا وحتى وقت قريب بتجميع أعداد كبيرة دعما لقضاياهم. وقد صمموا اليوم على مواصلة نشاطاتهم وإظهار قوتهم السياسية في الفضاء العام. ويقول حماد تشاودري، 24 عاما، وهو من الجيل الثاني من الباكستانيين الأمريكيين “حقيقة عيشنا في الولايات المتحدة لا تعني أننا معزولون أو منفصلون”. وساعد تشاودري في تنظيم مظاهرة مؤيدة لفلسطين بجامعة ولاية أبالتشيا ببون حيث قال “نعيش في عالم معولم حيث يترك شيء صغير جدا أثره العظيم في مكان آخر”.

ويقول العلماء المسلمون إن ظهور النشاط هذا لم يكن متوقعا قبل عقد من الزمان وهو متجذر في انتشار العائلات المسلمة في الولايات المتحدة. فمن الموجات الأولى للمهاجرين المسلمين إلى الولايات المتحدة في السبعينات والتسعينات من القرن الماضي كانوا عادة ما يتجمعون في عدد من الولايات مثل نيويورك وميتشغان وكاليفورنيا.

ومثل بقية المهاجرين، فقد انتقل بعضهم مع مرور الوقت إلى أماكن أخرى بحثا عن وظائف وفرص أفضل. وفي الفترة الأخيرة، سكن المهاجرون من الدول ذات الغالبية المسلمة في الجنوب ووسط الغرب على أمل الحصول على مساكن بأسعار معقولة. وفي تحليل أجراه معهد بيو للاستطلاعات عام 2017، قدر عدد المسلمين الأمريكيين بحوالي 3.45 مليون نسمة، ثلاثة أرباعهم من المهاجرين أو أنهم أبناء مهاجرين. وبالمجمل فالسكان المسلمون هم شباب مع مجمل سكان أمريكا، حيث أظهرت دراسة بيو أن نسبة 35% هم ما بين 18- 29 عاما مقارنة مع 21% من مجمل السكان.

وفي بيانات جمعتها جمعية الإحصائيين للمؤسسات الدينية الأمريكية، واستعانت بها “واشنطن بوست” وجدت أن 234 منطقة أمريكية شهدت زيادة في عدد مراكز العبادة المسلمة منذ عام 2000. وهو ما يشكل نسبة 7% من مقاطعات البلاد. وفي 217 مقاطعة، تضاعف عدد المرتادين للمساجد في الفترة ما بين 2000- 2020.

وزاد عدد المساجد على مستوى البلاد منذ عام 2000، وذلك حسب معهد السياسة الاجتماعية والتفاهم، وهي شركة تقوم بدراسة المجتمعات المسلمة. وحصل أهم نمو ملاحظ في المناطق الصغيرة، حيث شهدت شبانا مسلمين يتحدثون عن محنة الفلسطينيين. ففي هانتسفيل، مثلا، هناك أربعة مساجد يرتادها حوالي 3.935 شخصا مقارنة مع 1.218 عام 2000. ويقول يوسف شهود، الأستاذ المساعد في جامعة كريستوفر نيوبورت، في نيوبورت نيوز بفرجينيا إن الشبان المسلمين “نضجوا” ويتحدثون عن سياسة الشرق الأوسط بطريقة لم يكن الجيل السابق قادرا على الحديث عنها. وقال شهود، 40 عاما، وهو مصري أمريكي إن الموجات الأولى للمهاجرين المسلمين ركزت بداية على تأمين الوظائف والاستقرار داخل الثقافة الأمريكية.

وبعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر شعر الشبان المسلمون تحديدا بضرورة “الامتزاج” ليصبحوا “سفراء لدينهم” وممارسة حياتهم بطريقة غير صدامية. و”كانت فترة شعر فيها الكثير من المسلمين بضرورة ترتيب البيت من الداخل وتثبيت أنفسنا أولا وأخيرا، وللبحث عما يعني أن تكون أمريكيا ومسلما” و”اليوم فالشبان في الجامعات والمدارس العليا يشعرون بالراحة بوضعهم ومستعدون لرفع أصواتهم والاحتجاج على عدد من القضايا”.

وقال خليل أبو عالية، من الجيل الثاني للفلسطينيين الأمريكيين ويحضر لدراسة الصيدلة بجامعة تينسي في أوكسفورد، البالغ من العمر 23 عاما إنه لم يكن يتصور أن تكون تجربته في الكلية ستؤدي به إلى ناشط معارض للحرب. وفي أثناء السنة التحضيرية، ذهب إلى اجتماع لجمعية الطلاب المسلمين ولديها 100 عضو، وشهد مسجد أوكسفورد زيادة في المصلين من 163 إلى 275 شخصا ومنذ 2000 حسب تحليل “واشنطن بوست”. و”قلت يا إلهي يوجد هنا مسلمون أكثر مما كنت أتصور” و”هو ما جعلني أفكر بأن أكون ناشطا”. وبسبب زيادة الضحايا في غزة قرر أبو عالية وطلاب الجمعية الإسلامية أن الوقت قد حان لاحتجاجات معادية للحرب في جامعة المسيسبي التي كانت في مقدمة الاحتجاجات المطالبة بالحريات المدنية في عقدي الخمسينات والستينات من القرن الماضي.

وقال أبو عالية “أحب أكسفورد، مسيسبي وبخاصة عندما تفكر بمكانها، فقد كانت محورية في أمر كهذا، ويمكننا أن نظهر أن الحوار مفتوح هنا”. وكانت أول تظاهرة صامتة حول “غروف” وهو متنزه مشجر ومرتبط بالحياة الطلابية. ومثل زعيتر، كان أبو عالية قلقا من استجابة الناس قبل أن يتجمع 50 طالبا وقفوا صمتا لإظهار التضامن مع الغزيين. وبعد أسابيع شعر أنه يحدث فرقا “عندما يفكر الكثير من الأشخاص، وبخاصة أبناء الأقليات مثلي بالجنوب، بالنمطيات والناس الجاهلين الذين لا يهتمون، بغيرهم من الناس”، مشيرا إلى أن الناس على خلاف هذا منفتحون على الحوار ويريدون الحديث والاستماع. وفي الأسابيع الأخيرة، أظهرت استطلاعات الرأي أن مواقف الرأي العام تغيرت لصالح وقف إطلاق النار.

وبحسب استطلاع لمجلة أيكونوميست- يوغف في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر فنسبة 65% من المواطنين مع اتفاق بين إسرائيل وحماس على وقف إطلاق النار، مقابل 16% معارضة وأخرى 19% ليست متأكدة. والدعوة لوقف إطلاق النار لا تعني أنها لا تدعم إسرائيل، فنسبة 38% متعاطفة معها و11% مع الفلسطينيين والبقية متعاطفة مع الطرفين. وهاجم نقاد التظاهرات المؤيدة لفلسطين واعتبروها معادية للسامية ومتعاطفة مع حماس. لكن المتظاهرين الجدد يرون أن هذا غير منصف “ليقولوا ما يريدون ولا يمكننا عمل أي شيء تجاه هذا سوى استخدام صوتنا والقتال ردا عليه”.

ولا يدعم المحتجون حماس ولا أساليبها واحتجاز الرهائن، كما أنهم لا يدعمون الرد الإسرائيلي وما يرونه ردا غير متناسب، وبدلا من ذلك فهم يريدون أن يظهروا أن المدنيين هم الذين سحقوا في هذا النزاع. ومع زيادة نشاطات المسلمين، واجه الناشطون الإسلاموفوبيا وصرخات تدعو للكراهية. وفي هانتسفيل تجمعت السيارات حول المحتجين وصرخوا على المتظاهرين ووصفوهم “بالمتعصبين”. وتقول سلمى تريش، 21 عاما، التي ساعدت في تنظيم التظاهرة في جامعة أبالتشيا إن البعض مر بسيارته وهو يصرخ بعبارات مهينة.

وتعتبر حملات التواصل الاجتماعي المحرك الأساسي في التنظيم، حيث حاول الناشطون ربط “فلسطين حرة” بحركة الاحتجاج العمالي والكفاح الاقتصادي في أبالتشيا. ويقول خرم طارق، المختص بمرض السرطان في بون، إن الحديث عن الحقوق الفلسطينية أصبح سهلا في مناطق نورث كارولينا لأن أعداد المسلمين تزايدت وأصبحت مستقرة. ولم يكن في بون مسجد قبل عامين، حيث تواصل مريض لطارق معه وأخبره أنه مسلم وتعرفا على حجم المجتمع والطلاب وعدد من اللاجئين الأفغان بشكل قاد لافتتاح المركز الإسلامي وضم مسجدا يشرف عليه كريم في تموز/يوليو 2022.

وفي بون التي يسكنها 18.000 نسمة مطعم يقدم الأكل الحلال ومخبز. وقال طارق إن نمو المجتمع المسلم يكشف عن نضج في الشتات بحيث فتح المجال أمام أبنائه لدعم القضية الفلسطينية وبحماس.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى