​ليلة البحث عن النفق

>
​لم يكن يدر بخلدي أنني سأقف على ما رأيته بالمطلق فقد كان السؤال على المكان قائمًا على معرفتي المسبقة بها، رغم علمي بتغييرات ما تم بعد أحداث جسام ألمت به.

تحركت السيارة بنا من (خور مكسر)  نحو (جولدمور)  عبر (النفق) آااه وما أدراك عن النفق حين دخلناه، تذكرنا كل كوارث (عدن)  وما لحق بها لحظة دخول (العليين) له وما جرى بينهما من اتفاقيات انفرادية لحظتها ولعل قصة (حما.. مة) الشهيرة التي تداولها الناس هي تعبير صادم عن عدم التجانس في الفهم بينهما، وما نتج بعده من كوارث بالإنسان والمكان الجنوبي برمته.

لذلك فإن (النفق)  كان بمثابة الخطوة الأولى في الذهاب إلى تحقيق (المنجز). توالت التداعيات وأنا أمر عبره في الذاكرة وما روته الأخبار عنه ومضت بنا العجلات مهرولة نحو ذلك الشاطئ الجميل والمنشآت المساندة للجبل، وكنا نعتقد أن بغيتنا فيها لكننا أخطأنا الطريق تجاه ما نقصد.. وبدأنا نحدث خارطة البحث عن المكان الذي نقصده من خلال السؤال مستعينين بمقولة (الشبامي فتح فمك). حتى وصلنا هدفنا (بعد لأي) كما يقولون.

من خلال هذه الجولة من التجوال بين أزقة وشوارع التواهي المتهالكة، التي كانت جميلة يحتضنها البحر تذكرنا الكثير من الأحداث التي عصفت بها، وجعلتها تترآى بهذا البؤس منذ أن غادرها الإنجليز.

وصلنا إلى حديقة التواهي التي بدت الكآبة تخيم هي الأخرى عليها، وعلى الفور شاهدت المبنى الذي كنا ننشده (الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي) فهرولنا إليه مسرعين، لكننا قبله صادفنا رجلًا خمسينيًا بزي عسكري، حين سألناه وقبل أن نكمل، قال عند الصورة الكبيرة (للقائد الزبيدي)  اذهبوا.. حين وصلنا البوابة كان الجنود في استقبالنا وسألونا عن الاسم، وبدأوا يفتشون في كومة أوراق مبعثرة لا قبل لهم بترتيبها، حتى اهتدوا بعد معاناة الظلمة إلى الاسم، فأذنوا لنا بالدخول إلى ساحة المجلس، ثم دخلنا القاعة وعندها سألنا عن الموظفين، فأجابنا أحد المارة في الطابق العلوي فتصعب الأمر علي، لظرفي الصحي، فأرسلت ابني إليهم ليشعرهم بذلك، وجاءنا البشير بعدها بها.. لحظتها كانت امرأة في الخمسينيات قد دخلت وجلست بجواري، وقد كانت حالتها تشبه ما بي، وطلبنا لها الموظف وقد أتم لها ما أرادت.

بعدها خرجنا وركبنا سيارتنا باتجاه خورمكسر، مارين بالمعلا، وما أدراك ما المعلا! كانت العيون تحدق فيها وهي تسكب دموع الحسرة على ما هي فيه، كيف لا والجنوب كان يباهي بها مدن العالم..
قطعنا شارع المعلا حتى وصلنا الشابات الساحة الجميلة بخور مكسر، التي عمتها طفح المجاري بكل روائحه، وصعدنا فندق إقامتنا، ونحن نحدث أنفسنا أن من النفق نخلق الأمل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى