ديناميكيات معقدة تكبل التحالف البحري الأمريكي بالبحر الأحمر

> «الأيام» غرفة الأخبار:

>
سلّط الباحث المشارك في مركز بنجلاديش والشؤون العالمية (CBGA)، سيد ريان أمير، الضوء على ما وصفها بـ "الديناميكيات المعقدة" لمساعي الولايات المتحدة الأمريكية لإنشاء تحالف بحري، على خلفية هجمات جماعة أنصار الله اليمنية (الحوثيين) على السفن المتجهة إلى إسرائيل ردًا على عدوان الأخيرة الوحشي على قطاع غزة.

وذكر أمير، في تحليل نشره بموقع "أوراسيا ريفيو" أن الخطة الأمريكية لإنشاء التحالف تضمنت في البداية مشاركة من 10 دول، لكن سرعان ما ظهرت المخاوف لاحقًا بشأن غياب القوى البحرية العربية الرئيسية.

وأضاف أن مضيق باب المندب يتمتع بأهمية بالغة باعتباره حلقة وصل استراتيجية بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي عبر البحر الأحمر وقناة السويس ولموقعه بين شبه الجزيرة العربية والقرن الأفريقي، وهي منطقة تتسم بالعنف وعدم الاستقرار الدائمين، ولذا أصبح المضيق نقطة محورية لمختلف الحوادث الدولية، ما يسلط الضوء على أهميته في التجارة البحرية العالمية.

ويلعب المضيق دورًا حاسمًا في تسهيل 30 % من حركة الحاويات العالمية، لكن هجمات الحوثيين دفعت شركات كبيرة مثل: ميرسك تانكرز، وميرسك لاين، وإيفرجرين، وبريتش بتروليوم، لإعادة توجيه سفنها بعيدًا عن البحر الأحمر، واختيار طريق رأس الرجاء الصالح كبديل.

وفي الظروف العادية، يمر ما يقرب من 12 % من التجارة العالمية عبر قناة السويس، وبالتالي تشكل هجمات الحوثيين تهديدًا ملموسًا للسلامة التشغيلية لطريق القناة المصرية، الذي يربط بين أوروبا وآسيا.

وتستهدف جماعة "أنصار الله" اليمنية السفن المتجهة إلى إسرائيل في مضيق باب المندب، باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة، وذكر مسؤول حوثي كبير، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن الهجمات ستستمر حتى تتوقف جرائم الإبادة الجماعية في غزة ويسمح بدخول الإمدادات الأساسية إلى السكان المحاصرين.

ودعا التحالف البحري المقترح، بقيادة الولايات المتحدة "عملية حارس الرخاء"، جميع أعضاء القوات البحرية المشتركة، البالغ عددهم 38 قوة، للمشاركة، لكن 9 دول فقط أبدت استجابة، هي: البحرين، وكندا، وفرنسا، وإيطاليا، وهولندا، والنرويج، وإسبانيا، وسيشيل، والمملكة المتحدة، في ظل غياب دول شرق أوسطية مهمة عن التحالف.

فقد امتنعت مصر عن انتقاد هجمات الحوثيين علنًا أو المشاركة في التحالف البحري، على الرغم من الخسائر الاقتصادية المحتملة بسبب الاضطرابات في قناة السويس، كما لم تنضم السعودية للتحالف، وهي عضو في القوات البحرية المشتركة ولاعب رئيسي في الحرب الأهلية اليمنية، إذ تدفعها محادثاتها الأخيرة للسلام مع الحوثيين وجهودها المبذولة لتحسين العلاقات مع إيران إلى الحذر، فالانضمام إلى التحالف قد يعرض مفاوضات السلام للخطر، بل ويخاطر بشن هجمات الحوثيين على مستودعات النفط السعودية.

وفي المقابل، تدعو دولة الإمارات العربية المتحدة إلى اتباع نهج أكثر قوة ضد الحوثيين، رغم أنها ليست جزءًا من التحالف البحري، ما يظهر الاختلافات في النهج بين الرياض وأبوظبي فيما يتعلق بالتعامل مع الحوثيين.
ويشير أمير إلى أن موقف أبوظبي يعود إلى استيائها من الضعف الملحوظ في الاستجابة الأمنية لواشنطن والمخاوف بشأن هجمات الحوثيين على حقول النفط الإماراتية.

وإزاء ذلك، تشكل التعقيدات المحيطة بالتحالف البحري الذي تقوده الولايات المتحدة، إلى جانب تهديدات الحوثيين المستمرة، تحديات كبيرة للاستقرار الإقليمي، إذ تثير العواقب المحتملة لامتناع دول الشرق الأوسط الكبرى عن المشاركة تساؤلات حول فعالية عملية حارس الرخاء، وقد يكون للأزمة المطولة في المنطقة آثار بعيدة المدى على الأمن البحري والأنشطة الاقتصادية والعلاقات الدبلوماسية.

ومع استمرار تطور الوضع في البحر الأحمر، تظل ديناميكيات التحالف البحري بقيادة الولايات المتحدة واستجابة اللاعبين الإقليميين الرئيسيين غير مؤكدة.

ويخلص أمير إلى أن "الإبحار في المياه العكرة الناجمة عن التوترات الجيوسياسية والمصالح الاقتصادية والمخاوف الأمنية يتطلب تحليلًا دقيقًا وجهودًا دبلوماسية، ولا شك أن نتائج عملية "حارس الرخاء" سيكون لها تأثير على مستقبل الأمن البحري في المنطقة وستؤثر على الديناميكيات الجيوسياسية الأوسع في الشرق الأوسط".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى