عدن.. تآكل سريع للمنحة السعودية دون أثر يذكر على الوضع الاقتصادي

> عدن "الأيام" العرب اللندنية:

>
​تضمن تواصل انحدار قيمة الريال اليمني إشارات واضحة بشأن صعوبة مهمّة رئيس الوزراء اليمني الجديد أحمد عوض بن مبارك في إصلاح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالغة التعقيد في المناطق اليمنية الخاضعة للسلطة المعترف بها دوليا بقيادة رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي.

واقترب سعر العملة المحلية اليمنية من بلوغ سقف غير مسبوق وهو 1700 ريال مقابل كل دولار أميركي، ما مثّل إشارة محبطة لحكومة بن مبارك بالنظر إلى أنّ هذا التدهور جاء أياما بعد الإعلان عن دخول المساعدة السعودية البالغة ربع مليار دولار إلى البنك المركزي في عدن.

ويبدو أنّ الأوضاع في مناطق الشرعية بلغت من التدهور ما يجعلها مستعصية عن الإصلاح بمجرّد تلقّي مساعدات مالية غير مخصصة للاستثمار في التنمية وخلق الثروة وتوفير مناصب الشغل، بل موجّهة رأسا إلى الاستخدام في صرف رواتب الموظّفين وسدّ العجز في المخصّصات التشغيلية للأجهزة الحكومية.

وتحدّثت تقارير إعلامية محلية عن استنزاف سريع وفي ظرف أيام قليلة لقرابة المئة مليون دولار من المساعدة السعودية وذلك جرّاء السياسة المتّبعة من قبل البنك المركزي واعتماده على مزادات بيع الدولار في محاولته الحدّ من انهيار قيمة العملة المحلّية دون أن ينجح في الوصول إلى هدفه.

ويجري ذلك في ظلّ تراشق بين البنك وشركات الصرافة في مناطق الشرعية بشأن المسؤولية عن تدهور قيمة الريال اليمني.

واتّهم مسؤولون في البنك المركزي في عدن أصحاب تلك الشركات بالتلاعب بسعر الصرف والتحكّم فيه وفقا لمصالح شركاتهم وبهدف تحقيق أقصى ما يمكن من الأرباح في أقصر وقت ممكن. 

وردّت نقابة الصرافين الجنوبيين على تلك الاتّهامات ببيان اتّهمت فيه إدارة البنك بالعجز عن كبح المضاربين بالعملة واتّخاذ إجراءات فعّالة لمنع استفادة الحوثيين من مزادات الدولار عبر بنوك وشركات صرافة مرتبطة بهم.

ومن جهته لفت الخبير الاقتصادي اليمني مصطفى نصر إلى تفاقم ظاهرة التركيز على عملية المتاجرة بالعملة في مناطق السلطة الشرعية اليمنية على حساب المشاريع الاقتصادية المنتجة بالفعل، مؤكّدا أنّ عدد التراخيص التي منحتها الحكومة لشركات الصرافة في مدينة عدن بلغ مئتين وثمانية تراخيص في سنة 2023 وحدها، بينما لم يتم تسجيل سوى مشروع استثماري واحد في مجال صيد السمك بالمدينة مقابل عدم تسجيل أي مشروع في باقي المدن والمحافظات بمناطق الشرعية.

ولا يخلو تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في مناطق الشرعية اليمنية من تبعات محتملة على استقرار الأوضاع في تلك المناطق والتي تتميز بأوضاع هشّة نتيجة كثرة الصرعات داخلها.

وأدى انهيار قيمة الريال اليمني إلى موجة غلاء غير مسبوقة في أسعار المواد الأساسية غير المتوفرة أصلا بالكميات الكافية.

وبدأت مظاهر التذمّر والاحتجاج تظهر في عدد من تلك المناطق، حيث نظّم عمال وموظفون في القطاع العام بداية الأسبوع وقفة احتجاجية أمام قصر معاشيق مقر المجلس الرئاسي في عدن للمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية وانتظام صرف رواتبهم والترفيع فيها بما يتناسب والتزايد السريع في تكاليف المعيشة.

ورفع هؤلاء لافتات اشتكوا فيها حالة الفقر التي أصبحوا يعيشونها بسبب فقدان رواتبهم لقيمتها. 

كما هدّدوا بالدخول في إضراب شامل لجميع المرافق والمؤسسات الحكومية في حال عدم استجابة الحكومة لمطالبهم.

ويأتي ذلك بينما كشف تقرير أممي عن وصول نسبة الفقر في مناطق الشرعية اليمنية إلى مستويات منذرة بالخطر. 

وورد في تقرير قياس الفقر متعدد الأبعاد في اليمن الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومبادرة أكسفورد للتنمية البشرية أن نسبة الأفراد الذين يعانون من فقر متعدد الأبعاد تجاوزت 82 في المئة في تسع محافظات واقعة ضمن مناطق الحكومة المعترف بها دوليا.

وكانت المملكة العربية السعودية قد سارعت لتحويل ربع مليار دولار إلى البنك المركزي اليمني في عدن في خطوة ترافقت مع تعيين أحمد عوض بن مبارك على رأس الحكومة اليمنية خلفا لمعين عبدالملك، وذلك لمساعدته على ضبط الوضع الاقتصادي والاجتماعي في بداية عمله على رأس الحكومة.

وجاء ذلك بناء على حاجة سعودية إلى سلطة شرعية يمنية مستقرة ومتماسكة لتأمين مرحلة الخروج من ملف الصراع اليمني عبر تثبيت التهدئة النسبية القائمة في البلاد والعمل على إنجاح جهود السلام.

وسبق لأوساط متابعة للشأن اليمني أن حذّرت من وجود مخاطر حقيقية بأن يتجاوز سوء الأوضاع في مناطق الشرعية اليمنية الجانب الاجتماعي ليتحوّل إلى عجز لدى هياكل السلطة عن إدارة تلك المناطق، بما في ذلك الهياكل الأمنية والعسكرية التي طالت أفرادَها أزمة التضخّم وارتفاع أسعار المواد الأساسية في ظل اضطراب عملية دفع رواتب موظفي السلطة في أوقاتها المحدّدة.

ووضع العليمي معالجة الملف الاقتصادي والأوضاع المعيشية ووفاء الدولة بالتزاماتها بما في ذلك انتظام دفع رواتب الموظفين وتحسين الخدمات الأساسية، ضمن أولويات عمل حكومة بن مبارك.

لكن تحقيق تلك الأهداف يبدو الآن بعيد المنال في ظل تزايد التعقيدات والمشاكل وتفاقم الأوضاع المالية على عكس ما كان مأمولا عندما بادرت السعودية بتحويل مساعدتها إلى البنك المركزي في عدن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى