​مجهولون أسسوا تنظيم الجهاد واختفوا.. تعرّف إليهم

> ماهر فرغلي:

> يقع كثير من المؤرخين لتاريخ تنظيم الجهاد في خطأ يتعلق بمؤسسيه وظهوره؛ إذ ينسبونه لمحمد عبدالسلام فرج، متجاهلين المجموعات التي ظهرت قبل هذا التاريخ، وكانت كلها متفرقة، لكن جمعها الفكر الجهادي والتأثر بفتاوى قتال التتار ومانعي الزكاة وغيرها، وهو ما يتعرض له هذا التقرير في الحديث عن مجهولين أسسوه واختفوا.
  • البرعي قائد أول مجموعة جهادية
كان صاحب وقائد أول جماعة جهادية منفصلة عن جماعة الإخوان هو نبيل البرعي، الذي يعتبر مؤسس جماعة الجهاد في مصر، وكان يبلغ من العمر وقتها 22 عامًا، عندما عثر أثناء مروره على سور الأزبكية بالقاهرة، على أحد كتب ابن تيمية، وكان في بدايات تدينه واهتمامه بقراءة كتب التراث، وما إن قرأه حتى أعجب بالرجل، وراح يبحث عن المجموعة الكاملة لقراءتها، مركزًا بصفة عامة على قراءة فتاواه الخاصة بالجهاد وقتال التتار والصليبيين.

رفض البرعي سياسات وآليات جماعة الإخوان مع الدولة، ورفض المرحلية في المواجهة، وآمن بعمل التنظيمات السرية العنقودية، ومن ثم دعا لتكوين جماعة سرية، بعد أن وضع كتيبات وأبحاثًا صغيرة كان يوزعها على أعضاء تنظيمه، استقى منها محمد عبدالسلام فيما بعد بعض الأفكار.
  • محمد عبدالسلام فرج
جند نبيل البرعي صديقه أيمن الظواهري، وسيد إمام الشريف، وغيرهما من الذين أصبحوا قيادات العمل التنظيمي المسلح.
كان البرعي مقيمًا بحي المعادي بالقاهرة عندما تعرف على إسماعيل طنطاوي، وعلوي مصطفى، بمسجد جمعية أنصار السنة المحمدية، بمسجد قولة بحي عابدين، وتوافقت أفكارهم.

وفق ما كتبه الجهادي السابق عبد المنعم منيب في كتابه التنظيم والتنظير، فقد ظل نبيل البرعي عنصرًا نشطًا، رغم كل الانشقاقات والمنعطفات التي مر بها التنظيم إلى أن ألقي القبض عليه إثر اغتيال السادات، وكان في بيته حينذاك عشرات الصناديق التي تحوي قذائف الآر. بي. جي المضادة للدبابات، وخرج من السجن بعد قضائه ثلاثة أعوام، ولم يعد له نشاط إلى أن توفي منذ عدة أعوام.
  • المؤسسون الأوائل
المؤسس الحقيقي لتنظيم الجهاد المصري هو إسماعيل طنطاوي، وكان وقتها طالبًا بكلية الهندسة جامعة الأزهر، حين التقى بعلوي مصطفى، ونبيل البرعي، ويحيى هاشم، ورفاعي سرور، وأسسوا التنظيم، عقب اختلافهم مع صالح سرية، حول عدة قضايا فقهية.

قاد طنطاوى تنظيم الجهاد الذي أسسه إلى حين هروبه من مصر إلى هولندا عام 1974 وحصوله على الجنسية الهولندية، حيث كان مطلوبًا لأجهزة الأمن على خلفية علاقته بصالح سرية قائد تنظيم الفنية العسكرية.
أما علوي مصطفى فكان طالبًا أيضًا بكلية الهندسة جامعة الأزهر، وكان دائم التردد على حلقات الشيخ محمد خليل هراس، وهو عالم أزهري كان رئيسًا لجمعية أنصار السنة المحمدية بمصر، والتقى في دروسه برفاعي سرور وأيمن الظواهري وغيرهما.
  • أيمن الظواهري
استمر علوي مصطفى بالتنظيم إلى عام 1974، حيث اختلف مع بعض القادة حول حكم قتلى الجيش في حرب عام 73 ضد إسرائيل، إذ كان له شقيق قتل بالمعركة وكفره باقي التنظيم، فانشق وانضم لإحدى الطرق الصوفية، وبعدها أعاد أيمن الظواهرى بناء وترتيب التنظيم من جديد، وشاركه في ذلك كل من عصام القمري، وسيد إمام، وأمين الدميري، الذين تعاونوا مع تنظيم محمد عبد السلام، منذ بداية عام 1981 وحتى اغتيال السادات.

عندما هرب إسماعيل طنطاوي إلى هولندا، وانشق علوي مصطفى، ظهر يحيى هاشم في الصورة كقائد جديد، وكان يعمل معاونًا بالنيابة العامة بالإسكندرية.

كان يحيى هاشم يؤمن بحرب العصابات وتثوير الجماهير، وخرج بمجموعة مسلحة للجبال، وحاصرت قوات الأمن أعضاء التنظيم في منطقة جبلية بمدينة أسيوط، ودارت معركة قتل فيها عام 1975.

 كما كان من أبرز المؤسسين مصطفى يسري، وهو من أسس مجموعة جهادية في مدينة الجيزة في نهاية الستينيات، وكان وقتها في الثانوية العامة، قبل أن ينضم بها لتنظيم اسماعيل طنطاوي.

 وسرعان ما استقل يسري عن تنظيم اسماعيل طنطاوي، حتى أسس صالح سرية تنظيمه في مطلع السبعينيات، وكان ساعده الأيمن في هذا التنظيم هو كارم الأناضولي، الطالب بالكلية الفنية العسكرية، الذي كان زميلًا له في المدرسة السعدية الثانوية، وقد ساهم ذلك في انضمامه لسرية.

عقب القبض على تنظيم الفنية العسكرية تولى مصطفى يسري، قيادة تنظيم الجهاد بما فيهم أيمن الظواهري، حتى عام 1980، عندما أصدر قرارًا بحل التنظيم، وحصل بعدها على الماجستير في الجراحة وعمل جراحًا إلى أن غادر مصر إلى إحدى الدول العربية ولم يعد لمصر حتى الآن.
  • عبد العزيز الجمل القائد الجوال
في موازاة المؤسسين الأوائل هناك شخصية جوالة ما تزال تلعب دورًا كبيرًا، وهو عبدالعزيز الجمل، من قرية كفر الأكرم التابعة لمركز قويسنا بمحافظة المنوفية في دلتا مصر، كان ضابطًا سابقًا بالقوات المسلحة، وعمل مترجمًا لطالبان لفترة. يقول عنه ابن سيد إمام الشريف في حوار مع الجريدة الكويتية في عام 1993، أقام معنا في باكستان الأخ أبو خالد عبدالعزيز موسى الجمل.

 عبد العزيز الجمل تم الإفراج عنه أيام حكم الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي، وأقنع سلطات الأمن آنذاك أنه سيذهب لزيارة زوجته اليمنية، وأولاده، إلا أنه بعد وصوله إلى صنعاء، فر منها إلى أفغانستان، وبعد فترة انتقل إلى سوريا بتكليف من الظواهري.

 وعبدالعزيز الجمل، هو ضابط سابق بالجيش، شارك في التخطيط لاغتيال الرئيس الأسبق أنور السادات، وهرب إلى أفغانستان، التي فقد فيها إحدى عينيه، ما جعله يعمل مترجمًا لحركة طالبان، وبعدها تم تسليمه من صنعاء عام 2002 مع مجموعة أخرى من قيادات القاعدة، وعقب اعتقاله نقل إلى ليمان طرة (جنوب القاهرة)، ليشارك فى إعلان مبادرة تتعلق بوقف العنف في البلاد، ولم يخرج إلا أيام الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي، الذي أخرجه بصفقة مع جماعة الجهاد.

 كان الجمل من مؤسسي مجموعة جهادية يقودها رائد في الجيش المصري هو عصام القمري، تشكلت نهاية الستينيات وحاولت القيام بعمليات فدائية ضد القوات الإسرائيلية فى السويس، وتعتبر إحدى المجموعات الأكثر تشددًا.

 ووفق بعض التقارير الإعلامية كان الجمل هو المسؤول الأول عن جميع معسكرات التنظيم، أثناء الحرب الأفغانية ضد السوفييت، لدرجة أن الكتائب التي كانت تابعة له لم تهزم قط أثناء عملياتها القتالية، حسب أقوال القيادي شوقي سلامة، عضو التنظيم في قضية "العائدون من ألبانيا" عام 1998 في اعترافاته أمام النيابة.

 ارتبط اسم الجمل مع عبود الزمر بمحاولة الهروب من سجن ليمان طرة عن طريق إحداث فتحة في السقف، ثم السيطرة على الدبابات المحيطة بالسجن، والتوجه منها إلى قيادة الحرس الجمهوري، وبعدها السيطرة على مبنى الإذاعة والتلفزيون ضمن خطة أحداث عام 1981، لكن الخطة اكتشفت قبل تنفيذها بيوم عن طريق أحد المدنيين.

 كما كان "أبو خالد المصري عبد العزيز الجمل"، شاهد النفي في قضية الجهاد الكبرى عن الدكتور أيمن الظواهري زعيم تنظيم الجهاد، حيث استدعته المحكمة لسماع شهادته عام 1984.

 ووفق موقع (24) سافر "أبو خالد المصري"، في عام 1985 إلى السعودية، لأداء العمرة، ومنها توجه لأفغانستان للمشاركة في عمليات الأفغان العرب، وبحكم كونه ضابطًا سابقًا في الجيش المصري، وحاصل على فرقة صاعقة، ومشارك في محاولة القيام بانقلاب عسكري عيّنه بن لادن، قائدًا عسكريًا لتدريب الأفغان العرب في بيشاور، وأصبح المسؤول الأول عن معسكرات التدريب الأربعة التي أنشأها في أفغانستان وهي؛ معسكر الفاروق، وأبو بكر الصديق، وخالد بن الوليد، وصلاح الدين، واحتوى كل معسكر على نحو 350 عنصرًا.

 وضع "أبو خالد المصري"، الكثير من الخطط التكتيكية والبرامج العسكرية التي تم تدريسها في الكلية الحربية المصرية، تحت إمرة تنظيم القاعدة، وعلى إثرها لقب بـ"الجنرال المجاهد"، وتم تعيينه قائدًا لجيش طالبان الذي نجح في اقتحام كابول عام 1996.

في قضية "العائدون من ألبانيا" ذكرت التحقيقات، أن "أبو خالد المصري"، وضع خطة عن إمكانية استخدام الطيران الشراعي، والانطلاق به من فوق جبل المقطم بالقاهرة، والهبوط به داخل سجن طرة، لتهريب قيادات التنظيمات الجهادية من السجن، وصدر بسجنه 15 عامًا في تنظيم "العائدون من ألبانيا"، في 18 (أبريل) عام 1999، ذكر والده في صحيفة "الشرق الأوسط" أنّ ابنه متزوج من مصرية تقيم معه حاليًا في الخارج ولم تزر مصر منذ 15 عامًا. وقال لديه 6 أبناء (3 أولاد و3 بنات).

لعل قصة نبيل البرعي، وعلوي مصطفى، ومصطفى يسري، وإسماعيل طنطاوي، وعبدالعزيز الجمل، تدفعنا لإعادة كتابة تاريخ هذه الحركات، ووضع أسس جديدة لقراءة أفكارها، وشخصياتها، والطبيعة التي نشأت فيها، والأسباب التي دفعتهم للهرب والاختفاء، ودفعت الباقين كالظواهري لمواصلة نفس الطريق وبذات الفتاوى.
* كاتب مصري – حفريات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى