أحمد محمد سعيد الأصنج و(أريج عدن)

> يحيى قاسم سهل

> ولد أحمد محمد سعيد الأصنج في مدينة الشيخ عثمان عام 1323 هـ 1905 م وكان والده عميدًا لصيادي عدن، تلقى تعليمه في عدن وربطته بالأستاذ/ أحمد محمد العبادي، علاقة مبكرة وراسل عددًا كبيرًا من رواد التحرير الوطني في الوطن العربي وقد بادر في عام 1929 م بتأسيس نادي الإصلاح العربي الإسلامي لتحقيق أهداف أربعة هي:

يحيى قاسم سهل
يحيى قاسم سهل

- رفع مستوى الأخلاق.

- ومحاربة الدجل والخرافات والعادات الدخيلة.

- نشر العلم وتنشيط المعارف وتوسيع قاعدة المثقفين.

- توظيف العاطلين.

ترأس نادي الإصلاح العربي الإسلامي ودفع بأنشطته قدمًا في اليمن جنوبًا وشمالًا حيث ساند الأستاذ أحمد محمد نعمان بتأسيس أول مدرسة في ذبحان عام 1936م مدركًا أن (لا سبيل لانتشال أبناء اليمن من الهوة السحيقة التي يعيشونها إلا بالعلم) وعمل على إرسال أبناء اليمن للدراسة في البلاد العربية ففي 1938م سافر عدد من الطلاب للدراسة في الأزهر الشريف بفضل سعيه وكان الأصنج ناشطًا سياسيًا وموجهًا ثقافيًّا يتحسس آلام الفقراء ويساعد المنكوبين فكان حلقة وصل بين رجال المال والمحتاجين سواء في اليمن أو في المهجر.

أحمد محمد سعيد الأصنج
أحمد محمد سعيد الأصنج

وبسبب أنشطته الداعية للاهتمام بالتعليم وتطوير مدارس البنات ومواقفه المناهضة للاستعمار وتحت غطاء أجواء الحرب العالمية الثانية وجه البريطانيون في عدن أمرًا للأصنج يضعه تحت الإقامة الجبرية وحينما انفجرت الحرب الثانية ألزمته السلطات المحلية بتسجيل اسمه صباحًا ومساءً لدى الشرطة للتأكد من عدم مغادرته ولضبط أنشطته ولم يمنعه هذا من مواصلة عمله.

وقد احتفى الأصنج بالثعالبي الذي زار عدن في الثلاثينيات وقد سجل له التاريخ مكرمة تهريب بطل الريف المغربي الدكتور/ عبد الكريم الخطابي بشهادة واحد من مدبري العملية وهو محمد الطاهر الذي أكد أن الأصنج أرسل إليه رسالة من عدن إلى القاهرة يخبره بأن باخرة فرنسية تنقل بطل الريف من منفاه في المحيط الهندي إلى فرنسا وستمر بقناة السويس حددوا له موعدًا تقريبًا، ونجحت عمليه إنقاذ الخطابي بفضل الرسالة وجهود منفذي العملية.

وقد اهتم الأصنج بالنهوض ببلاد العرب وتوحيد الدول العربية وألقى محاضرة بهذا الشأن في نادي الإصلاح العربي الإسلامي بعدن عام 1357 هـ ليلة النصف من شهر رمضان المبارك منشورة في كتابه (أريج عدن) الذي نشرته مطبعة الجماهير عام 1960 هـ ص 23.

وقد أصبح عضوًا في المجلس الأعلى الاتحادي الذي أنشأته بريطانيا. وبعد الاستقلال زُج به في السجن وشلَّ وقضى نحبه في عام 1974م.

أريج عدن

أهدى المؤلف أحمد محمد سعيد الأصنج كتابه أريج عدن الصادر في عدن عن مطابع دار الجماهير للطباعة والنشر بتاريخ 5/121960 م إلى روح أخيه وجاء الإهداء على هذا النحو (إلى روح أخي الحبيب الأستاذ عبد المجيد محمد سعيد الأصنج تغمده الله بالرحمة والرضوان عاش عبد المجيد الأصنج إشعاعًا في هذه البلاد...إلخ) .

وكان عبد المجيد الأصنج (شاعرًا مجيدًا وكاتبًا قديرًا وعالمًا جليلًا).

وأشار في المقدمة إلى أنه سبق أنه أصدر كتابًا هو (نصيب عدن من الحركة الفكرية الحديثة) وطبعه في القاهرة عام 1934 م وذكر أنه (قدمه لي صديق حميم قديم هو الأستاذ محمد علي الطاهر المجاهد الفلسطيني المشهور وصاحب جريدة الشورى التي كانت تصدر في القاهرة) والكتاب كما يذكر مؤلفه (هذه عدة مقالات في مواضيع مختلفة حبرتها في أوقات متفاوتة وظروف متباينة جمعتها الآن وطبعتها لتبقى ذكرى لي وتسلية وربما ينتفع بها غيري) ويضم الكتاب بين دفتيه صورة للمؤلف وصورة لأخيه عبد المجيد مع الإهداء كما سبق وذكر تمهيدًا مكتوبًا شعرًا كتبه عبد الله محمد أحمد حاتم والمقدمة و 17 مقالًا وهي على النحو الآتي:

1 - السعادة كما أتصورها.

2 - الدفاع عن النبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم.

3 - حول النهوض ببلاد العرب.

4 - حول جامعة الدول العربية.

5 - بين جمال المرأة وجمال العلم.

6 - لبنان كما رأيته.

7 - الإحسان يا أهل الإحسان.

8 - على هامش المولد النبوي.

9 - من وحي رمضان.

10 - مشروع لتنظيم الزكاة.

11 - حول الحجاب والسفور.

12 - حول القومية العربية.

13 - مكارم الأخلاق.

14 - تحية عدن للرئيس جمال عبد الناصر.

15 - مشاهدات في الديار المقدسة.

16 - المدنية الزائفة.

17 - حكمة الصوم وفوائده.

وسوف نتناول ما ورد في مقاله الموسوم (مشروع لتنظيم الزكاة):

ويتلخص ما كتب في السؤال الاتي: لماذا لا تتكون جمعية تعاونية من خيرة شباب البلاد وشيوخها لاسيما رجال الدين ومن الأغنياء والتجار للنظر في مصالح البلاد؟ وذكر أنه قبيل عام 1939 م أي قبل الحرب العالمية الثانية عندما كان رئيسًا لنادي الإصلاح العربي الإسلامي الذي كان يضم عددًا لا بأس به من قادة الرأي ومن فئة المثقفين كان فكر في تأسيس جمعية إسلامية تعاونية لتقوم في تنظيم الزكاة المفروضة بحيث تجمع من المسلمين في البلد نصف ما على كل شخص من زكاة سنويًا وتترك له النصف الآخر يتصرف فيه بطريقته الخاصة وستصبح الجمعية بتوفر المال من الزكاة تتبنى إنشاء مستشفيات ومدارس ودور عجزة ورياض أطفال وترسل البعثات لطلب العلم في الخارج ... إلخ.

وقوبلت هذه الفكرة في بعض الأوساط بالرضا والقبول والمعارضة الشديدة من بعض رجال الدين الذين قالوا (لا يجوز أن يصرف المسلمون من هذه الزكاة للمشاريع الاجتماعية والخيرية...) وهنا بادر الأصنج وأرسل رسالة باسمه إلى لجنة الإفتاء بالأزهر الشريف بالقاهرة وجاءت الفتوى تجيز ذلك في سبيل المصلحة العامة ونشر رد الأزهر في الكتاب نقلا عن مجلة (نور السلام) التي تسمى حاليًا مجلة الأزهر.

وأشار إلى أن الحرب العالمية الثانية عام 1939م أدت إلى تعطل المشروع إلى جانب اعتقاله من قبل السلطات المحتلة من عام 1943 م إلى عام 1945م وأوضح أن اهتمامه بهذا الأمر يعود إلى رؤيته (الجاليات الأجنبية تعمل بجدو ونشاط وتؤسس الجمعيات التعاونية وتستثمرها لصالح أبنائها على مسمع ومرأى منا).

ومما ورد في رسالته لطلب الفتوى في دار الإفتاء في الأزهر(أن مرضى اليهود والمجوس والهندوس لا يعتمدون في أقواتهم وأسباب راحتهم على المستشفى الأهلي بل أن جمعياتهم الخاصة تواسيهم وتوفر لهم القوت اللازم والملابس وغير ذلك من أسباب الراحة وتشتري لهم حتى الأدوية التي لا توجد في المستشفى مع أن المسلمين لا يواسيهم أحد لا بالقوت ولا الثياب ولا شيء غيره وهكذا يذهب أكثر المرضى المسلمين ضحية الإهمال) تلك لمحة وصورة من نشاط الأصنج الاجتماعي المدني.

المراجع:

1 - الموسوعة اليمنية، الجزء الأول، مؤسسة العفيف الثقافية، الطبعة الثانية، صنعاء 2003م ص354.

2 - أحمد محمد سعيد الأصنج، أريج عدن، دار الجماهير للطباعة والنشر، عدن، 1960م.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى